كان العالم بين تحفظ وترحيب وهلع وإثارة ورفض
أبحاث استنساخ الخلايا البشرية زائفة
نصر المجالي من لندن: ثلاث سنوات والعالم كله ينتظر إطلالة أول طفل مستنسخ، قد يكون هتلر أو صدام حسين أو مارلين مونرو أو ستالين أو ربما فولتير أو حتى ابن خلدون أو أي شخصية ذهبت عبر التاريخ وطواها النسيان أو تستذكرها حاضرة الزمن لإنجازاتها، وإذا كان العلماء المعنيون بالوراثة الجينية استطاعوا في بريطانيا استنساخ النعجة دوللي التي نفقت قبل عام، ومثل نظراء في الصين وكوريا الجنوبية واليابان في استنساخ ثيران وبقر وماعز، فإن الفضيحة العلمية تفجرت اليوم في كوريا الجنوبية،، فقد توصل محققون في هذا البلد الآسيوي اليوم إلى أن نتائج أبحاث استنساخ الخلايا الجذعية الجنينية، التي اعتبرت إنجازا غير مسبوق في وقت سابق هذا العام، هي نتائج مزيفة. وكانت معلومات عن استنساخ أطفال اثارت ذعرا في بلدان شرق أوسطية من بينها المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وكذا الحال في إيطاليا، وظلت مؤسسة كلونيد تصر على الدوام أنها نجحت في ذلك لكنها لم تظهر أي طفل مستنسخ أمام العالم.
وفي تفاصيل الحدث، فإن رائد علم الاستنساخ الكوري هوانغ وو- سوك انتقادات حادة، لكنه أكد أن التحقيق سيبرأ ساحته. لكن لجنة تحقيق من جامعة سيول الوطنية قالت إن البحث تم quot;تزيفه عن عمدquot; وإن هوانغ سيواجه إجراءات تأديبية. وعلى الفور خرج هوانغ معتذرا وأعلن أنه سيتنحى عن منصبه كأستاذ في الجامعة.
وقال هوانغ بعد إعلان نتائج التحقيق quot;أعتذر بإخلاص للشعب لتسببي في خلق صدمة وخيبة أملquot;. وأضاف quot;وكخطوة رمزية للتعبير عن اعتذاري، سأتنحى كأستاذ بجامعة سيول الوطنيةquot;.
وسبب الجدل هزات قوية في أنحاء كوريا الجنوبية حيث كان ينظر إلى خبير الاستنساخ الابرز على أنه بطل قومي. وكان البروفيسور هوانغ 40 مليون دولار كمنح من وزارة العلوم والتكنولوجيا وحدها منذ عام 2002.
| الكوري الجنوبي هوانغ اعتبروه بطلا قوميا |
وفي إبريل (نيسان) من العام 2004 كان علماء من كوريا الجنوبية أنهم استنسخوا أجنة بشرية واستخلصوا منها خلايا منشأ، في تطور يأمل منه الباحثون أن يحدث ثورة طبية. ووقتها اعتبرت التجربة - التي نشرتها المجلة الأميركية المتخصصة quot;Sciencequot; والتي تعتبر واحدة من أعرق الدوريات العلمية وأكثرها احتراماً، في عددها الصادر في ذلك الشهر إنجازا متقدما في استبدال الخلايا في المرضى الذين يعانون من أمراض تسبب دمار الأنسجة.
ويعتقد أن محاولات سابقة لخلق أجنة مستنسخة لاستخلاص خلايا منشأ كانت قد فشلت، بالرغم من مزاعم تدعي العكس، فيما يتوقع أن يجدد التقرير المنشور في مجلة quot;Sciencequot; الجدل الدائر في العالم حول الجوانب الأخلاقية. ومنذ سنوات تحاول الحكومة الأميركية إصدار تشريع يحظر كل أشكال الاستنساخ في الولايات المتحدة وحول العالم.
وكان علماء من الجامعة الوطنية في العاصمة الكورية سيؤول أعلنوا إنهم جمعوا قرابة 242 بويضة أخذت من 16 امرأة ونجحوا في خلق 30 جنينا في مراحل تكوينه الأولى. ومن هذه الأجنة استخلصوا مجموعة من خلايا المنشأ التي لها القدرة على النمو والتطور إلى أنسجة دون أن يتم رفضها من جهاز المناعة لدى أي مريض.
