عاد الفنان حمودي الحارثي إلى بلده العراق وفي جعبته الكثير من الأفكار والنشاطات يكشف عنها في الحوار التالي.
بغداد: عاد الفنان العراقي حمودي الحارثي إلى بغداد لقضاء ثلاثة أشهر قبل المغادرة إلى مقرِّ إقامته مع عائلته منذ سنوات في هولندا، مؤكدًا حنينه واشتياقه إلى بغداد التي يقضي وقتًا طويلاً في السير في شوارعها ومحلاتها القديمة.
وأكد الحارثي أن من أعطى للمسلسلات التركية هذه المشاهدة الكبيرة بين الجمهور العربي هم الممثلون العرب أنفسهم الذين أدوا الـدوار المدبلجة بصدق الإحساس خصوصًا وأن اللهجتين السورية واللبنانية محببتان وجميلتان، مشيرًا إلى أن عودته إلى بغداد ستكون هذه المرة من أجل إعادة كتابة مسلسلات درامية وأعمال مسرحية فضلاً عن ترتيب الوثائق لديه لأنه يفكر حاليًا في كتابة مذكراته.
مرة أخرى تعود إلى بغداد تاركًا هولندا وراءك، لماذا؟
جئت إلى الحبيب العراق لأرى الوجوه الحلوة والثقافية والفنية والنيرة، ويسعدني جدًا أن أعود إلى العراق وأن التقي بالناس وبالمثقفين، يدفعني الشوق والحنين إلى كل الأماكن والذكريات.
ما جديدك الفني؟
طول المدة التي انقطعت فيها عن العراق تفرَّغت للكتابة والمتابعة الثقافية والفنية وبدأت بمشروعين، فأنجزت 30 حلقة تليفزيونية تقريبًا، والآن أنا في طريقي إلى إنجاز 30 حلقة أخرى لمسلسل ثانٍ، كما أعدت كتابة مسرحيتي التي تحمل عنوان quot;بابا زنكوquot; التي تدور أحداثها في منطقة quot;باب السيفquot; بالكرخ، وتتحدث عن هذه المنطقة البديعة التي تشغلها الآن بناية التقاعد العامة بعد ان هدموا المنطقة، وجرت فيها أحداث مهمة جدًا، وهذه المسرحية كتبتها قبل وفاة المرحوم سليم البصري لكي يمثل فيها. وخلقت شخصيتين من مسلسل quot;تحت موس الحلاقquot; هما ابن عبوسي الذي تزوج ابنة حجي راضي على عكس ما ظهر في مسلسل مشوه حيث ظهر أن إبن عبوسي تزوج من بنت أبو ضوية، وهذا خطأ لأن عبوسي نفسه متزوج من ضوية فكيف يحدث، وكان عليهم أن لا يتطرقوا إلى شخصيات حجي راضي وعبوسي وأبو ضوية، لأنها شخصيات خلقها سليم البصري.
هل لديك ما يشغلك عن الحنين والذكريات في بغداد؟
عدت الآن وعندي موضوع ثانٍ وهو مكتبتي ووثائقي وأوراقي، كما عندي ثلاثة أعمال أريد إعادة كتابتها، سبق لي أن قدمتها في الستينيات والسبعينيات في المسرح المدرسي، وقدمتها في ثانوية الكاظمية سنة 1960 ndash; 1961 وهي quot;الشعب لا يموتquot; عن الجزائر، وquot;السيدة والكلبquot; التي هي quot;الكونتة والكلبquot; التي مثلها المخرج العملاق صلاح القصب ومنير الشرجي وشخصيات أخرى من الكاظمية، وعندي مسرحية للاطفال كتبها الفنان الراحل نزار سليم شقيق الراحل جواد سليم، سأعيد كتابتها أيضًا، كما انني خلال هذين الشهرين أريد التفرغ لأرشيفي كي أنظمه فأنا أعمل على كتابة مذكراتي، وهي محاولات للإستقرار في بغداد.
