اعتدال سلامه من برلين: يجري منذ بضعة سنوات عدد من الاطباء في عدة معاهد في العالم متخصصة بالعلوم الوراثية والتوائم بحوثا طبية على 150 الف توأم من اجل معرفة ما هي الخصال الموروثة والخصال المكتسبة لهم ومن بين هؤلاء الاطباء البروفسور أولريش غبرت من معهد ماكس بلانك في ميونيخ المتخصص بالعلوم النفسية ويراقب منذ عقود فترة طويلة عددا من التوائم السيامية في المانيا.
ففي تقرير له حصلت ايلاف على نسخة منه قال البروفسور ان اهم ظاهرة في الحياة هي التوائم والاهم التوأم السيامي (المتطابق بالتشابه )وتتكون عادة بانفصال بويضة واحدة ملقحة من الحُيىّ المنوىّ الى نصفين وهذا يعني ان كل الجينات الوراثية متشابه تماما لدي الاثين.
وحسب الاحصائيات الأخيرة تصل نسبة التوائم السيامية الى 3.5 في المائة من كل عشرة الاف ولادة. بينما التوائم العادية فهي من بويضتين لقحتا من منوييان لذا تكون الجينات الوراثية متشابهة مثل تشابهها لدى الاخوة.
ولقد تحدثت مجلة عملية ألمانية قبل فترة عن توائم في ولاية أوهايو الاميركية فصل الاخ عن اخيه قبل بلوغهما الشهر من العمر ، فتبنت جيم سبرينغر عائلة واحتضنت اخيه جيم لويس عائلة أخرى لا تعرف العائلة الاولى ابدا.
وتعرف الاخوان على بعضهما في معهد مينيسوتو الاميركي عند اعلانه عن الحاجة الى توائم لاجراء دراسات حول طباع التوائم السياميين وخصالهم .وكانت المفاجأة الكبرى ان الاثنين يضعان نظارات متشابهة جدا وأولادهما يحملان نفس الاسماء. ليس هذا فقط فزوجة جيم سبرينغر كما زوجة اخيه جيم لويس تتقن الحساب جيدا وخطهما في الكتابة سيء. ويحب الاخان صنع اشكال من الخشب وكلاهما يملك شجرة أمام منزله.
وورد في التقرير دراسة شيقة قام بها البروفسور الالماني وهي نتيجة مراقبة له مع زملاء في المعهد منذ عام 1937 ل 160 توأما من كل انحاء المانيا من مواليد عام 1925 أضيف اليهم مجموعات أخرى على مدى السنين يأتون بشكل منتظم في مواعيد متفرقة، والهدف من ذلك اجراء مراقبة طويلة المدى عليهم لتحديد الاسس لطباع التوائم السياميين إن فيما يخص درجة ذكائهم او عاداتهم او سلوكهم.
وتناولت الدراسة تفاصيل صغيرة عن الخصال المشتركة بين التوائم السياميين بعد اسئلة وجهت اليهم في مختلف الظروف و الاوقات فاتضح بان معظمهم يحب نفس الاطعمة والتوابل وحتى ترك اللحية والشوارب تنمو. وأغرب العادات كانت لتوأم سيامي يعيش كل أخ في مدينة منذ الطفولة بسبب طلاق الوالدين، فكلاهما يقرأ الصحيفة من آخر صفحة الى الصفحة الاولى ويستغرقان بالنوم مجرد جلوسهما أمام التلفزيون .
وبرأي البروفسور غبرت فان المحيط لا يلعب دورا اساسيا في بناء عادات وتكوين شخصية التوأم السيامي بل الجينات الوراثية كذلك نسبة الذكاء او طريقة التعامل مع الاخرين.
وركزت دراسته ومراقبته المتواصلة للتوائم السيامية على سؤال مهم وهو هل يقعان في حب شخصين لهما نفس الشكل، وهل يختار الواحد كما الاخر الشعر الاشقر ام الاحمر ام الاسود ام القامة الطويلة ام القصيرة؟
وكانت الاجابة مثيرة للدهشة، ففي هذا الشأن لا تتحكم الجينات الوراثية بالتوأم عند اختيار الشريك لكن يظل لها تأثير على خصاله او سلوكه.
ويتشابه الميل لدى التوائم الشبيهة لخصال معنية مثل خفة الظل او ثقل الدم او المرح او العصبية القوية وحب سماع الموسيقى الصاخبة او الخفيفة او الهادئة. لكن ايضا للاعمال الشريرة والاصابة بالكوابيس. كما يصاب هذا النوع من التوائم بنفس الامراض منها سرطان الثدي لدى النساء.
وكانت مفوضية الاتحاد الاوروبي قد اهتمت قبل ثلاثة اعوام بهذا البحث فرصدت ميزانية من اجل جمع دراسات وسجلات من معاهد أوروبية توفر معلومات علمية لتحسين البحوث في الاسباب الوراثية لامراض السكتة القلبية والسمنة والصداquot; الشقيقةquot; لدى التوائم السيامية.
وتمت خلال بحوث مخبرية لجزئيات الجينات مقارنة جينات لتوائم سيامية لدى واحد منها علامات او صفة مميزة او مصاب بمرض معين. بعدها اجرى تحليل الفوارق بينهما فكشفت أسباب أمراض وراثية كثيرة منها الخلايا المسببة لمرض فقر الدم .والبحوث متواصلة لمعرفة المزيد من الايضاحات لامراض تظهر نتيجة تلاعب جينات كثيرة كالانهيار العصبي او ارتفاع ضغط الدم.
ويقول البروفسور الالماني غبرت مواصلة مراقبة نفس التوائم السيامية لفترة طويلة تتيح فرصة لمراقبة تأثيرات الجينات الوراثية بشكل دقيق والتعمق في كيفية تطور اداركهم وشخصيتهم . ويوفر التوأم السيامي الذي ترعرع في نفس البيئة وفي ظل نفس الظروف وعُومل بنفس المعاملة معلومات غنية للعلم لتحديد الصفات التي تولدت عن الجينات الوراثية والصفات التي جاءت نتيجة المحيط الذي يعيش فيه.
ولقد اتضح له ان 50 في المائة من التوائم السيامية ادراكهم وراثي بينما تصل نسبة الخصال الشخصية المشتركة من 30 الى 40 في المائة .
الا ان عمل الطبيب الالماني لا يجد صدا ايجابيا لدى بعض زملائهم ويقولون بان البحث الذي يجريه عن التوائم السيامية ليس الوسيلة الناجحة لتحديد معاير الخصال الموروثة بل تكمن المشكلة في الحسابات الوراثية التي يلجأ اليها العلماء .
وقال احدهم بسخرية ان الطريقة المتبعة تصلح لمعرفة كمية الحليبب في ضرع البقرة مسبقا لا لتحديد خصال انسان اذا كانت مرحة او شريرة.
ويخشى الناقدون لهذه الدراسة ان ياتي يوما تُرمي فيه مسوؤلية المشاكل الاجتماعية خاصة التي يسببها التوأم السيامي على جيناته الوراثية وليس عليهم.فان اصبح الحال هكذا لم يعد هناك حاجة لوضع سياسات لمعالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية اوالسعى لحلها.






التعليقات