مهدي رجبيان
Mehdi Rajabian

يواجه الموسيقار الإيراني مهدي رجبيان السجن بسبب تأليفه الموسيقى والأغاني.في الحقيقة، أمضى رجبيان عامين في السجن، بما في ذلك فترةمن الحبس الانفرادي والإضراب عن الطعام، لإصداره أغانٍ لم توافق عليها السلطات الإيرانية، لكن ذلك لم يردعه عن تأليف ونشر الموسيقى.

وقال لبي بي سي نيوز: "لن أتراجع ولن أفرض رقابة على نفسي".

وكان رجبيان يعمل بالخفاء في قبو منزله في مدينة ساري، شمال إيران، لإصدار ألبومه جديد.

ويُطلق على الفرقة التي تقدم مؤلفات رجبيان oup Of The Gods ومعناه انقلاب الآلهة.

وتضم الفرقة أوركسترا برازيلية إلى جانب موسيقيين من كل من تركيا وروسيا والهند والأرجنتين ومغنيتين أمريكيتين هما ليزي أوفري وأوبري جونسون.

هاتان المغنيتان تحييان أغاني رجبيان المفعمة بالحزن والأسى وذات المدلول السياسي الجريء لأن الغناء النسائي محظور علمياً في إيران.

وعندما أعلن رجبيان عن نيته العمل مع المطربتين العام الماضي، تم توقيفه وتقديمه إلى المحكمة، واتهمه قاض بأنه "يشجع على الدعارة".

وبعد الإفراج عنه بكفالة، استمر في التسجيل، على الرغم من تهديده بالسجن.

وقال لبي بي سي: "اليوم، اكتمل الألبوم، وقد يعيدون اتهامي، لا يمكن التكهن بذلك حقاً، لكنني لن أتراجع...

إنه أمر مثير للسخرية أن نتحدث عن حظر الموسيقى في يومنا وعصرنا هذا".

الإضراب عن الطعام

بدأت محنة رجبيان في عام 2013 عندما داهم الحرس الثوري مكتبه وأغلق استوديو التسجيل الخاص به وصادر جميع أقراصه الصلبة.

في ذلك الوقت، كان يدير شركة تسجيل تدافع عن الموسيقيات وكان يعد ألبوماً موسيقياً يحمل اسم "تاريخ إيران" تلعب فيه آلة القيثار الدور الرئيسي وتناول الألبوم "عبثية" الحرب العراقية الإيرانية.

وزُج به في السجن بتهمة توزيع "موسيقى محظورة وقصائد كلماتها ومضامينها مسيئة للسلطات الإيرانية أو لدين البلاد".

يقول رجبيان إنه أمضى 90 يوماً في الحبس الانفرادي معصوب العينين ولم يشاهد ما كان يجري حوله.

أُفرج عنه بكفالة في نهاية المطاف، لكن في عام 2015 اعتقل مرة أخرى، وهذه المرة مع شقيقه المخرج حسين رجبيان وحُكم عليه بالسجن ست سنوات، بعد محاكمة استمرت ثلاث دقائق فقط.

واحتجاجاً على ذلك، أضرب الأخوان عن الطعام لمدة 40 يوماً. ويقول رجبيان إنه فقد 15 كيلوغراماً من وزنه وتقيأ دماً.

التحقيق مع مغنية إيرانية غنّت أمام السياح وهي ترتدي زيا تقليديا

مهدي رجبيان
Mehdi Rajabian
يقول رجبيان إن الآلة الموسيقية يمكن أن تكون بمثابة البندقية في الشرق الأوسط".

ألهمت التجربة بشكل مباشر أغنيته الافتتاحية في الألبوم الجديد "Whip On A Lifeless Body " أي (سوط على جسد ميت ). الأغنية حزينة ومؤثرة للغاية وتبدأ الأغنية بموسيقا لآلة التشيلو وتتصاعد مع مزيج هائل من الآوتار والأصوات البشرية.

يقول الموسيقي: الراوي في الألبوم "جسد بشري لم يعد له حضور مادي".

"في اليوم 29 من الإضراب، فتحت عيني ولم أعي ما إذا كنت حياً أم ميتاً؛ على الأرض أم في الجنة. كنت في غيبوبة. انتابني شعور غريب ... وهذا الشعور هو ما كنت أرغب في إيصاله من خلال هذه القطعة الموسيقية".

