حوار مع رئيس الحزب الأمازيغي المغربي أحمد دغرني:
من مآسي المغرب هيمنة الثقافة المشرقية والتأويل الشرقي للدين
أجرى الحوار أحمد نجيم: يتحدث أحمد دغرني، قيادي في الجمعيات الأمازيغية المغربية ورئيس الحزب الأمازيغي المغربي، عن آخر مستجدات الاعتداء الأخير الذي تعرض إليه، كما يقدم مجموعة من أفكاره حول العلاقة بالمشرق العربي ويندد بهيمنة الفكر الديني المشرقي على المغربي. يتحدث بجرأة كبيرة عن نفاق المثقفين وتلاعب السياسيين راسما صورة قاتمة للوضع العام في المغرب، كما يدافع عن الاتهامات الموجهة إليه خاصة التطرف والمغالاة في الدفاع عن الثقافة الأمازيغية. لننصت إلى صوت مثقف أمازيغي مزعج:
* ما هي آخر مستجدات الاعتداء عليك قبل أيام، وهل أصبحت القضية اليوم بين يدي العدالة؟
- الملف الآن بيد الشرطة القضائية التي حولته إلى النيابة العامة، وقد أمر الوكيل العام بفتح تحقيق في حادثة الاعتداء الذي تعرضت له.
* يبدو أنك لا تنتظر نتيجة من فتح هذا الملف؟
- لا يمكن أن أتوقع نتائج البحث من الآن، فالقيام بهذا البحث يتطلب أمورا كثيرة منها توفر الضمير فيمن يقوم بهذا العمل والجدية في التعامل معه.
* لكن مجموعة من المغاربة شككوا في تعرضك لاغتيال، كما شككوا في استهدافك؟
- هذه القضية بيد القضاء، وهو من سيبث في الأمر ويوضح ملابساتها، حتى أنا أشكك في الموضوع، فمن حق كل شخص أن يشكك في الموضوع.
* أنت متهم بالتطرف والمغالاة في الدفاع عن الثقافة الأمازيغية؟
- أنا قلق ولست مطمئنا على أوضاع المغرب، ولست متطرفا. ولم يسبق أن شرح لي هؤلاء الذين يتهمونني معنى التطرف، إنني شخص لم يحتكره أحد بعد، أعتقد لو فعلوا كانوا سيمجددونني، إنني محروم في بلدي للرد على هذه الاتهامات في وسائل الإعلام العمومية. إن من يصفني بذلك ليس دون المستوى، فلم ألحظ يوما اتهاما بما ذكرت من قبل سياسي ذي مستوى كبير، هناك مجموعة من المتسلطين على حرية التعبير ولو أتيحت لي فرصة مجابتهم لعرفوا من أنا.
* لم أنت قلق على وضع المغرب؟
- إن السياسة في بلدي تفتقد إلى الشفافية، كما تعرف مفاجئات كثيرة آخرها اعتقالات في صفوف الدرك الملكي. نعرف أن هذه المؤسسة لها قيمتها ووضعها في المغرب، أشرفت على مجموعة من التحقيقات الكبيرة والمهمة. هذه المفاجئات تقلق. كما أن الأحزاب السياسية تتآمر على الناس، فهي تستفيد من دعم الصحافة ولها حيز مهم في الإذاعة والتلفزيون، كما أن السلطة تحتكر كل شيء حتى الدعم، وضعية المفكرين لا تقل خطورة فأكثريتهم منافقون يبحثون عما يأكلون.
* ما هو الحل لهذه الصورة القاتمة التي ترسمها عن المغرب؟
- الحل الوحيد للخروج من هذه الوضع هو اعتماد الديموقراطية.
* ألا تخشى فوزا للإسلاميين إذا ما اعتمدت الديموقراطية؟
- إنني لا أصدق ما يقال عن اكتساح للإسلاميين في الانتخابات المقبلة، كما أن الدولة الحالية كلها إسلاميون، إنني أخشى من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فهي الأخطر. إن حزب العدالة والتنمية مثله مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال.
* تطالبون بضرورة تعديل الدستور والاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية؟
- إن مطالبتنا ما هي إلا تسوية لوضعية شاذة ظلت قائمة لسنوات، وهي ضرورية، فهل يمكن أن نستمر في إنكار الأمازيغيين. فلماذا يهمشون في الدستور مع من يشترون منهم كل صباح، في إشارة إلى باعة المتاجر الأمازيغيين. في المغرب حتى الدستور محتكر من قبل الإسلاميين والعروبيين، ويهمشون الأمازيغيين.
* أنت من القلائل الذين يصرخون علانية لوقف المد الشرقي في المغرب، لم هذا التوجه؟
- إن أكبر مآسي المغرب هو جهلهم لتاريخ بلدهم، أخبرني صديق أن جواب طالب في الباكالوريا عن من هو علال الفاسي، أجاب إنه مناضل فلسطيني، أخبرني كم من المغاربة يعرفون ابن خلدون. إننا نعيش أزمة عدم معرفة شخصيات المغرب، لاحظ أن أسماء الشوارع المغربية تحمل أسماء مشرقية وتهمش أسماء مغربية، في حي حسان بالرباط مثلا، عدد أسماء الشخصيات المغربية التي تحملها أزقة هذا الحي لا تتجاوز 10 في المائة. فأكثر أسماء الشوارع مشرقية. كذلك الأمر في حي المعاريف بالدار البيضاء، لقد ذهب هؤلاء المشرفون إلى حد تسمية زنقة بزنقة ابن النحوي. إنهم يلصقون أسماء مشرقية لشوارعنا، أخبرني إن كانت شوارع وأزقة لبنان تحمل أسماء شخصيات مغربية. إننا نعرف الإمام مالك الحجازي ولا نعلم شيئا عن القاضي عياض.
* أتعتقد أن هذه الهيمنة هي مأساة المغرب؟
- إنها مأساة المغرب وهذا ما يفسر هروب المثقفين، إن هجرة المغاربة ليست بحثا عن الخبز، بل هروبا من هيمنة الشرق والحضور القوي للدين. إن التأويل الشرقي للدين فرض على المغاربة وعلى أئمتهم، أما فكرنا فغير معترف به. إننا نقرأ الإمام مالك ونجهل كل شيء عن فقه ابن رشد وابن تومرت وابن خلدون. فنحن نعيش أزمة وجود الوجود وأزمة الاعتبار.
* السبيل للخروج من هذا الوضع؟
- السبيل هو الديموقراطية واحترام الحرية، لسنا أحرار في التدين ولا في حرية التجول ولا حرية التعبير ولا الحرية الاقتصادية ولا حرية تناول الأطعمة ولا الحرية الجنسية. هذه الحريات لم تعمم فيها ولا نجد تيارات الإصلاح الحقيقية.إنني لا يمكن أن أعيش في بلد بلا حرية، هذه الأخيرة أعتبرها مادة أساسية. لي ثقافة عربية ومستعرب ومن جملة ما جعلني مستمرا في التشبث بثقافتي هو أننا شديدو التشبث بحريتنا.
* هل هناك معيقات أمام تأسيس حزب ديموقراطي أمازيغي؟
- إننا نمارس حريتنا في تأسيس الحزب نرغب في تنظيم سياسي معترف به وخاضع لأمور لا نؤمن بها، فليتركونا نؤسس هذا الحزب. نريد منظمة سياسية كي لا تقيد حريتنا، سندخل الحلبة السياسية وننافس من يريد أن يحولها إلى نادي للقمار.
[email protected]
التعليقات