حيدر عبدالرضا من مسقط: أشارت بيانات وزارة الصحة الى أن عمان حققت تقدما في مكافحة السل، بحيث وصلت معدلات الشفاء من مرض السل الرئوي (التدرن) لأكثر من 90%، كما تم تحقيق81% من اكتشاف حالات السل في عمان، و بلغ إجمالي حالات السل الرئوي وغير الرئوي 285 حالة، وبلغ معدل الحالات الإيجابية البصاق 6.4 لكل 100000 من السكان العمانيين.

وقد تم إجراء 47 ألف فحص للبصاق وإجراء 5 آلاف اختبار مانتوكس خلال العام الماضي مما يدل على الجهود المبذولة لإكتشاف حالات جديدة بشكل مبكر وعلاجها.

وقال الدكتور علي باعمر مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل أن عمان تبذل العديد من الجهود لمكافحة التدرن من خلال الالتزام بنظام فعال وصارم في تشخيص الحالات وعلاجها، حيث تم تطبيق استراتيجية العلاج القصير الأمد تحت الإشراف المباشر بجميع مكوناته، بالإضافة إلى الفحص الدقيق والشامل للمحيطين والمخالطين للمرضى والمتابعة في الفحوصات الوبائية المفصلة لكل الحالات بغرض التعرف على مصدر العدوى وعوامل الخطورة.
ويعتقد البعض أن مرض السل مرض وراثي لكنه في الحقيقة مرض معدي ينتشر عن طريق الرذاذ المتطاير من المريض وعن طريق العطس أو السعال ويمكن أن يصيب أي شخص، ويهاجم الرئتين غالبا ولذلك يسمى بالسل الرئوي.

وأشار الدكتور علي باعمر إلى أن السل من اقدم الأمراض التي عرفتها البشرية، إذ أن إصابة شخص بمرض السل يشكل تهديدا بعدوى جميع من حوله، كما انه من أكثر الأمراض المعدية التي تؤدي إلى وفاة آلاف البشر كل عام، وخاصة الذين لا توجد لديهم مناعة قوية، ويزداد الوضع سوءا ما لم ننتبه لأسباب المرض وكيفية الوقاية منه.

وحول أسباب المرض يقول باعمر يصاب الشخص بمرض السل نتيجة تعرضه لجرثومة البكتيريا المعروفة بـ(مايكو بكتيريا تيبركولوزس) والتي تهاجم الرئة في اغلب الأحيان، وهي المصدر الرئيسي لانتشار العدوى، ويمكن أن تصيب أعضاء أخرى في جسم الإنسان مثل العظام والأمعاء والكلى والجلد والجهاز التناسلي خاصة عند الفتيات فيسبب بعض حالات العقم، مشيرا إلى أن السل ينتشر عبر الهواء، حيث تخرج جرثومة السل (التدرن) من رئة الشخص المصاب بالمرض عند السعال أو العطس أو البصاق أو الكلام أو حتى التنفس، وبإمكان هذه الجرثومة أن تبقى عالقة في الجو عدة ساعات مما يسهل انتقالها إلى الشخص السليم. وفي العادة يصاب الإنسان إذا تعرض لها لمدة طويلة، ولذلك فإن أفراد الأسرة الآخرين والعاملين مع المريض وأصدقائه يكونون أكثر عرضة لعدوى الإصابة بالمرض، مؤكدا هنا أن مرض السل لا ينتقل عن طريق الحشرات أو بنقل الدم أو المياه الراكدة كما يعتقد البعض.

كما أكد الدكتور باعمر أن إهمال الأهالي لتحصين الأطفال ضد المرض، وعدم توافر الشروط الصحية في المسكن والاكتظاظ البشري وسوء التغذية وأمراض الإيدز والسكري وتعاطي المواد الكحولية جميعها ظروف تسهل الإصابة بالسل.

وحول طرق الوقاية ومكافحة السل أوضح الدكتور أن هناك مجموعة من الخطوات العملية التي يجب اتباعها للوقاية من الإصابة من السل تتمثل في تحصين الأطفال بعد الولادة مباشرة، حيث أن هذا التجنب يمنع حدوث السل الحاد والمميت مثل السل السحائي والسل الدخاني، وعدم مخالطة المصابين، فضلا عن تناول غذاء صحي غني بالبروتينات والفيتامينات، ومراعاة توافر الشروط الصحية في المسكن كالنظافة والتهوية وغيرها، كذلك الابتعاد نهائيا عن تعاطي المواد الكحولية والتدخين.

وقد استضافت مسقط منذ أيام لاجتماع العاشر لمديري البرامج الوطنية لمكافحة السل بإقليم شرق المتوسط والاجتماع السادس لدول مجلس التعاون الخليجي حول مبادرة التخلص من السل، حيث خرج هذا الاجتماع بالعديد من الملاحظات والتوصيات المهمة حول مكافحة مرض السل على مستوى إقليم شرق المتوسط والمستوى الخليجي.