تجارب بريطانية
يذكر على هذا الصعيد أن الهيئة المشرفة على الاستنساخ البشري في بريطانيا قالت قبل أشهر، إنها تنظر في أول طلب لاستنساخ جنين بشري للحصول على خلايا يمكن استخدامها في الاختبارات الطبية. وقال فريق في جامعة نيوكاسل إنه سأل الهيئة إصدار رخصة له من أجل خلق أجنة يمكن الحصول منها على خلايا منشأ لاستخدامها في الأبحاث الطبية.
ويأمل الباحثون بالحصول إلى خلايا منشأ لإفراز مادة الإنسولين كي يمكن زرعها في مرضى داء السكري، وكانت بريطانيا قد شرعت الاستنساخ العلاجي في عام 2001، لتكون الأولى في العالم التي تقوم بذلك. لكن القوانين البريطانية تلزم العلماء الذين يريدون القيام باستنساخ علاجي بالتقدم لأخذ رخصة معينة بشأن ذلك من الهيئة المسؤولة، والتي لم تمنح أي فريق بحث بعد هذه الرخصة.
وفي حال منح تراخيص من أجل هذه الأهداف، فإن العلماء يمكنهم فقط استنساخ أجنة بشرية للحصول على خلايا منشأ للاختبارات الطبية. ويتم الحصول على الخلايا بعد أن يبلغ عمر الجنين عدة أيام، مما يعني عدم الوصول بعملية الاستنساخ إلى تطورها إلى جنين كامل، فالأجنة يسمح لها ببلوغ اليوم الرابع عشرة فقط.
وكانت أليسون مردوخ الاستاذة بجامعة نيوكاسل قالت آنذاك ان الطلب هو الأول من نوعه في أوروبا وانه قد يحدث معجزة طبية في مكافحة المرض الذي لا يمكن التصدي له بوسيلة أخرى. لكن هيئة الاذاعة البريطانية نقلت عن مردوخ قولها انه حتى اذا تمت الموافقة على الطلب في المستقبل القريب، فإن ظهور علاج فعلي باستخدام هذا الاسلوب في الاسواق، قد لا يتحقق قبل نحو عشرة أعوام.
وأضافت مردوخ quot;نحاول تخليق مواد تكون متطابقة جينيا مع الشخص الذي يحتاج إلى العلاجquot; مؤكدة ان فريقها لن يحاول انتاج أطفال مستنسخين بل مجموعات مما يطلق عليه خلايا المنشأ أو الخلايا الجذعية التي يمكن استخدامها في أي من أنسجة الجسم.
في السعودية
| ثمانية اجنة بشرية ميكروسكوبية كانت اعلنت عنها الجامعة في سيؤول |
ورغم ذلك، ردت الدكتورة بريجيت بواسولييه، رئيسة شركة quot;كلونيدquot; التي نفذت عملية الاستنساخ، بقولها أن الطفل ولد في مستشفى لم تذكر اسمه في الرياض، وهي أعادت إلى الأذهان الحديث عن نجاح أول عملية استنساخ أثارت الجدل وقالت quot;نعم تم استنساخ أول طفل في العالمط، واشارت إلى أن quot;الأب كان عقيماً، وكان بين أوائل الذين اتصلوا بي قبل أربع سنوات للاشتراك في برنامج الاستنساخ.quot;
وأضافت بواسييلير للصحيفة quot;الطفل السعودي هو رابع طفل مستنسخ في العالم، ونجهز العدة لتوليد مجموعة أخرى من الأطفال العرب عبر تقنية الاستنساخ التي أثبتت تحكمنا بها.quot;
وتعود بدايات القصة، بحسب واسولييه، إلى عام 1999، حيث quot;كان لدى الزوج تأهيلا علمياً مكّنه من امتلاك معرفة عميقة وخبرة جيدة بتقنيات التلقيح والاستنساخ، لذا كان متحمساً. وأضافت quot;التقيت زوجته في فرنسا يرافقها طبيبها السعودي لتقويم حالتها، ثم التقيت الأب لاحقاً واتفقنا على القيام بعملية التلقيح عبر الاستنساخ لإدراكه صعوبة إنجابه بسبب العقم.quot;
وأضافت quot;استخدمنا خلايا الأب وبويضة الأم، وأتى الزوجان لمدة عشرة أيام إلى باريس حيث أجرينا التلقيح وعادا إلى السعودية بعد انتهاء الزرع.. كل الحمل تم في السعودية، وكون الأم لا تعمل أتاح للحمل أن يجري في ظروف عادية.quot;
وأوضحت أن quot; الطفل، وهو ذكر، بصحة جيدة الآن، وتمت ولادته في أحد المستشفيات السعودية وكان أحد أفراد طاقمنا حاضراً عندما ولد الطفل.quot; وفي سبتمبر (أيلول) 2001 استؤنف الاتصال مع الزوجين السعوديين وتم الزرع في الربيع الماضي لتجري الولادة في 27 كانون الثاني (يناير) الماضي. وquot;الوالدان اللذان لا تسعهما الفرحة يفكران في طفل آخر قد يكون انثى هذه المرة.quot;
وتدعي بواسولييه، أن لديها العديد من الطلبات المقدمة من الوطن العربي رغم ما أثاره موضوع الاستنساخ من جدل أخلاقي وديني. فمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر حرّمه، في حين قبله محمد حسين فضل الله، أعلى مرجع شيعي في لبنان، بينما دانه الفاتيكان.
