يُعتبر الإنترنت المظلم (Dark Web) أحد أخطر الزوايا الخفية لشبكة الإنترنت، حيث يوفر بيئة سرية للأنشطة غير القانونية، من تجارة المخدرات والبشر والمعلومات والبيانات الحساسة إلى تجارة الأسلحة النارية والذخيرة المتفجرة، حيث تشكل هذه التجارة تهديدًا كبيرًا للأمن العالمي والإقليمي والمحلي، حيث تُستخدم الأسلحة النارية والذخيرة المتفجرة في النزاعات المسلحة، والعمليات الإرهابية، والجريمة المنظمة، وتصفية الحسابات الشخصية. إن استغلال الإنترنت المظلم في تجارة الأسلحة يتطلب إجراءات وقائية وآليات واضحة ومدروسة للتعامل مع هذا التهديد والحد من مخاطره.

الإنترنت المظلم هو جزء لا يتجزأ من شبكة الإنترنت، لكنه لا يُفهرس بواسطة محركات البحث التقليدية مثل Google، ويتطلب الوصول إليه استخدام برامج خاصة مثل Tor، التي توفر للمستخدمين إخفاء الهوية وتشفير الاتصال.

ويتمتع الإنترنت المظلم بخصائص مثل إخفاء الهوية، حيث يوفر بيئة يصعب فيها تعقب المستخدمين أو الجهات الفاعلة، إضافة إلى التجارة السرية، حيث يُستخدم لإجراء معاملات غير قانونية بعيدًا عن أعين السلطات.

إنَّ تجارة الأسلحة والذخيرة المتفجرة عبر الإنترنت المظلم تتخذ أشكالًا وأنواعًا مختلفة، أبرزها الأسلحة النارية، وتشمل المسدسات، البنادق الآلية، والبنادق الهجومية. أما الذخيرة المتفجرة فتشمل القنابل اليدوية، المواد المتفجرة مثل TNT وC4، والقنابل المرتجلة (IEDs)، والأجهزة والمعدات العسكرية، مثل الصواعق، النواظير الليلية، ومكونات تصنيع القنابل والمتفجرات.

آليات التجارة
تعد الأسواق الإلكترونية منصات خصبة على الإنترنت المظلم تعمل كسوق مفتوح للأسلحة، مثل أسواق Silk Road وAlphaBay قبل إغلاقها. أما طريقة الدفع فتتم عن طريق العملات المشفرة مثل البيتكوين، مما يجعل تتبع الأموال أكثر صعوبة. أما طريقة التوصيل فتتم بسرية تامة حيث تُستخدم خدمات الشحن السرية أو تُسلَّم البضائع بشكل شخصي في مواقع غير معلنة.

المخاطر والتحديات الأمنية
تعد التهديدات الأمنية مثل الإرهاب، إذ يوفر الإنترنت المظلم منفذًا للجماعات الإرهابية لشراء الأسلحة والمتفجرات بسهولة. أما الجريمة المنظمة، فتُستخدم هذه الأسلحة في تنفيذ عمليات مثل السطو والاغتيالات. أما النزاعات المسلحة، فُسهم تجارة الأسلحة في تأجيج النزاعات في مناطق الصراع. أما صعوبة التتبع والملاحقة فقد تكمن في إخفاء الهوية، ومن الصعب تحديد هوية البائعين والمشترين، والتشفير يحول دون الوصول إلى بيانات المعاملات بسهولة. إضافة إلى الانتشار العالمي، إذ تجرى العمليات عبر حدود دولية، مما يعقد من مسألة الملاحقة القانونية.

الجهود المبذولة لمكافحة تجارة الأسلحة عبر الإنترنت المظلم
التدخلات التقنية من خلال رصد الأسواق الإلكترونية حيث تستخدم الأجهزة الأمنية أدوات تحليل البيانات لمراقبة النشاط غير القانوني على الإنترنت المظلم، إضافة إلى الاختراقات السيبرانية حيث تقوم بعض الدول باختراق الأسواق الإلكترونية لتعطيلها وجمع الأدلة حولها ومعالجتها.

أما التعاون الدولي فيتم التنسيق بين الدول على تعزيز التعاون بين الحكومات لمكافحة التجارة غير المشروعة عبر الإنترنت، وبناء التحالفات الدولية، مثل الإنتربول واليوروبول، اللتين تعملان على تبادل المعلومات وتنسيق العمليات لملاحقة الجناة، وسن قوانين صارمة لتنظيم التعامل مع العملات المشفرة، وتعزيز العقوبات على التجارة غير المشروعة، وتوسيع الصلاحيات القانونية للسلطات الأمنية للتحقيق في الجرائم المرتبطة بالإنترنت المظلم.

أمثلة واقعية للأسواق المحرمة
يعد سوق AlphaBay من أكبر الأسواق على الإنترنت المظلم، وشمل بيع الأسلحة والمتفجرات، وفي عام 2017، تم إغلاقه من قبل السلطات الأميركية بالتعاون مع اليوروبول.

أما عملية Onymous في عام 2014، نجحت هذه العملية الدولية في إغلاق عدة مواقع على الإنترنت المظلم، منها أسواق لتجارة الأسلحة.

التحديات المستقبلية
مع تطور تقنيات التشفير والاتصالات، يصبح من الصعب تعقب الأنشطة غير المشروعة، خاصة مع التطور الهائل الذي يشهده قطاع التكنولوجيا في العالم، وأن تزايد استخدام العملات المشفرة يزيد من مخاطر المعاملات غير القابلة للتعقب بسهولة، مما يعقد التحقيقات. مع استمرار الطلب على الأسلحة، ستظل تجارة الأسلحة عبر الإنترنت المظلم تحديًا دائمًا يصعب تقنينه والسيطرة عليه.

حيث تمثل تجارة الأسلحة والذخيرة المتفجرة عبر الإنترنت المظلم تهديدًا كبيرًا للأمن العالمي والإقليمي والمحلي، بما في ذلك العراق ودول المنطقة. تتطلب مواجهة هذا التهديد استراتيجيات متعددة تشمل التعاون الدولي، وتطوير التكنولوجيا لرصد وتعطيل الأنشطة غير المشروعة، وسن تشريعات صارمة. مع استمرار التطور التكنولوجي، يجب على الدول البقاء يقظة وتطوير أدوات جديدة لمكافحة هذه الظاهرة.