حوار مع الكاتبة المغربية وفاء مليح

أجرى الحوار حسن الأشرف: وفاء مليح كاتبة مغربية معروفة بقصصها وإبداعاتها الكثيرة التي لاتسمي فيها الأسناء بمسمياتها، ولاتخشى في ذلك لومة ناقد..بل إن بعض كتاباتها تحمل جرعة من الجرأة في الطرح وهي تريد بذلك أن تساهم كما تقول في الانعتاق من صدأ الفكر. فالمرأة" في نظرها "انفتحت على عوالم ليست بالضرورة عوالم تشخص حميميتها بل عوالم تطل من خلالها على الآخر بحساسية وروح المبدع المتفاعل مع محيطه". التقينا بها وكان لنا معها هذا الحوار:

*من تكون الأديبة المغربية وفاء مليح؟
-إنسانة عاشقة للحرف والكلمة. تركب المغامرة. تمارس فعل الهوى بحرية حين تمسك بالقلم وتمتهن فعل الكتابة. تؤمن أن الكتابة هي الحياة. ثورة من أجل التحرر والانعتاق من صدأ الفكر.

*هل ترضين بمصطلح الكتابة النسائية؟
-بعض النقاد يستعمل مصطلح الكتابة النسائية لوضع ما تكتبه المرأة في خانة الأدب القاصر في مقابل الأدب الراشد- الأدب الرجالي. لكن حين نتحدث عن الكتابة النسائية من زاوية الاختلاف في الرؤية و اللغة في تناول مواضيع الحياة و المجتمع، فهذا التمييز بين ما اصطلح عليه بالأدب الرجالي و الأدب النسائي هو تمييز يمنح ثراء بما يضيفه القلم النسائي للمشهد الأدبي من خصوصيات ومميزات كتابة الأنثى.

*كيف تعالج الكاتبة قضايا الذات والوجود الأنثوي؟
- خصوصية معالجة المرأة لقضايا الوجود والذات والحياة تبرز على مستوى رؤيتها في تناول ما تطرحه من قضايا في أدبها وهي تتعلق بذاكرتها الثقافية كأنثى. بلغتها التي تغترف من معين الذاكرة المؤنثة و إن كان الحقل اللغوي مازال فحلا، إلا أن ما برز في الفترة الأخيرة من كتابات المرأة ينبئ بثورة قادمة في هذا المجال.

*أين تتموقع النظرة الجنسية بالنسبة للإبداع الأدبي؟
- النظرة الجنسية إلى الإبداع تزعجه حين يضع النقد الإبداع في خانة الجنس و يجعل المرأة المبدعة لا تبدع إلا نفسها وتعيد ذاتها في إنتاجاتها الشيء الذي يضع حدودا وتنميطا لإبداعها وهذا غير صحيح. فالمرأة انفتحت على عوالم ليست بالضرورة عوالم تشخص حميميتها بل عوالم تطل من خلالها على الآخر بحساسية وروح المبدع المتفاعل مع محيطه.

*في رأيك في ماذا تفيد الكتابة عن الجسد؟
-الكتابة عن الجسد ما هي إلا لغة من بين لغات أخرى تحاول المرأة عن طريقها تفكيك النظام الرمزي الذكوري لتقاوم كل الأشكال والمفاهيم التي تضعها في خانة ولا تفارقها. خانة نحتها منطق الرجل عبر التاريخ. تحدثت المرأة إذن في أدبها بلغة الجسد مصرة على أن تدوس الألغام وتفتح حوارا متواصلا مع الحياة و الآخر من خلال تجارب ذاتها الأنثوية التي استقتها من ذاكرتها المؤنثة.


* أليست من الوقاحة الكتابة عن الجسد وعن حميميته؟
- الوقاحة هي أن ندخل عالم الأدب بدون أن نلجأ إلى تعرية ذواتنا. أجسادنا. والمعرفة الحق كما يقول بارت هي فضح الأنا. ترك الجسد يتحدث لغته هو من صميم الفعل الإبداعي الناتج عن التفاعل اللامحدود بين الذات المبدعة ومجالات الواقع.


*تطغى على كتاباتك الإبداعية نزوع اتجاه اكتشاف االذات؟
- النزوع إلى اكتشاف الذات هو نزوع نحو اكتشاف الآخر وسبر أغوار الأنا. أسئلة الذات والتيمات التي تطرح في هذا المنحى لكتاب الجيل التسعيني هي أسئلة تغوص في أعماق هذه الذات تعريها لتعيد تشكيلها من جديد. تزيل قشرة القرف التي علتها. قرف الذات من الذات. من المحيط. من الواقع الذي أجهض أحلام العقد السبعيني فأصبحت أسئلة صغرى وخاصة تتوغل في هموم الذات غير حافلة بالتيمات والقضايا الكبرى و الساخنة التي كانت تشغل عقد السبعينيات و الثمانينيات رغبة من هذا الجيل في سرد الذات. عرض الأنا. تأكيدها. البوح بأسرار النفس والحكي عن اليومي المعيشي. كلها سمات تميز هذه الكتابة.

*كيف تقرئين واقع الكتابة النسائية في المغرب؟
-الكتابة النسائية في المغرب تعرف تذبذبا. مدا وجزرا. مازالت ملامحها وخصوصياتها لم تكتمل بعد ومازال القلم النسائي في المغرب يعرف عثرات بين الحضور والغياب. لكن هناك بعض الأقلام من أثبت الحضور و أتحدث عن أقلام المغرب الجديد باقتحامه للطابوهات وتجاوزه للخطوط الحمراء، بحيث أصبحت بعض خصوصيات هذه الكتابة تتضح ملامحها بعض الشيء.

*كلمة أخيرة أستاذة وفاء؟
- الكلمة سلطة إن نحن آمنا بدورها والمثقف اليوم مطالب بالنضال من أجل سلطة حقيقية للكلمة و للثقافة.