لماذا لم نشاهدك في عمل درامي عراقي خلال السنوات الأخيرة؟
بصراحة عرضت عليَّ بعض الأعمال ولكننها لم تعجبني، فأنا لا أريد تشويه الصورة التي كوَّنها عني الجمهور، إلَّا إذا وجدت نصًا مميزًا فحتى لو كان دورًا ثانويًا فسأمثله، أريد دورًا يضيف لي أو أطرح شخصيتي الجديدة وأنا في هذا العمر، يجب أن تكون الشخصيات التي أمثلها محدودة ومركزة ومعروفة وتتماشى مع عمري وحياتي، أنا لا تهمني المادة بقدر ما يهمني الموضوع ، والأهم أن تقدم لي السيناريو.
هل لديك شروط معيَّنة في قبول المشاركة في عمل؟
أن يكون العمل معقولاً ويتقبَّله الجمهور، لا أريد أن يكون ساذجًا او سطحيًا، فالقضية ليست قضية إضحاك الجمهور بقدر ما يمكن طرح أشياء مهمة جدًا، الجمهور الآن بحاجة إلى كوميديا حقيقية ساخرة أو سوداء، يعني كوميديا الموقف التي فيها موضوع وفكر، وأعتقد أن طاقات الممثلين الرائعة موجودة ولدينا مجموعة شباب رائعين مثلما لدينا مخرجون على مستوى بديع مثل حسن حسني.
هل تفضِّل ما يقدم لك كوميديًا أو تراجيديًا؟
ليقدَّم لي أي عمل سواء كان كوميديًا أو تراجيديًا، المهم أن يضيف لي ولا يشوِّه الصورة التي لي عند الناس، فالعمل الناضج هو الذي يجعلني متحمسًا لأدائه، وللعلم لا يوجد عمل ليس فيه كوميديا، والدليل أمامك بالمسلسلات التركية التي غزت الشاشات العربية وفيها شخصيات كوميدية فضلاً عن الصدق.
كمخرج لماذا لم تحاول إخراج عمل درامي؟
عرضوا عليَّ إخراج عملين، ولكنني بعد قراءة النص اعتذرت لأنه لم يعجبني، لم يأتني نص جيد كمخرج أو كممثل لذلك اعتذرت.
على ذكر المسلسلات التركية، لماذا الناس مشدودة إليها، وهل هنالك أسرار معينة؟
السبب الوحيد في يكمن في دبلجتها إلى العربية المحملة بصدق إحساس الممثلين العرب، وهي أكثر ما حببها إلى المواطن العراقي، لقد شاهدت حلقتين أو ثلاثاً من مسلسل quot;فاطمةquot; باللغة التركية، لكن الممثلين لم يشدوني إليهم، ولم أشعر بتلك الحرارة التي أحسستها مع الممثلين العرب في أداء أدوارها وقد استطاعوا بصدق إحساسهم أن يعكسوا الواقع التركي بأسلوب سوري لبناني ممتع وجميل جدًا، على عكس المصريين الذين سبق لهم أن دبلجوا وفشلوا. درست في مصر سبع سنوات ورأيت كيف فشل المصريون في الدبلجة والترجمة، صحيح أن اللهجة المصرية معروفة جدًا ولكن فيها لدغات لا تفهم، فيما اللهجتان اللبنانية والسورية أنضج في الكلمات والجمل والتعابير، كما أن المكياج في الأعمال التركية طبيعي جدًا، فتجده مقنعًا جدًا، وهي أقرب إلينا من المسلسلات المكسيكية المدبلجة وأفضل، لذلك أتمنى على كل ممثل ومخرج وسيناريست وكاتب في العراق أن يستفيد من التجربة التركية، من العشق الممنوع والأوراق المتساقطة ونور وفاطمة وحريم السلطان، فهي مسلسلات تستوقف المشاهد لأن فيها ما يريده، مع التأكيد أنه لولا الدبلجة وقدرة الممثلين العرب على أداء الأدوار بصدق لما كان لهذه المسلسلات أي تأثير.
التعليقات