حوار مع قادة فلسطينيين

غزة من علي أبو خطاب: حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية في طور التشكل بعد الاتفاق بين أكبر أقطاب القوى الفلسطينية: فتح وحماس وبقية الفصائل على برنامج الحكومة القادمة يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني، جاء ذلك بعد طول جهد وعناء وحوارات ولقاءات لم تنتهي وتوارد أنباء متلاحقة وتصريحات متتابعة حول إمكانية تذليل العقبات المتبقية، كل هذا من أجل خلق أجواء إيجابية لترى الحكومة القادمة النور. وبعد شهور من العزلة والحصار السياسي والاقتصادي والعدوان الإسرائيلي المتكرر إضافة إلى التوترات الداخلية التي كانت على وشك الوصول لحرب أهلية، بل إنها بدأت بالفعل ndash;على رأي بعض المحللين- ودليلهم في ذلك استباحة الدم الفلسطيني الواحد..
تحاور إيلاف هنا بعض الشخصيات السياسية القيادية المنخرطة في حوارات الوحدة الوطنية لكشف بعض الغموض الذي يلفها، ولمعرفة إلى أي مدى وصلت المناقشات وماذا بقي من العقبات.

لن نقبل شروط الرباعية
كان لنا لقاء مع السيد كايد الغول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وسألناه:

* هل حكومة وحدة وطنية تعني مشاركة كاملة لكافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني؟
حكومة الوحدة الوطنية هي حاجة فلسطينية ملحة في هذه الفترة وهي التي تحشد طاقات شعبنا في الداخل لمواجهة الاحتلال وسياساته، نعتقد أنه يجب أن تنشأ نتاج لعملية حوار يشترك فيه كل الأطراف بحيث يساهم الجميع في صياغة البرنامج الذي سيقود هذه الحكومة، وصياغة مهامها. نحن بحاجة لجهد الجميع لتخرج هذه الحكومة لحيز النور. التجربة أثبتت أن التفرد أو الثنائية في صياغة الحلول لن يجدي نفعاً، إذن الحوار بين الجميع هو الذي سيؤدي لحكومة تعمر طويلاً.

* إذا كانت فتح وحماس أخفقتا في قيادة دفة السفينة الفلسطينية في المرحلة الحالية، والناس تعذبت طويلاً وطالت معاناة شعبنا جراء حصار زاد عن ثمانية أشهر.. هل سيطول الانتظار ونظل نراوح مكاننا حول تشكيل حكومة وحدة وطنية؟
الواقع الفلسطيني وطبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يؤكد من جديد بأنه ليس بمقدور قوة بمفردها أن تقود الشعب الفلسطيني، من خلال تجربة حركة فتح في قيادة الحكومات السابقة وكذلك من خلال تجربة حكومة حماس في قيادة الحكومة الحالية، الواقع يفرض مساهمة الجميع وإشراكهم في تحمل المسؤولية تجاه هذه الحكومة، ومن خلال المؤسسات الأخرى للشعب الفلسطيني وبشكل خاص منظمة التحرير الفلسطينية، مما يحتم بذل الجهود المباشرة للوصول لنتائج على هذا الصعيد. أعتقد أن الأيام الأخيرة حملت بشرى بإمكانية الوصول لحكومة وحدة وطنية، وأعتقد أنه على الأطراف المتحاورة بالأخص فتح وحماس أن تشرك الأطراف الأخرى من أجل أن يسرّع في تشكيل هذه الحكومة المأمولة وكسر حالة الحصار التي نتعرض لها. لا شك أن هذه الحكومة ستواجه صعوبات في بداية عملها، لكن توحد الجميع في إطار هذه الحكومة سيمكننا من الصمود أمام أية ضغوط إضافية. أرجح أن نكون خلال أسبوعين أو ثلاث أمام إعلان هذه الحكومة.