كما تسبب الإضراب عن الطعام في تورم مفاصل رجبيان، مما حرمه من إمكانية عزف الموسيقى بنفسه.

وبدلاً من ذلك، بدأ يكتب موسيقا أغانيه ويرسلها إلى موسيقيين متعاطفين معه من جميع أنحاء العالم ويسجلون الأجزاء الخاصة بهم ويرسلونها مرة أخرى إلى إيران، حيث يقوم رجبيان بدمج هذه الأجزاء وهي عملية شاقة للغاية بسبب بطء الانترنت والمراقبة المتوقعة من قبل السلطات الإيرانية.

إنها عملية طويلة وشاقة. ويقول رجبيان إنه تحدث إلى الأوركسترا البرازيلية "لساعات عن بعد" لشرح المشاعر التي أراد إيصالها".

ويقول: "كنت أبحث عن صوت جديد، موسيقى ليست مرتبطة بمكان معين، لا شرقية ولا غربية، حتى أنني حاولت اخفاء لهجتهم الغربية" وشجعتهم على الارتجال. كان الهدف خلق "شعور بالتحرر، شعور حقيقي".

هارفي ماسون جونيور مع جون ليجند
Getty Images
ساعد رئيس أكاديمية التسجيل هارفي ماسون جونيور (على اليمين) مع جون ليجند في إكمال الألبوم

تم جمع الألبوم وترتيبه من قبل المنتج الأمريكي هارفي ماسون جونيور، الذي كتب وسجل مع أريثا فرانكلين ومايكل جاكسون وبيونسيه وبريتني سبيرز. وانتخب، في وقت سابق من هذا العام أصبح رئيساً مؤقتاً لغرامي.

وقال هارفي ماسون لبي بي سي نيوز: "عندما تحدثت لأول مرة مع مهدي أثار اهتمامي، لكن عندما سمعت قصته أصبحت مفتوناً به، وأخيراً عندما سمعت موسيقاه، شعرت بالذهول".

"مهدي أبدع شيئاً مؤثراً وجميلاً في ظل ظروف صعبة جداً".

"سلاح الحقيقة"

ومن المقرر أن يصدر الألبوم يوم الجمعة، ويأتي بعد أسابيع فقط من سيطرة طالبان على أفغانستان، جارة إيران الشرقية. لقد حظر النظام الجديد بالفعل عزف الموسيقى في الأماكن العامة، ووصفها بأنها عادات "غير إسلامية". فيما قتل المغني الشعبي فؤاد أندرابي بالرصاص بعد أن سحبه عناصر طالبان من منزله حسبما ورد.

"المقاومة هي الحل الوحيد"

وقال رجبيان لبي بي سي نيوز العام الماضي، عندما أعلن عن الألبوم لأول مرة: "في الشرق الأوسط، يمكن للآلة الموسيقية أن تكون بمثابة البندقية".

ويضيف: "سينظر الناس إلى الوراء في يوم من الأيام، وسيدركون أننا لم نكتف بصنع الموسيقى، بل جلبنا الفلسفة والفكر للإنسانية بالموسيقى، ونقول لهم إننا لم نسكت في وجه القمع في أصعب الأوقات".

"الصمت في وجه القهر هو تواطؤ مع الظالم. لا يمكنني أن أصمت. الموسيقى هي سلاح الحقيقة الوحيد لمقاومة الخرافات".

في حين أن موسيقى رجبيان لا يمكن سماعها في وطنه، فإنه يأمل أن يتقبلها الناس في أماكن أخرى وتتفاعل مع رسائل التعاطف والقوة التي تحملها في طياتها..

ويقول: "إن سماع الناس لألبومي ومتابعتبي يساعدني على الشعور بأنني ما زلت على قيد الحياة وأن صوتي لا يزال مسموعاً".

"يمكنني أن أقول للعالم أنه لا توجد قوة دكتاتورية يمكنها إيقاف الموسيقى". "لقد تجاوزت جميع المحظورات والعقبات في السجن واليوم اعددت موسيقى جديدة للجمهور. حتى لو انتهى بي المطاف خلف القضبان مرة أخرى".