وتقول بواسولييه quot;هناك طلبات كثيرة تأتينا من العالم العربي، وهناك كثيرون في السعودية وشمال افريقيا وفي لبنان خصوصاً، وثمة قبول كبير لتقنيتنا على رغم الكوابح الدينية والاجتماعية.quot;
وفي إسرائيل
| معادلة الاستنساخ البشري العلمية |
وكشفت أيضا عن ولادة طفلين مستنسخين تزامنا مع ولادة الطفلة حواء. و لم تقدم أية دليل على استنساخ الأطفال أو وجودهم أصلا. وكانت بوسيليير قد أشارت إلى أن نتائج الحمض النووي (DNA) تظهر أن حواء طفلة مستنسخة، وتراجعت بعد ذلك بقولها إن أهل الطفلة خائفون من أن تأخذ المحكمة طفلتهم، وأضافت أنها لم تر غير شريط فيديو للطفلة حواء.
وكشفت بوسيليير عن مكان الطفلة أثناء شهادتها المختصرة بعد إلحاح القاضي المستمر. وبعد شهادة بوسيليير، أوضح القاضي جون فروسانتي في برود كاونتي انه ليس له الحق أو سلطة النظر في هذه القضية، وأضاف انه لن يعطي مصداقية لهذا الوضع أكثر مما أعطي.
ولكن القاضي الأميركي شكك بصدقية الشهادة التي أدلت بها بوسيلير، وخاصة أنها لم تر الطفلة بعينيها. ورفضت اليد: شركة توفير أية تفاصيل عن الطفلة حواء ولم يحضروها لإجراء فحوصات مستقلة لها.
وكانت شركة كلونيد أيضا صرحت في السنوات الأخيرة عن ولادة الطفل المستنسخ الثالث في اليابان، والطفلة الثانية كانت قد ولدت في هولندا. وكانت طائفة الرائيليين المؤيدة لعمليات الاستنساخ البشري، قالت إن الطفل الياباني استنسخ من صبي في الثانية من عمره، توفي قبل 18 شهراً في حادثة سير، وزرع في رِحم سيدة آسيوية، وليست يابانية الأصل.
يذكر أن مؤسس quot;كلونيدquot; هو رئيس الطائفة رائيل وهو صحافي فرنسي سابق، التي تؤمن بأن البشر من صُنع مخلوقات فضائية.
ثيران مستنسخة
يشار هنا إلى أن علماء في مدينة سان فرانسيسكو كانوا أيضا أعلنوا قبل خمس سنوات عن نجاحهم في أول عملية من نوعها تستهدف ما يطلقون عليه استنساخ الجيل، حيث أثبت نموّ ثور تمّ استنساخه عام 2000 من ثور مستنسخ آخر، أنّ الاستنساخ بالجملة عملية لا تقتصر فقط على الفئران.
وولد العجل الذي تمّ إطلاق اسم كميتاكافوكو عام 2000 ونما في ضيعة يابانية، غير أنه لم يجر الإعلان رسميا عن ولادته سوى الأحد، حيث أراد العلماء التأكد من أنه في صحة جيدة، ومن العادة أن تعاني الحيوانات المستنسخة من أمراض عديدة خطيرة ليس أقلها البدانة والهرم المبكر.