* لنفترض أن حكومة الوحدة الوطنية خلال هذه الأسابيع وُلدت بعد مخاض عسير، ألا يُخشى من وضع شروط ومحددات عبر الضغوط الدولية وهيمنة الغرب، فلا تلبي الحكومة الجديدة الشروط التي على أساسها سيفك الحصار؟
يجب أن نتفق أن الاشتراطات التي تقدمها الرباعية هي اشتراطات ظالمة بحق الشعب الفلسطيني، ويجب أن ننطلق من أن حكومة الوحدة الوطنية هي إحدى أدوات الكفاح التي يتوحد من خلالها الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وعلى هذا الأساس يجب أن نصوغ برنامج الحكومة القادم، بحيث نتمسك بالثوابت ووسائل النضال، ويجري العمل على تشكيل جبهات المقاومة لمواجهة اعتداءات المحتل المعتادة والمحتملة، وفي ذات الوقت تفتح إمكانات فك العزلة عن الحكومة الراهنة. الاستجابة لشروط اللجنة الرباعية يعني ببساطة المساهمة في تطويع كل الاتجاهات السياسية في الشعب الفلسطيني لصالح هذه الاشتراطات، وهذا أمر لن يقبل به جموع الشعب الفلسطيني. مصلحة شعبنا تقتضي التمسك بالثوابت وفي نفس الوقت العمل على كسر الحصار، ليس بالاستجابة لشروط الرباعية ولن بتفكيكها على طريق إنهائها.

* هل تعتقد أن نتائج الانتخابات النصفية لمجلس الشيوخ والنواب بنجاح الديمقراطيين فيها يمكن أن يكون له تأثير في تخفيف الضغوط من حدة اشتراطات الرباعية بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية؟
لا أعتقد أن نتائج هذه الانتخابات ستعكس نفسها على الموضوع الفلسطيني، لأن هذه الانتخابات خيضت تحت شعارات بعيدة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أساسها كان الحرب على العراق والقضايا الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية، مع الإشارة إلى أن من نجحوا ومن تمثلهم الآن كزعيمة للحزب الديمقراطي يُقال أنها من أشد المناصرين لحكومة إسرائيل وعداءً للشعب الفلسطيني. في كل الأحوال لا أعتقد أن نتائج هذه الانتخابات سيكون لها انعكاس مباشر على الاشتراطات التي تصر عليها الإدارة الأمريكية، ومع ذلك نحن كفلسطينيين يجب أن نطرق كل الأبواب من أجل تخفيف حدة هذه الاشتراطات، ويجب أن نسعى مع الحزب الديمقراطي لتغيير موقفه المناصر لحكومة إسرائيل، ودعوتهم للنظر إلى المصالح الأمريكية في المنطقة باعتبار أن هذه المصالح تكون مهددة إذا ظل مستمراً الانحياز الأمريكي لإسرائيل التي تمارس عدواناً ظالماً على الشعب الفلسطيني وتصر أن تنكل به كل أشكال التنكيل التي كان آخرها مجزرة بيت حانون.

الاتفاقيات الثنائية قد تنتكس مجدداً
وسألنا السيد صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ما يلي:

* ما هو دور الجبهة الديمقراطية في تشكيل حكومة وحدة وطنية وهل لها مشاركة؟
نحن على استعداد كامل للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، بل ونعتبر أن مشاركة جميع الكتل البرلمانية والقوى السياسية في هذه الحكومة هو الضمانة للخروج من هذه الأزمة، خاصة إذا كان برنامج هذه الحكومة أيضاً يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني. آن الأوان كي نخرج ويخرج هذا الوضع الفلسطيني من المأزق الراهن، يكسر الحصار ويلجم العدوان الإسرائيلي، ونستعيد المكانة الدولية لقضيتنا الفلسطينية. كل هذه الأمور ممكن أن تتحقق شرط أن نبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم ننطلق بعد ذلك لتطبيق جميع بنود وثيقة الوفاق الوطني وخاصة الشعور بتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، والبدء بحوار حول تشكيل جبهة مقاومة موحدة.

