تعد الغدة الدرقية من الأعضاء المهمة من حيث وظيفتها داخل الجسم، وفي هذا الصدد يقول الدكتور حسين خريس طبيب الأمراض الداخلية والغدد في حديث له مع quot;إيلافquot; ان الغدة الدرقية تعد من أهم الغدد الهرمونية الرئيسية في جسم الانسان كونها تتحكم بافراز هرمون التيروكسين المسؤول عن وظائف عضوية هامة جسديا ونفسيا. فهي مسؤولة مثلا عن مراقبة السكر والدهن والبروتينات في الجسم، وبالتالي تتحكم بالطاقة المتوفرة للجسم وبالحرارة المسؤولة عن عملها. والغدة الدرقية مسؤولة ايضا عن عمل القلب والضغط والامعاء والعضلات والحالة النفسية. فيما يلي نص اللقاء:

هل يمكن ان تحدد لنا المشاكل الناتجة عن مرض الغدة الدرقية؟

بشكل عام عندما يضعف عمل هذه الغدة فان ذلك يؤثر على كل شيء في الجسم، مثلا يؤدي ذلك الى زيادة الوزن والامساك والبرودة في الجسم والنعاس وفقدان المصاب لنشاطه. كما تسبب نوعا من الانهيار العصبي والتورم قليلا وجفاف الشعر، وتكسر الأظافر بسرعة.
والمرأة تصاب بامراض الغدة الدرقية ثلاث مرات أكثر من الرجل، والسبب غير معروف حتى الآن، فمع ان النساء يتناولن نفس كمية اليود لكنهن معرضات أكثر من الرجال، وفي الطب مشاكل تقع لأحد الجنسين دون الجنس الآخر دون معرفة السبب.

كم هي نسبة الذين يعانون من مشاكل الغدة في المانيا؟

هناك قرابة 20 في المائة من المواطنين في المانيا يوجد لديهم عقد في الغدة الدرقية، اي مايعادل حوالي 15 مليون شخص، ولان هذه المشاكل اصبحت موضوعا مهما يعقد سنويا منذ حوالي سبع سنوات يوم لمشاكل الغدة الدرقية يسمى quot;يوم الفراشةquot;، لان الغدة الدرقية تشبه الفراشة، يتم خلاله تعريف الجمهور بالمشاكل الأساسية للغدة. بالطبع عدد المصابين مازال غير محصور تماما، لكن الرقم الذي سبق وذكرته حقيقة، لانه تجرى في المانيا سنويا حوالي 150 الف عملية جراحية، منها لاستئصال الغدة كليا او جزئيا وهو عدد كبير.
واريد التذكير هنا بمشاكل مهمة وهي ان العقد التي تنمو في الغدة الدرقية قد تتحول الى مرض سرطاني خطير، ومع ان لدينا نسبة لا بأس بها تعاني من مشاكل العقد في الغدة، لكن ولحسن الحظ فان 0،5 في المائة من العقد فقط تكون خبيثة وتحمل مرض السرطان الخبيث.
وبالطبع لتشخيص عوارض أمراض الغدة هناك قواعد معروفة وثابتة، وفي حال ثبوت وجود المرض الخبيث تجري عملية لاستئصال الغدة كليا.

لنبقى في موضوع العقد في الغدة الدرقية لاهميته، كيف يتم التعامل مع هذه الحالة؟

أولا يجب ان نعرف سبب العقد التي تظهر، والاهم هو نتائج الفحص السريري واذا كانت هناك عوارض معينة، ثم فحص الهرمون في الدم والفحص الثالث الصورة الصوتية لتحديد شكل العقد. فهناك خصائص للعقد التي تكون حميدة او غير حميدة . والفحص الرابع هو فحص الاشعاع النووي الذي يدلنا هل العقد نشيطة او خاملة. ويمكن اخذ خزعة منها مع ان هذا الامر ليس سهلا. بالطبع عند التثبت من ان العقد خبيثة يجب استئصال الغدة فورا، لكن كما ذكرت فان هذه الاصابات تشكل فقط 0،5 في المائة من جملة الاصابات في المانيا.

ما هي المشاكل الاخرى التي تصاب بها الغدة الدرقية؟
هناك مشاكل اخرى كثيرة منها اصابتها بالالتهابات، ولكن هذه حالة نادرة، وتسبب ضعفا في عمل الغدة. ايضا الغدة التي تفرز هرمونات اكثر من العادة وتسبب مشاكل صحية، وخاصة ما يتعلق بالقلب وعمله او ما يتعلق بعمل الغدد الاخرى، وهذه حالة نادرة تقريبا ايضا ولحسن
الحظ . والامراض الاكثر شيوعا هي ضعف الغدة الناتج عن قلة اليود، وفي هذه الحالة فان المصاب بحاجة الى يود من اجل الحصول على هرمون التيروكسين ايضا. ففي حال نقصان هذا الهرمون تعمل الغدة الدرقية على توسيع مساحتها ما يسبب لها التضخم، لانها تحاول ان تلتقط اكبر كمية من اليود من الجسم كي تتمكن من افراز هذا الهرمون.

كيف تتم معالجة من يواجه نقصان اليود، هل بتأمين كمية ما ينقصه من اليود عن طريق الأدوية؟

المشكلة انه من الصعب حصر كمية استهلاك الانسان لليود ان كان بالغا او طفلا او اثناء الحمل للنساء. لذا توصل الأطباء ومنظمة الصحة العالمية الى قياس اليود حسب كمية افرازه في البول، وعلى هذا الاساس نحدد اذا ما كان النقص حادا او متوسطا او ان النسبة جيدة، ويجب ان يكون في البول قرابة المائة ميغروغرام من اليود في ليتر البول. واريد ان اذكر هنا ان آخر الابحاث أظهرت انه يجب إعطاء المريض اليود بالاضافة الى هرمون التيروكسين عن طريق الدواء، وذلك حسب العيار الذي يحتاجها عبر اجراء فحص مخبري لهرمون تي اس اتش لديه، وعلى أساسه يمكن تحديد النسبة التي يحتاجها المريض.