وقبل هذا الإعلان عن استنساخ الثور ، كانت الفئران وحدها من بين الحيوانات التي نجح العلماء في استنساخ جيل جديد من جيل مستنسخ سابق. وقال الباحث جيانغز هونغ يانغ من جامعة كونيكتيكت، والذي يعتبر واحدا من ثلاثة مسؤولين على دراسة تتضمن الأنباء الجديدة quot;لقد أثبتنا أن العملية ممكنة في أنواع أخرى.quot;
واستعمل البروفيسور يانغ مع زملائه 358 بويضة للتوصل إلى استنساخ ثور واحد، فيما فشلت محاولتهم في استنساخ ثور ثالث بعد استعمال 248 بويضة.وخلال عملية الاستنساخ، يقوم العلماء بتغيير خلية أصلية للبويضة بخلية من العينة التي يريدون استنساخها.
وفيما بعد، يتمّ التعامل كهربائيا مع البويضة بما quot;يجعلها تعتقدquot; أنه تمّ تلقيحها.وإذا ما سار كلّ شيء على ما يرام-وهو الأمر النادر- فإنها تتحول إلى جنين مماثل جينيا للعينة المستهدفة. ولكن فشلت جميع المحاولات السابقة في الاستنساخ بالجملة، فيما يأمل الأطباء في نجاحهم في تحديد الخلايا المسؤولة على ذلك الفشل.
عجل من بقرة صينية
وعلى هذا الصعيد أيضا، كان أعلن في العام الماضي عن أن بقرة صينية مستنسخة يطلق عليها quot;دوه دوهquot; ولدت عجلا في محافظة تساوشيان بمقاطعة شاندونغ شرق الصين. وكانت التقارير ذكرت أن العجل المولود للأم المستنسخة جاء بصحة جيدة، حيث بلغ ارتفاع العجل quot;ين لونغquot; 80 سنتيمترا، وطوله 90 سنتيمترا، ومحيط الصدر 85 سنتيمترا، ووزنه 49 كيلوغراما، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الصينية quot;شينخواquot;.
وأوضح القائمون على المولود الجديد، أن جميع المؤشرات السيكولوجية للعجل ليين لونغ التي تشمل عدد ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، والتنفس طبيعية.
ولم تكن تلك الحالة هي الأولى التي تشهدها الصين لهذا النوع من الولادات، فقد أوردت المصادر الصينية في شهر ديسمبر ( كانون الأول) 2003، إن عنزة مستنسخة يطلق عليها شيانغ شيانغ، قد أنجبت ذكرا بطريقة طبيعية في مدينة تشينغداو الساحلية بنفس المقاطعة التي شهدت ولاية العجل الجديد quot; شاندونغquot;.
وقال الخبراء بمركز سنمياو للتكنولوجيا الحيوية بالمدينة إن الذكر المولود، يزن 5.25 كيلو غراما وهو أكبر من المعتاد وإن جميع مؤشراته الفسيولوجية طبيعية.
والماعز تستنسخ
وأخيرا، فإنه في مارس (آذار) العام 2003 كانت مصادر صينية قالت إن عنزة مستنسخة يطلق عليها شيانغ شيانغ، قد أنجبت ذكرا في مدينة تشينغداو الساحلية بمقاطعة شاندونغ شرق الصين. وقال الخبراء بمركز سنمياو للتكنولوجيا الحيوية بالمدينة إن الذكر المولود، يزن 5.25 كيلو غراما وهو أكبر من المعتاد وإن جميع مؤشراته الفسيولوجية طبيعية.
وأضاف الخبراء أن الذكر بصحة جيدة ويستطيع الوقوف والسير لفترة قصيرة. وكان تم استنساخ شيانغ شيانغ من خلية جسدية لعنزة بالغة في 2 أكتوبر(تشرين الأول) من عام 2002. وأصبحت العنزة حاملا بعد تناسل طبيعي في يوليو (تموز) الماضي. وقال الخبراء إن شيانغ شيانغ تحمل جيناً له قيمة طبية عالية من المتوقع أن تحمله بعض ذريتها.




التعليقات