تحول جشع تجار الدواجن وأصحاب المزارع إلى خطر داهم يهدد صحة الإنسان، يمكن أن يفضى به الى الموت المحقق ، بعد توسعهم واستمرارهم في في استخدام المضادات الحيوية والهرمونات وخلطها بعلف الدواجن بعيداً عن أعين الرقابة من أجل تسمين الدواجن والطيور وتحقيق مكاسب سريعة.


من المعروفأن الدواجن التي تتناول أعلاف مخلوطة بالهرمونات والمضادات الحيوية يمكن أن تصل في غضون أسابيع قليلة على أقصي تقدير 8 أسابيع الى أوزان كبيرة تفوق الكيلو ونصف الكيلو. وقد يبدو هذا الفرق في الوزن واضخ بين الدجاج الذي يعيش في بيئة نقية نظيفة ويأكل فقط غذاء طبيعي يكون أقل في الوزن من ذلك الدجاج الذى يدخل في طعامه الهرمونات والمضادات الحيوية .

لاشك أن إستخدام المضادات الحيوية في علاج الدواجن عند الضرورة هو أمر حتمي ويحدث في كل دول العالم وله كذلك مايبرره من الناحية الصحية ولا يتعدى الوظيفة المخصصة له والتي تبقى دائماً في إطار يتحدد في ثلاث إحتمالات وهي علاجية ووقائية أو كإضافة للأعلاف .

إن الخط الفاصل بين الإساءة والإفادة في وظيفة المضادات الحيوية هو خط رفيع للغاية يجعل الكثيرين من مربي الدواجن يسيئون استغلال ذلك الخط بإضافة المضادات الحيوية الى علف الدواجن ـ ليس بغرض العلاج إنما بغرض التسمين ، وفي هذه الحالة يقع واجب أخلاقي على المنتج وهو التأكد من عدم وجود بقايا لهذه المضادات في المنتج سواء كان بيضاً أو لحماً قبل ان يصل الى يد المستهلك.

ألمانيا تحظر خلط الأعلاف بالمضادات الحيوية

فى سنة 2005 حظرت ألمانيا على أصحاب مزارع الدواجن والحيوانات خلط المضادات الحيوية مع الأعلاف واقتصر الأمر فقط على العلاج . وكانت تلك خطوة مهمة في طريق وقف فوضى مبيعات المضادات الحيوية ، ورغم أن ألمانيا في الأصل تفرض ضوابط على مبيعات المضادات الحيوية فإن الأمر يختلف كثيرا في باقي الدول ، إذ أن بإمكان أي شخص الحصول على ما يشاء من المضادات الحيوية البشرية من أى صيدلية دون أي ضوابط أو قيود. في الولايات المتحدة مثلا تم إستهلاك 18 ألف طن من المضادات الحيوية في سنة 2008 ..ذهب منها ما يقدر بنسبة 70% الى علاج الكثير من الحيوانات مثل الخنازير والفراخ والدواجن والأبقار و 13% ذهبت الى الطريق الخاطئ عندما تم وضعها في أعلاف حيوانات سليمة فقط من أجل زيادة الوزن.

في ذات السياق أكدت دراسة أمريكية حديثة أجريت على عينات لحوم دواجن ورومي عشوائية وجود بقايا المضادات الحيوية في اللحوم المعدة للإستهلاك الآدمي. كما أشارت إلى أن 70% من العينات كانت ملوثة بأنواع من البكتيريا التى توجد في أحشاء الدواجن، بينما كانت 20% من اللحوم تحمل سلالة بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية التي تستخدم عادة لعلاجها.


يقول الخبيرquot; تيلمان اولف لاون quot;من إتحاد البيئة وحماية الطبيعة الألمانى لقد لاحظنا أنه بعد قرار وقف إستخدام المضادات الحيوية في علف الحيوانات فإنه لم يحدث إنخفاض في نسبة مبيعات المضادات الحيوية مما يثير الشكوك حول الجهة التي إتجهت اليها، لكن رابطة مربي الدواجن في ولاية ساكسونيا السفلي قالت انها تحترم قرار السلطات الألمانية بعدم خلط المضادات الحيوية بالأعلاف وأنها تستخدمه فقط كدواء.ورغم أن تحليل عينات من الدواجن ولحوم الرومي اثبتت ان المضادات الحيوية بداخلها إلا أن رابطة مربي الدواجن الألمانية قالت إن ذلك يعد امراً طبيعيا ًبالنظر الى تزايد اعداد الدواجن او الطيور المصابة بالأمراض.

بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية

يقول خبراء المعهد العالى للأمراض الحرجة في ولاية بافاريا إن سوء إستخدام المضادات الحيوية يتسبب في مشكلات أساسية منها ظهور سلالات من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية نفسها وبالتالى يصعب مكافحتها والقضاء عليها، وتنتقل بسهولة الى الإنسان عند استهلاك اللحوم او البيض وتشكل خطر على صحته ، من جهة أخري فإن اللحوم التي تحتوي على مضادات حيوية قد تؤثر على الفلورا الطبيعية للجهاز الهضمي.


وفق دراسات معهد روبرت كوخ الألماني للبكتريا والجراثيم فإن 42 % من لحوم الرومي و22% من لحوم الدواجن المصابة بأنواع البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية يمكن أن تسبب التسمم الذي يؤدي الى الوفاة . في هولندا مثلاً وجد أن 80% من بكتيريا السالمونيلا تقاوم المضادات الحيوية التى عادة ما تستخدم في علاجها. وأن 20% من هذه النسبة قد أفضت الى الموت وأن كل خامس إصابة بالسالمونيلا يتحول صاحبها الى مقاومة المضادات الحيوية . وفي دراسة جديدة من المعهد الاتحادي لتقييم المخاطر نرى أن سالمونيلا الفراخ منها نسبة 48% يقاوم المضادات الحيوية وبالتالى عندما يتناولها الإنسان يقاوم جسمه البكتريا التي يصاب بها .

في دراسات أخرى أوروبية حول بقايا المضادات الحيوية في اللحوم المعروضة في الأسواق المركزية، وجد أن بقايا المضادات الحيوية في تلك اللحوم تتجاوز النسب المسموح بها وتصل إلى 17% في بعض الدول.

أهمية عدم تناول اللحوم

أمام الإنسان عدة خيارات للتغلب على هذه المشكلة تتلخص في ان يهجر تناول اللحوم ويصبح نباتي أو يطهى الطعام جيدا حيث تتأثر كثير من المضادات الحيوية بالحرارة والطبخ ذلك أن الحرارة الشديدة تؤدي إلى تدمير جزئي أو كلي للمادة الفعالة منها، ومن ثم فإنها قد تصبح غير مؤثرة على الميكروبات الموجودة بصورة طبيعية في الجهاز الهضمي والتي قد يستفيد منها الجسم في بعض العمليات الهضمية، وخصوصاً إذا كان الطهو جيداً، غير أن هناك أنواعاً من المضادات أكثر تحملاً للحرارة ويتوقف تأثير الحرارة على المضاد الحيوي على عدة أمور منها نوع المضاد وجرعته والفترة المنقضية قبل استهلاك المنتج وكيفية المعاملة الحرارية ونوع المنتج، وحتى لو أدى الطبخ إلى تدمير المادة الفعالة للمضاد الحيوي فإنه لا يقضي على مشكلة وجود المضادات الحيوية في الغذاء، فهذه المواد عندما تتفكك بتأثير الحرارة تنتج مواد أخرى قد تكون ضارة بدورها.

إن هناك رقابة الأن على شركات الأدوية والصيدليات،و هناك تشريعات وضوابط دولية لإستخدام المضادات الحيوية الأن ، ويجب أن يتوقف إستخدامها فقط كعلاج كما يجب الا يتم ذلك الإستخدام إلا عن طريق الإشراف البيطري، كما يجب التنبيه إلى أهمية عدم تسويق المنتجات إلا بعد التأكد من خلوها من بقايا المضادات الحيوية، أما المضادات المستخدمة كإضافات علفية فيجب أن تكون بنسبة قليلة جداً، ومحددة، ولأنواع معينة من المضادات الحيوية.

في المانيا تم تشديد الرقابة هذا العام على مبيعات المضادات الحيوية واصبحت الصيدليات وشركات الأدوية مجبرة على تقديم تقرير سنوي في نهاية العام عن نسبة مبيعاتها من المضادات الحيوية ويحفظ ذلك في سجلات خاصة للرجوع اليه في حالة التحقق من تسرب المضادات الحيوية الى مزارع الدواجن بشكل غير شرعي.