أدّت موجة الغبار الأخيرة التي عمت أنحاء العراق ، الى ازدحام مستشفيات العراق بمرضى الربو والحساسية ، حيث يرغب كثيرون في الحصول على لقاحات خاصة بذلك.


بحسب خبراء في الصحة، فإن الحساسية تنتشر بين العراقيين بصورة واسعة لخصوصية المناخ، من ناحية الرطوبة العالية والجفاف وهما عاملان أساسيان في الحساسية، خصوصا حساسية الصدر وأمراضه. وأثارت العواصف الأخيرة قلقا كبيرا بين الذين يعانون أعراض ضيق التنفس، ولاسيما ان موجات الغبار لم تعد تقتصر على أشهر محددة من السنة، بل أصبحت ظاهرة متناوبة الحدوث طوال فصول العام.
ولا تتوفر إحصائية دقيقة حول أعداد مرضى الربو والحساسية في العراق ، لكن المشاهدات تشير الى انتشار أعدادهم في السنوات الاخيرة. وبحسب الإحصائيات، فإن حوالى 300 مليون شخص مصابون بالربو حالياً في العالم .

والى جانب أوقات العواصف الترابية، فإن الحساسية والربو يتفاقمان في الربيع والخريف ، في (شهري مارس وابريل) من كل عام ،وتقول الطبيبة زينب حسن إن انتشار حبوب اللقاح من النباتات ، يعد مسببا رئيسا لأمراض الحساسية في هذين الشهرين .
وتؤكد تقارير ومشاهدات ميدانية أن أمراض الحساسية والربو ازدادت انتشارا بشكل سريع في الآونة الأخيرة بسبب الظروف البيئية التي يمر بها العراق .

ويصف سلام جبار ( 25 سنة ) كيف تنتابه أزمات ربو متكررة حيث يشعر بضيق التنفس ويصاحب ذلك السعال المستمر رغم انه ما زال في مقتبل العمر. وفي اوقات العواصف ، يحاول جبار المكوث في مكان مغلق بمنع دخول الغبار ، لكن ذلك لايجدي نفعا في ظل غياب تقنيات أحكام وتصفية وتهوية. ويتابع : حتى اذا توفرت فإنها باهظة الكلفة ويصعب على كثيرين شراؤها ، ما يتطلب دعما خاصا للمرضى من قبل الجهات المعنية لمساعدتهم على اقتنائها .

وتمتاز عواصف الغبار في العراق بأنها تحمل ذرات متناهية في الصغر تصل أحجامها إلى أقل من 2 بالعشرة من المايكروميتر.
ويشير الخبير البيئي ومدرس مادة العلوم في المرحلة الثانوية الى ان الغبار في العراق ودول الخليج يمتاز باحتواء دقائق التراب على
عناصر من الزئبق والرصاص وعنصر السيليكا، وعند استنشاق المريض لها فإنها تتسبب بإعاقة عمل الشعب الهوائية ما يزيد من احتمال الإصابة بمرض التدرن .

ويقول الطبيب سعيد هشام من بابل (100 كم جنوبي بغداد ) انه استقبل خلال أسبوع أكثر من مائة مريض انتكست حالتهم الصحية بسبب الغبار ، مشيرا الى ان اغلبهم يعانون ضيق التنفس واختناقا وضيقا في الرئة ، وكل ذلك بسبب صعوبة امتصاص الأوكسجين عبر الحويصلات الرئوية التي تنفصل عن بعضها البعض بغشاء رقيق يتأثر بالدقائق الغريبة. ويؤكد هشام ضرورة توفر الأجهزة واللقاحات الخاصة بمعالجة مرضى الربو والحساسية ، لان العراق يتعرض في أوقات متناوبة في السنة الى الأتربة والغبار .

وتتراوح أحجام الذرات الترابية في العراق بنحو 100 مايكرومتر يجعل منها سهلة النفاذ عبر الشعيرات في الانف . وتدفق المئات من المواطنين الى المستشفيات الاسبوع الماضي جرّاء إصابات في الجهاز التنفسي والعيون، في ظل انعدام تقنيات الحماية والانذار المبكر بالعواصف الترابية .

وبسبب الجفاف وعدم تماسك الاراضي، فإن دقائق صغيرة جدا من الغبار ترفع مع الرياح بسهولة ، ما يزيد من نسبة الإصابة بأمراض الحساسية والربو. أما في الشتاء، فإن (نزلات) البرد والالتهابات الرئوية والتهاب القصبات، تسبب عبر تراكم الفايروسات على الغشاء المخاطي للرئة، مقاومة ضعيفة للجهاز التنفسي.

وغالبا ما يلجأ البعض الى الكمامات على الانف والفم ، لتقليل مخاطر الغبار النافذ ، لكن أغلب هذه الكمامات بدائية وتعوزها التقنيات المتقدمة. كما يلجأ البعض الى النظارات لتلافي تضرر العيون من ذرات الغبار. ويلجأ بعض العراقيين الى الأطباء الشعبيين لإزالة حبات الرمل العالقة في العين. وفي بعض الاحيان، يتسبب ذلك بمضاعفات خطرة تؤدي الى تلف النظر.