وفي حال تخضم الغدة الدرقية إضافة الى وجود عقد فيها يجب ان تؤخذ جرعة من هرمون التيروكسين مقابلة جرعتين من اليود، اي واحد الى اثنين، فاذا كان المريض بحاجة الى 75 ميكروغرام التيروكسين يجب ان يقابله 150 ميكروغرام يود يوميا. و يفضل ان تؤخذ حبوب العلاج نصف ساعة قبل تناول الاكل مع القليل من الماء، فهذا يفيد المريض الذي يكون مضطرا لتناول ادوية اخرى ويجنبه الخلط بين دواء الغدة ودواء السكري على سبيل المثال. لكن الاهم ايضا ان يؤخذ العلاج على الريق. كما انصح المرضى دائما اخذ دواء من شركة واحدة وعدم تغييرها، اذ ان كل شركة لها خصائصها في صنع هذه الادوية، لكن اذا ما اضطر الى التغيير لسبب ما، فعليه مراجعة الطبيب المعالج بعد سبعة اسابيع كي يحدد ما اذا كان قد حصل تغيير.

هل لسن اليأس لدى المرأة علاقة بمشاكل الغدة الدرقية؟

هنا الكثيرات اللواتي يختلط الامر لديهن بين عوارض نقصان الهرمونات النسائية في سن اليأس ومشاكل الغدة الدرقية، فتصاب بالعصبية ولا تعرف ما السبب، لكن أحب ان أقول هنا ان العوارض نادرا ما تكون ناتجة في هذا السن عن مشاكل الغدة، لان أي خلل فيها يظهر قبل هذا السن، واكثر العوارض تظهر خلال الحمل، فتكون الافرازات الهومونية قبل الحمل عادية وطبيعية جدا لكنها تنقص عند الحمل.
واريد هنا ان أشير الى امر مهم وهو مشاكل هذه الغدة عند الأطفال، فهي تسبب احيانا إعاقة للطفل، وفي المانيا يجرى فحص لكل طفل يلد قبل مغادرته المستشفى لتحديد ما اذا كان هنا نقص في عمل الغدة، فسبة الاعاقة في المانيا بسبب امراض الغدة الدرقية تصل الى واحد من 4000 طفل واذا لم تكشف فانها تؤثر على مستقبل الطفل وتأخر نموه عقليا وجسديا.

المؤكولات هي مصدر اليود، فهل هو متوفر فيها بالشكل المطلوب؟

في سبيعينات القرن الماضي وحتى عام 2006 كانت نسبة اليود في المانيا متوفرة بشكل جيد في كل المأكولات وفي الخبز ايضا، لكن النسبة كانت افضل في الولايات المتحدة الأميركية، واليوم دلت الأبحاث الجديدة على وجود تراجع ملحوظ في هذه النسبة في المواد الغذائية في المانيا واوروبا وفي الولايات المتحدة ايضا، وذلك لاسباب اقتصادية وبهدف التوفير. اي ان مصانع المواد الغذائية والمخابز قد قللت نسبة اليود التي يجب ان تتواجد عند الانتاج أيضا في مصانع تكرير المياه وصناعة المياه، ما نتج عنه تراجع في معظم المواد الغذائية. لكن يمكن للمرء التعويض عن ذلك عبر تناول اطعمة معينة مثل السمك والسبانخ والبيض والفجل ولحم الخروف وفي انواع من الاجبان البقرية. لكن اكل هذه كله لا يكفي للتعويض بل على الانسان ان يضيف كمية اليود في جسمه عن طريق ملح البحر، مع ذلك لا ننصحه بتناول كمية كبيرة من هذا الملح بسبب المشاكل المترتبة عن ذلك على الاوعية الدموية.

ما مدى وعي الفرد لمشكلة نقص اليود؟

لقد حدث وعي كبير في الستينات والسبيعنات وحتى نهاية القرن الماضي، لكن وللأسف تراجع هذا الاهتمام قبل حوالي خمس سنوات، لذا نلاحظ كثرة امراض ضعف عمل الغدة الدرقية، ولقد اجرت مؤسسة روبرت كوخ مؤخرا في برلين بحوثا على 7500 مريض بهدف تحسين نسبة اليود كي لا تسبب مشاكل، ونريد تعميم نتائج هذا البحث بهدف توعية المواطنين.

يقال ان أمراض الغدة الدرقية لها علاقة بالبيئة، ونسبة الاصابات في دول المتوسط والبلدان الساحلية نسبة عالية وبالاخص بين النساء، فهل هذا صحيح؟

هناك بيانات تدل على وجود نسبة لا بأس بها من الاصابات بالغدة الدرقية في هذه المناطق وهي ليست أقل او أكثر من النسبة في المانيا على سبيل المثال، وكان يجب ان يكون العكس، لكننا لا نأكل الكثير من الاسماك التي توفر اليود رغم وفرتها لدينا. وأجدادنا لم يأكلوا سمكا كثيرا لذا اصبحت المشكلة في الجينات، واذا ما تحسنت نوعية الغذاء فيما يتعلق باليود اليوم فان مشاكل الغدة حسب اعتقادي سوف تقل كثيرا بعد عشرين سنة.