ويقول الدكتور باعمر على مستوى الاجتماع العاشر لمديري البرامج الوطنية لمكافحة السل بإقليم شرق المتوسط أكدت المجموعة الاستشارية الاستراتيجية الفنية لمكافحة السل على الدور الحيوي لمنظمة الصحة العالمية بوصفها قائدة السياسات الفنية لمكافحة السل في الإقليم مشيرة إلى أن إقليم شرق البحر المتوسط قد وضع استراتيجية شاملة لمكافحة السل. كما أوضح المجتمعون أن الالتزام بسياسات مكافحة السل وحشد الموارد في بعض الدول ما زال ضعيفا جدا، فضلا عن أن الكثير من المرضى يتلقون العناية من قبل مقدمي الخدمات ومنهم القطاع الخاص الذين لم يتم ايرادهم في الإحصاءات الوطنية وقد لا يكون علاجهم بالجودة المطلوبة.

ومن الناحية الوبائية كانت هناك العديد من الملاحظات فعلى الرغم من التطور الذي تم تحقيقه فان هناك العديد من دول الإقليم تشكل نسبة عالية من وباء السل والذي يصل إلى 85%، كما أن اكتشاف الحالات لا يزال دون النسبة المستهدفة والتي بلغت نسبتها 70% من الحالات، وبلغ 28% خلال العام الحالي فقط، وتوجد نسبة 85% من الحالات المقدرة في باكستان وأفغانستان والسودان والعراق والصومال، كما أن مرض الإيدز يؤثر على البرامج الوطنية لمكافحة السل في العديد من الدول.

ومن ناحية الشراكة على الصعيد الوطني لوحظ أن دول الإقليم لم تصل بعد إلى شراكة فعلية للحد من المرض ولهذا فانه يعتقد أن الشراكة بقيادة القطاع العام يعتبر أمرا حازما للقضاء على هذا المرض، كما يلاحظ أن الدعم المالي المقدم للوحدة للبرامج الوطنية لمكافحة السل في إقليم شرق المتوسط لا يناسب الوضع الوبائي للمرض وخاصة لباكستان وأفغانستان والسودان والعراق والصومال، ألأمر الذي أدى بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بحث كافة وزارات الصحة في الإقليم على جعل السل من أولويات سياساتهم الصحية الوطنية، كما يؤكد على أهمية التثقيف والتدريب على أسلوب العلاج قصير الأمد تحت الإشراف المباشر.

وبالنسبة لتوصيات الاجتماع السادس لمبادرة استئصال السل من الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي فقال الدكتور علي باعمر لقد نصت التوصيات على أن يقوم المجلس التنفيذي لوزراء الصحة بمجلس التعاون بمناقشة مبادرة استئصال السل في الاجتماع القادم والتأكيد على أهمية المبادرة لكونها الأولى من نوعها في العالم، وإقامة آلية مؤسسية لمراقبة تطور المبادرة بالتنسيق مع الدول الأعضاء وتحديد شخص واحد من الدول الأعضاء كمنسق للمبادرة والطلب من الدول الأعضاء إعداد تقرير دوري حول تطور المبادرة وعرضه على اجتماعات المجلس وتنظيم اجتماع سنوي للمراقبة بالتنسيق مع الدول الأعضاء ومنظمة الصحة العالمية.

كما نصت هذه المبادرة أيضا على قيام وزارات الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي بالتأكيد على المبادرة لكونها المبادرة الأولى من نوعها في العالم وتأكيد التزامهم بها وضمان التنفيذ الكامل للتوصيات التالية للاجتماع السابق والمتمثلة في إعداد تقرير حول تطور المبادرة، وإكمال المسح الخاص بمقاومة عقار السل، وإقامة النظام المتكامل لترصد السل في دول مجلس التعاون الخليجي ورفع التقارير بصورة منتظمة لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون الخليجي إعداد خطة للأنشطة الوبائية الجزئية.

كما تؤكد توصيات الاجتماع السادس لمبادرة استئصال السل من الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي أيضا على أهمية قيام وزارات الصحة بمجلس التعاون الخليجي بتقديم الرعاية الطبية المجانية للمرضى المواطنين وغير المواطنين مع ضرورة أن لا تؤثر التغييرات الجارية في سياسات التمويل الصحي في هذه الدول على الرعاية المجانية لمرضى السل.

كما تنص أيضا على جعل الأولوية لبعض الجوانب الأخرى المهمة ومنها البيانات السكانية والترصد والمجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى والوبائيات الجزئية وبحوث العمليات والعلاج قصير الأمد تحت الإشراف المباشر على الجودة.أما على صعيد منظمة الصحة العالمية فقد نصت التوصيات على أهمية مواصلة الدعم التقني اللازم لدول مجلس التعاون الخليجي من اجل تنفيذ التوصيات ومساعدة الدول الأعضاء في التحليل الوبائي للبيانات.