* قبل شهور كان لكم جولة واسعة لتخفيف حدة التأزم والخلاف بين حركتي فتح وحماس، وشاركتم في حوار دائم وكان لكم دور إيجابي في مساعي حكومة الوحدة الوطنية، هل تأملون أن ترى هذه الحكومة النور ولا تواجه صعوبات؟
شروط تشكيل حكومة الوحدة ليس فقط أن تضم الجميع وينبثق برنامجها من وثيقة الوفاق، وإنما أيضاً هي مرتبطة بعوامل خارجية، كفك الحصار والإفراج عن النواب والوزراء والأسرى المعتقلين لدى الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن ارتباطها بالوضع الداخلي الفلسطيني بمعنى أن تكون مربوطة بخطوات على صعيد البناء وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية. إذن لهذه الحكومة محاولة جادة أن تمثل مخرجاً فعلياً من الوضع المتردي والسيئ الذي نعيشه، وللارتقاء بوضع أفضل وإعادة النضال الوطني الفلسطيني على سكة الاستقلال والحرية. من شروط إنجاح هذه الخطوة الكبرى فلسطينياً هو المشاركة السياسية البرلمانية والفصائلية في الحوارات والمشاورات من أجل تشكيل حكومة وحدة. من خلال التاريخ الفلسطيني وبالتجربة الأخيرة أخذنا عبرة أن الاتفاقيات الثنائية تتقدم لكنها قابلة للانتكاس مجدداً، بينما إذا نظرنا للحلول الوطنية التي عبر عنها على سبيل المثال إعلان القاهرة في آذار/مارس 2005، ثم وثيقة الوفاق والوطني وتوقيع الجميع عليها هي الخطوات الكبرى لأن كل الجهد الوطني شارك بها، وقد ضمن وصول المبتغى في تشكيل حكومة وحدة.

* بشائر كبرى تسود المجتمع الفلسطيني الداخلي حول حكومة الوحدة المرتقبة، خاصة حول فك الحصار وبعد قرار مجلس وزراء الخارجية العرب بفك هذا الحصار فوراً.. الآن المطلوب أن يكون الحوار إيجابي وبناء وتفاهمات تصل وتساعد في ذلك.. فهل نسمع خلال شهر أو شهرين عن تحقيق هذه الوعود؟
نحن نقول بأن هذا الحصار ظالم وفرض على شعبنا، ليس من اليوم فقط ولكن منذ حياة الشهيد الرمز ياسر عرفات، وتواصل بل تفاقم مع تشكيل حكومة جديدة. نحن مع المطالبة بفك الحصار الجائر أثناء وبعد تشكيل الحكومة، خاصة أن هذا الحصار فشل في كسر إرادة شعبنا ولم يتمكن من نيل صمود جماهير هذا الشعب العظيم. حكومة يشارك فيها الجميع ببرنامج قائم على أساس الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية هي المدخل لإنهاء هذا الحصار.

* إلى أي مدى تتوقعون أن تلقى حكومة الوحدة قبولاً في المجتمع الدولي ولا تعود الرباعية لفرض شروط إضافية؟
دائماً كنا قادرين على الفعل إقليمياً ودولياً، ولطالما خرجنا من حصارات شديدة تعرضنا لها بالوحدة الوطنية. الوحدة ليست أرضية للنهوض بالوطن جماهيرياً وشعبياً، وإنما أيضاً الوحدة هي المدخل للتأثير في الوضع العربي العاجز أمام الاستهتار الأمريكي باستخدام الفيتو ضد إدانة مجزرة بيت حانون في مجلس الأمن. بوحدتنا نستطيع أن نستنهض الوضع العربي ونؤثر في الوضع الدولي، الوحدة ضمانتنا بالانتصار وليس فقط فك الحصار. أنا على يقين أن الوحدة هي طريق التحرير نحو القدس.

* إلى أي مدى ستلقى قضايا الأسرى طروحاً عملية بحق، الإفراج عن النواب، قضية الأسير الإسرائيلي، وأسرانا في سجون الاحتلال؟
من المؤكد أن هذه قضية الأسرى ستأتي ضمن الاتفاقات، لكن ما يهمنا هو العشرة آلاف أسير لدى إسرائيل، والظلم اللاحق بشعبنا من هذا الاهتمام الخارجي الضخم بجندي إسرائيلي واحد، بينما العشرة آلاف أسير الفلسطيني لا يأخذون شيئاً من هذا الاهتمام، رغم أنهم أسرى من أجل الحرية. قضية الأسرى من أولى أوليات البرنامج الوطني والتي يجب على الحكومة القادمة أن تهتم بها، حيث برنامج الحكومة الأساسي هو توفير مقومات الصمود لشعبنا ومن ضمنه أسر الشهداء، وأكرر حرية أسرانا شرط لأي حل بدون أي قيد أو تمييز، حرية الأسرى هي أساس لأي عملية سلام في المستقبل. علينا أن نعمل من أجل توفير مقومات صمودهم وتحريرهم عبر الجهود الإقليمية والدولية.

