توفر المنابع الحموية المنتشرة بكثرة في الجزائر خدمات صحية بالجملة تسهم في العلاج الطبيعي لما يربو عن العشرة أمراض، بفعل ما تنطوي عليه مياهها الحارة من خواص أقنعت الأطباء بجدوى توجيه مرضاهم إلى ما صارت تسمى بـquot;المؤسسات الصحية البديلةquot; تبعا لنجاعتها العلاجية.نسلط في هذا التحقيق، الضوء على البعد الصحي للحمامات المعدنية في الجزائر.

___________________________________________________________________________________

يشير عبد النور ياحي إلى كون منابع وحمامات بوحنيفية، حمام الدباغ، هيليو بوليس، عين العربي، حمام النبائل، بلحشاني، بوغرارة، قرقور، الشيقر، سيدي بلخير، عين الحمام وغيرها، يتراوح تدفق مياهها ما بين 6 و 25 لترا في الثانية وتتمتع بمكونات كيميائية تفيد في علاج أمراض الجلد والكلى والمفاصل والأعصاب والتنفس والأنف والحنجرة والأذن، كما تعد هذه المياه غنية بالمواد المعدنية التي تفيد لعلاج العديد من الأمراض المتصلة بالمفاصل والبشرة.

ويلفت quot;لحسن تيجانيquot; إلى أنّ دراسات علمية أظهرت أن قوة حجم تدفق ودرجة الحرارة الثابتة لمياه هذه المنابع (تصل الى 45 درجة سلزيوس)، غنية بالبكاربونات والمغنيزيوم ويتيح علاج عديد الأمراض الجلدية، خصوصا مع جودة المنشآت الطبية الموجودة داخل المحطات الحموية، في صورة عيادات حديثة وفضاءات صحية للتدليك والعلاج المعدني بطاقة 160 حصة علاجية في اليوم.

ويؤكد محمد خازم الأخصائي في أمراض الكلى، أنّه على منوال الكثير من زملائه يحث مرضاه على الإكثار من شرب مياه منبع quot;المحقنquot; التابع لولاية البويرة (120 كلم شرق)، بغرض إسقاط حصيات الكلى، ويعزو خازم خطوته إلى حالات عدد من مواطنيه تحوّل وضعهم الصحي إيجابا بعد استهلاكهم الماء العذب للينبوع المذكور، ويشدد خازم على ضرورة مداومة المرضى على شرب ماء المحقن لفترة شهر على الأقل، حتى تتحقق النتائج المرجوة.

من جهته، يستقطب quot;حمام دباغquot; بمنطقة قالمة الشرقية، ما يزيد عن 150 ألف زائر في الأسبوع بغرض العلاج، وما يزيد من تحفيز الزوار وجود تجهيزات طبية حديثة وكوكبة من الأطباء المختصين في هذا المنبع. ويشيد علي بلحي بالمزايا العلاجية للمنابع الحموية، لذا ينصح الكثير من مرضاه بالذهاب إليها للتداوي من الأمراض الموصوفة بـquot;المستعصيةquot;، نظرا لما تتصف به المنابع من مميزات فيزيائية، كيمائية وعلاجية بمعدل حراري لا ينزل تحت سقف 40 درجة مئوية وبتدفق قدره 40 لترا في الثانية.

بدوره، يبرز حمام إكسانة المعدني شمال البلاد، حيث تصلح مياهه لعلاج أمراض الروماتيزم وسائر الأمراض الجلدية كالطفح الجلدي وكذا داء الشلل، إضافة إلى أمراض الأنف والأذن، الحنجرة، أمراض الحساسية، تصلب الشرايين، الأوردة الدموية وكشذا أثار الحروق والالتهاب الرئوي المزمن، ناهيك عن أمراض الجهاز البولي وهو ما يؤكده quot;أحمد ملوكquot; وquot;فريد مجوجquot; الأخصائيان في الأمراض المزمنة.
ويسعى القائمون على محطة إكسانة المعدنية، إلى تحويلها إلى مجمع طبي ضخم يحتوي على قاعات علاج بالمياه المعدنية الحموية، وأخرى لإعادة تأهيل الأعضاء وحمامات بخارية بكل لواحقها، ما سيوفر العلاج الطبي المتخصص لنحو 120 شخصا في اليوم تحت إشراف فريق طبي مؤهل يعتمد على استعمال الوسائل الحديثة.

ويقترح حمام سيدي جاب الله بولاية الطارف الشرقية (درجة حرارته 37 سلزيوس) حصصا علاجية في الصونا لمعالجة الالتهابات الوريدية وتلك المتعلقة بالأمراض النسائية، احتكاما لامتلاكه - بحسب quot;حسين رحالquot; - معادن كثيرة تفور بخصائص علاجية على غرار كلور الصوديوم، البكاربونات، المغنيزيوم، واتسامها بنوعية بكتريولوجية حسنة.

ويوفر الحمام العريق quot;بوحنيفيةquot; التابع لولاية معسكر الغربية، وجبات صحية على زبائنه، تماما مثل قاعات تدليك وأخرى خاصة بـquot;الصوناquot;، وينفرد بوحنيفية بدرجة حرارة قياسية تصل حدود 96 درجة مئوية وتتجاوز أوعيتها 6500 لتر في الدقيقة الواحدة. وتشهد هذه المنابع الحموية قدوم كثيرين من أجل التداوي، مثل توفيق، سيد علي، إبراهيم وهم في الأربعينيات، يؤكدون أنهم يقطعون آلاف الكيلومترات في سبيل معالجة أمراض المفاصل، فضلا عما يوفره الحمام من استرخاء ذهني وعضلي وتموقعه كوسيلة مساعدة على الرشاقة وممارسة الحمية.