* وأنتم على أرض الوطن كيف ترون ترحيب القيادة العليا للجبهة الديمقراطية في دمشق، وكيف ستكون هذه الوحدة ضمانة لهم للحفاظ على حقوق فلسطينيي الشتات؟
كنت قبل أيام قليلة بين أهلنا في سوريا ولبنان، في المخيمات وخارج المخيمات كل القلوب والعقول متجهة نحو فلسطين، فهم يراهنون على وحدة هذا الشعب وتوحده على أرضه، كانوا منزعجين جداً من التوترات التي نشأت في الشارع الفلسطيني والخلافات بين أبناء الوطن. طريق العودة يبدأ من هنا، من بناء دولة فلسطينية داخل الوطن، هم يعتبرون أن تشكيل حكومة الوحدة هي المنطلق من أجل إعادة بناء الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وهي منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك بناء على أسس ديمقراطية، وقيادة واحدة ومركز قرار فلسطيني واحد. هذه المنظمة التي تعبئ طاقات شعبنا في الداخل والخارج من أجل نيل حقوقنا، والتي بلورت الوجود الفلسطيني وشخصيته.

التفاؤل بحذر
أما السيد وليد العوض عضو اللجنة المركزي لحزب الشعب الفلسطيني وعضو المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية فسألناه:
* أجواء إيجابية تسود الشارع الفلسطيني بعد أنباء عن التوصل لاتفاق حول حكومة الوحدة الوطنية، أجواء إيجابية تسود الساحة الفلسطينية من الهدوء والتفاهم وتعزيز الوحدة بعد هذا الكم من الحوارات الوطنية، ما هو دور حزب الشعب في هذا الحوار؟
خلال الأسبوع الأخير سادت هذه الأجواء الإيجابية، لكن للحقيقة نقول أن هذه الأجواء رغم إيجابيتها لم ترتقي حتى الآن لطموح شعبنا الفلسطيني. نأمل ونسعى لأن تترجم هذه الأجواء الإيجابية لخطوات عملية من أجل الوصول لحكومة وحدة وطنية فلسطينية. نرى أنه حتى الآن تباطؤاً وعدم جدية من القوى الرئيسية المعنية، فنحن نعيش أزمة عميقة تطال جميع أوجه الحياة الفلسطينية. هناك أزمة سياسية متمثلة بتراجع مكانة القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، هناك أزمة اقتصادية تهدد النظام الاقتصادي الفلسطيني برمته، هناك احتلال بغيض يدك في أبناء هذا الشعب ويغتال حياته، هناك أزمة أمنية تتمثل في الانفلات الأمني العارم في الساحة الفلسطينية، وهناك حالة تناقض كبيرة جداً في مؤسسات النظام الفلسطيني. مجمل هذه العوامل التي تؤشر للأزمة دفعت الشعب الفلسطيني وقواه الحية ومن ضمنها حزب الشعب الفلسطيني للخروج من الأزمات. قُدمت في شهر نيسان وثيقة يمكن أن تخرجنا من وضعنا الراهن، كنا في حزب الشعب قوة فاعلة ومؤثرة في تلك الحوارات، واستطعنا أن نتوصل لاتفاق بالتوقيع بالأحرف الأولى على وثيقة الأسرى التي هي وثيق الوفاق الوطني والتي يجب أن تطبق ببنودها الاثني عشر تدريجياً حسب الأولويات التي تقتضيها مصلحة الشعب الفلسطيني. كنا نعتقد حينها أن الأولوية تكون لإقامة حكومة وحدة وطنية تساهم في فك الحصار على الشعب، لكن هذه الأولوية لم تكن أولوية لدى قوى أخرى، فانقلبت المعايير وعدنا مجدداً للدوران في أتون الأجندات الخاصة لهذا التنظيم أو ذاك، وخاصة للحزب الأكبر في الحكومة وهو حركة حماس. فبعد الاتفاق على الوثيقة وتوقيعها لم تكن أجندة بعض قادة حماس حكومة الوحدة، بغض النظر عن التصريحات التي تخرج من هنا وهناك.

* كنا نعتقد أنه حالياً تم تجاوز هذه النقاط..؟!
التجاوز يأتي بالعموميات، مازالت الوحدة الوطنية تتطلب برنامجاً سياسياً واضحاً تشترك به جميع فصائل العمل الوطني، لكن ما يجري الآن هو لقاءات ثنائية بين فتح وحماس، حتى الآن لم يُعلن هذا الاتفاق السياسي للقوى الوطنية والإسلامية كما أنه لم يعلن للشعب بشكل عام. حين اجتمعنا مع الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء تحدثوا بحميمية عالية عن الإيجابيات. لكن حكومة الوحدة لا تأتي عبر المباحثات الودية والمشاعر الجياشة، الحكومة الفلسطينية الوطنية التي انتظرها شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من ثمانية شهور تتطلب خطوات عملية ونقصد بذلك اتفاقاً سياسياً واضحاً يُعلن للشعب برمته ويكون بذلك برنامج الحكومة التي ستفك الحصار عن الشعب الفلسطيني. مطلوب خطوات جدية بهذا الاتجاه وليس الحديث عن محددات وعن استدراكات ومقيدات، عندما أسمع رئيس الوزراء يتحدث عن منظومة كاملة لأسس وقواعد ومقومات لحكومة الوحدة، وقد يستغرق الحوار في هذه المنظومة الكاملة شهور عديدة، لهذا مطلوب منا أن نتفاءل بحذر. فإذا لم نتمكن من الخروج بحكومة وحدة وطنية فقد دعونا لترأس هذا الشعب حكومة كفاءات فلسطينية تبتعد عن الاستحقاقات السياسية وتترك الشأن السياسي الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية والسيد الرئيس أبو مازن، وتدع لحكومة الكفاءات إدارة الشأن الداخلي سواء في عملية الإصلاح وتقويم الوضع في مؤسسات ووزارات السلطة، أو على صعيد الأزمة معالجة الداخلية الفلسطينية التي يرأسها الانفلات الأمني، حكومة تعمل على فك الحصار المفروض بتجاوز شروط الرباعية. عندما تكون هناك حكومة وحدة وطنية خالصة، عليها أن تتعامل مع شروط الرباعية، أما الآن فكيف؟ نحن في حزب الشعب تركنا ذلك لمنظمة التحرير لفك العزلة والحصار عن الشعب الفلسطيني.

* في حال نجاح قيام الحكومة المذكورة، هل ستشاركون في هذه الحكومة وما حجم مشاركتكم؟
نحن نتفاءل بحذر، فنتعاطى مع هذا الملف السياسي الشائك والمعقد والذي يتطلب إجابات سياسية واضحة بعيداً عن المماطلة والمراوغة. نأمل لكافة الجهود العاملة على حكومة وحدة وطنية أو كفاءات وطنية أن ترى النور خلال أقرب وقت ممكن، فلم نعد نملك ترف الوقت الإضافة الذي يمكن أن يهدر. ما يتعلق بمشاركتنا، نحن حزب ممثل بالبرلمان، نرى أن حكومة وحدة وطنية سيكون فيها مكان لحزب الشعب، لم نبحث حتى الآن هذا الموضوع وإن كنا نفضل أصلاً أن تشكل حكومة كفاءات شاملة من الكفاءات الوطنية المستقلة. وعندها نحن في حزب الشعب لن نقف طويلاً لانتظار مقعد في هذه الحكومة. نتمنى أن تصل الحكومة المنتظرة لمستوى تعيد فيه الحراك للقضية الفلسطينية بعد أن أصبحت قضية إنسانية لشعب ينتظر المعونات والكوبونات من هذه الجهة أو تلك.

ماذا بعد؟
هل تأتي حكومة الوحدة الوطنية كحل سحري لمشاكل الانفلات الأمني وشبه الحرب الأهلية وانقطاع الرواتب وازدياد حدة الاجتياحات الإسرائيلية.. إلخ من قضايا، أم تكون مجرد سراب وتتحطم كل الآمال العريضة للمواطن العادي على صخرة المصالح الشخصية والحزبية؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام..