العميد فاروق المعاودة يتحدث لـ quot;إيلافquot;:
البحرين تقترح جهازا خليجيا لمكافحة الارهاب والتهريب

مهند سليمان من المنامة: أكد المدير العام للإدارة العامة للمباحث والادلة الجنائية البحرينية العميد فاروق سلمان المعاودة بأن دول الخليج أصبحت مستهدفة بالفعل من قبل عصابات ومروجي المخدرات حول العالم بسبب الموقع الإقليمي لدول الخليج العربي وقرب دولها من مصادر إنتاج المواد المخدرة، والوفرة المالية التي تتمتع بها دول الخليج والتي جعلت منها هدفاّ لعصابات تهريب المخدرات. وقال المعاودة في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; ان دول مجلس التعاون تواجه تحديات وقضايا أمنية خطيرة تتطلب اليقظة والحذر والرصد والمتابعة والاستشراق المدروس لأبعادها وتداعياتها حتى تتمكن دول المجلس من مواجهة قضايا الإرهاب واستشرائه وتمويله وقضايا انتشار المخدرات وغسل الأموال وتناميها والجرائم المعلوماتية التقنية وغيرها من الجرائم الأمنية المنظمة والمتجددة وقال :quot; أن الحذر والرصد والمتابعة تستدعي توافر المعلومات وتبادلها بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس بالسرعة والسرية المطلوبة مشيرا إلى أن مملكة البحرين تقدمت باقتراح إنشاء جهاز للشرطة الجنائية الخليجية على غرار منظمة (اليوروبول) وسيحقق الكثير من الأهداف المرجوة منه.

وحول دور البحرين في مكافحة المخدرات أكد العميد فاروق أن البحرين سعت من خلال جهود الأجهزة الحكومية والأهلية إلى مكافحة آفة المخدرات بضبط المواد المخدرة، ومعاقبة المتاجرين بها، والتصدي لمروجيها وكشف حالات التعاطي، وإنشاء المراكز لمعالجة المدمنين. وبالنسبة للشحاذين الدوليين أكد المعاودة أن هناك من استغل التسهيلات الممنوحة للمقيم في دول مجلس التعاون في حالة صلاحية إقامتهم وصلاحية جوازاتهم مدة لا تقل عن 6 شهور في إطار التعاون والتنسيق بين هذه الدول، فيأتون على أساس قضاء مدة الأسبوعين المسموح بها فيمارسون (الشحاذة) وهؤلاء يتم تسفيرهم بعد الحكم عليهم، كما نفى المعاودة حول ما تتناقله الصحف من وجود لعبدة الشيطان في البحرين مؤكدا انها مجرد تضخيم لا أساس له من الصحة ولم ترصد الداخلية أي حالة بخصوص هؤلاء الفئة.

وفيما يلي نص اللقاء مع العميد فاروق ....

إيلاف : هل تعاني البحرين فعلا من مشكلة في مكافحة المخدرات؟

العميد فاروق: مشكلة المخدرات مشكلة عالمية تعاني منها كافة بلدان العالم أجمع سواء أكانت من دول العالم النامي أو تلك المتقدمة، ودول الخليج ليست بمنأى عن ذلك المد، ودول الخليج خاصة مستهدفة بالفعل من قبل عصابات ومروجي المخدرات حول العالم، يحفزهم على ذلك الموقع الإقليمي لدول الخليج العربي وقرب دولنا من مصادر إنتاج المواد المخدرة، والوفرة المالية التي تتمتع بها دول الخليج والتي جعلت منها هدفاّ لعصابات تهريب المخدرات.
ونحن على يقظة لذلك ونتصدى لهذا التحدي بكل حزم، ففي العام الماضي فقط نجحنا في ضبط ( 847 قضية مخدرات ) بجهود من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية متمثلة بإدارة مكافحة المخدرات ، تورط فيها ( 997 متهم ومتهمة ) وتم ضبط ( 284 كيلو من مادة الحشيش ) ، ( وكيلو و 37 غرام من الهيروين ) ، ( 544 جرام من المرجوانا ) ، ( 5 جرام من القات ) ، ( أربعه جـــــــــــرام من الكوكايين ) و ( عدد 7305 من الأقراص الطبية المخدرة ) بما قيمته ملايين الدنانير ، ونستطيع - من خلال تلك الإحصائية- قراءه درجة تزايد المشكلة في مملكة البحرين والسعي الحثيث من قبل التجار للتغلغل في البلاد كما هو الحال في أغلب دول العالم، وهو ما تتصدى له بحزم الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.


إيلاف : ماهو دور البحرين في مكافحة المخدرات ؟

العميد فاروق: البحرين سعت من خلال جهود الأجهزة الحكومية والأهلية إلى مكافحة آفة المخدرات بضبط المواد المخدرة، ومعاقبة المتاجرين بها، والتصدي لمروجيها وكشف حالات التعاطي، وإنشاء المراكز لمعالجة المدمنين، وجاء قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر رقم 92 لسنة 2006 ، بشأن إنشاء وتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات إنجازاً وطنياً يهدف إلى وضع الخطط والبرامج للقضاء على مشكلة المخدرات من خلال التنسيق والتعاون بين الجهات المختصة، وتعزيز إجراءات المراقبة والضبط لملاحقة مرتكبي جرائم المخدرات، ومراقبة المنافذ الحدودية بالتعاون مع الجهات المختصة، كما أن وزارة الداخلية تدعو كافة الهيئات والمؤسسات للمساعدة والتعاون معها لإنشاء مركز متخصص لعلاج المدمنين وتخفيف معاناتهم، والأخذ بيدهم لاستئناف حياتهم العادية والتخلص من آثار المخدرات السلبية، وذلك في إطار سعي الوزارة للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين على أرضها.

إيلاف : هل البحرين فعلا منطقة عبور للمخدرات فقط ؟ وأين يتم إعدام المواد المخدرة؟

العميد فاروق: البحرين على مستوى متقدم في مكافحة المخدرات بين نظيراتها ، وغالباً ما تستخدم أرضنا كمنطقة عبور لمتاجري المخدرات نظراً لحجمها الصغير وموقعها لاستراتيجي كجزيرة ، وحجم تفشي الإدمان محدود نسبيا مقارنة بعدد السكان، ربما لمحدودية إمكانيات المواطنين المادية وللارتفاع النسبي في مستوى الوعي عند المواطنين.
أما عن تلك المواد التي تضبط في المنافذ يتم وزنها في مكان ضبطها ويتم تحريزها وتقييد بياناتها في محضر الضبط، ويتم إرسالها إلى النيابة العامة التي تقوم بوزنها وتشميعها وإرسالها إلى مختبر البحث الجنائي بهذه الإدارة، وبالنسبة للإتلاف فهنالك لجنة مشكلة من قبل وزير العدل بناءً على القرار الوزاري رقم 5 لسنة 2005م تنهض بهذه المهمة وتضم أعضاء من وزارة العدل، وإدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية وأعضاء من إدارة مكافحة المخدرات، وقد تم بتاريخ 25/4/2005م إتلاف 1557 كجم من المواد المخدرة، وبتاريخ 27/6/2005م تم إتلاف 1607 كجم، وقد تم اختيار إحدى الشركات المتخصصة للمساعدة في إعدام النفايات بأفران خاصة تبلغ درجة حرارتها 800 درجة مئوية، حيث بلغ مجموع المواد المخدرة المعدومة والمتلفة 3164 كيلوجرام. مع العلم بأن هذه اللجنة تزاول عملها فور صدور الأحكام النهائية بحق القضايا، وتصور عملية نقل المواد المخدرة من المخزن بالفيديو والصور الفوتوغرافية حتى وصولها إلى الشركة التي تم اختيارها لإعدام تلك المواد وفق ما تقتضيه سلامة البيئة.


إيلاف : وقعتم اتفاقية قبل ايام مع الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات ما مدى اهميتها؟

العميد فاروق: تم توقيع اتفاقية تنفيذ مشروع البرنامج الوطني لمكافحة المخدرات المتعدد القطاعات بين حكومة مملكة البحرين والمكتب الانمائي للأمم المتحدة، ، وتهدف الاتفاقية الى وضع برنامج شامل لمكافحة المخدرات ومواجهة الاتجار غير المشروع بها والحد من تعاطيها من خلال تنفيذ خطة وطنية استراتيجية تتولى اللجنة الوزارية المشكلة برئاسة وزير الداخلية الاشراف عليها من خلال الوزارات المعنية.


إيلاف : كيف تنظرون إلى الأحكام القضائية التي تطال المتهمين في قضايا تعاطي المخدرات ؟

العميد فاروق: نحن ننظر للمتعاطي على أنه ضحية ، وغالباً ما يمنح فرصة ثانية لتصحيح وضعه والعودة عن مسلكه ، وتكرر التهم مدعاة لتغليظ العقوبة، والأحكام القضائية التي تطال المتاجرين أشد بالمتعاطين، وتوافر أركان جريمة الاتجار وأركان جريمة التعاطي يؤثر على الحكم أيضا، ورغم أننا نثق بالقضاء إلا أننا نعتقد بضرورة تشديد العقوبات الخاصة بجرائم المواد المخدرة أسوة بدول المجلس.
وهنا الأمر يرجع للقضاة و المشرعين الذين يوائمون بين الأحكام والظروف والحيثيات المعاشة ، ولا يجب هنا إغفال دور المتعاطي في مساعدة نفسه على الخروج من بئر الإدمان، ودور أسرته والبيئة المحيطة به، ونحن نتمنى من الأسر أن تكثف اهتمامها بالمتعاطي الذي تنتهي فترة عقوبته، فالإهمال هو السبب الرئيسي لعودة الفرد للتعاطي مراراً وتكراراً حتى وإن عوقب ، والمدمن المتعافي بحاجة لدعم أسرته ومجتمعه لكي لا يضعف أمام المخدر من جديد.

إيلاف : هل هناك عيادات نفسية أو علاجية خاصة بالمدمنين ؟

العميد فاروق: نعم هناك عيادة نفسية كما و أن هنالك زيارات مستمرة من أخصائيين بهدف إلقاء محاضرات وندوات للمتعالجين من السجناء ، وهنالك برامج تأهلية لهم تساعدهم على العمل وإدارة دفة حياتهم بعد الانتهاء من مرحلة السجن ، وأكرر مجدداً عبر هذا اللقاء ندائي للأهالي وأولياء الأمور بأن لا يتركوا أبنهم المتعاطي ليصل لهذه المرحلة وذلك بالمبادرة بإبلاغنا لمساعدته في العلاج مؤكدين لهم أن المدمن يفلت من العقاب الجنائي إن هو ما سلم نفسه طواعية وخضع للعلاج وإلا فلن يكون مصيره إلا السجن أو جرعة مخدرات تقضي على حياته نهائياً.


إيلاف : هل يعاني رجال المكافحة من نقص في التعامل مع مسرح الجريمة وخصوصا مع خروج بعض المتهمين من بعض القضايا بالبراءة بسبب الخطأ في الإجراءات؟

العميد فاروق: في الواقع كنا نعاني من هذا الأمر بالفعل ولكننا قوضنا هذه المشكلة بزيادة جرعات التدريب في القبض والضبط من خلال محاضرين ومستشارين مختصين في إدارة الشؤون القانونية ، وتم تزويد نوبات رجال المكافحة بضباط قانونيين يتم إيفادهم إلى دول المجلس والدول الأجنبية لينالوا حظهم من التدريب وتبادل الخبرات بين الحين والآخر.
وكانت تلك الحالات تصادفنا نتيجة الاستعجال في التفتيش و المداهمة دون السير في الإجراءات المناسبة نتيجة لغيرة رجل الأمن على وطنه ورغبته في القبض على المتهمين خوفاً من ضياع القضية، فقضايا المخدرات هي قضايا إجراءات بحتة وأي خطأ في تلك الإجراءات قد يؤدي إلى بطلان القضية ، خاصة إجراءات التحريات و الضبط و التفتيش و المداهمة و دخول المساكن ، وتزويد الوزارة بضباط قانونيين حد من هذه الإجراءات ، وفي الأشهر الثلاث الأخيرة نجحنا في إصدار أكثر من ثلاثين حكم في قضايا مخدرات لا تقل فيها العقوبة عن 10 سنوات بالنسبة للمتعاطين والمتاجرين و كفالات مالية لا تقل عن 5000 دينار، وذلك مؤشر واضح على قلة الأخطاء الإجرائية التي تحدث بالمناسبة في أغلب الدول و في مختلف القضايا.

إيلاف : هل هناك فعليا حملات للأماكن المشبوهة التي تشوه من صورة البحرين ؟

العميد فاروق : الإدارة تكثف حملاتها دائما لمداهمة الاماكن المشبوهة لممارسة الدعارة ، كما ان رجال قسم الاداب يقومون بحملة مداهمة كل يومين تقريباً، وتشمل المداهمات تشمل عددا من الاماكن المخالفة للقوانين والانظمة، وان الحملات كشفت عن العديد من التجاوزات وتم اتخاذ الاجراءات القانونية الخاصة بالمتورطين وذلك بعد أن يتم نصب كمائن محكمة لضبط حالات التلبس فيها، وتحويلهم للنيابة العامة.
كما ان قسم حماية الاداب تمكن من ضبط عدد من البيوت المستأجرة في الاونة الاخيرة تستغل لأعمال الدعارة في مختلف مناطق البحرين، وان القسم يتلقي العديد من البلاغات والشكاوي الخاصة بالاشتباه بأماكن او شقق وبالتالي يقوم بعمليات التحري لضبط المتهمين، واغلب الجنسيات المضبوطة هي من دول جنوب شرق اسيا واوربا الشرقية اضافة إلي بعض الدول العربية.
كما إننا نعمل بالتعاون مع رجال السياحة الذي يساهم في تسهيل عمل رجال الامن للقبض على المتورطين ، وان الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية تقوم بابلاغ السياحة مباشرة حال رصد اي مخالفة.

إيلاف : ماهي آخر تطورات الفريق المكلف إنشاء شرطة جنائية خليجية وما الهدف منه ؟

العميد فاروق : ان دول مجلس التعاون تواجه تحديات وقضايا أمنية خطيرة تتطلب اليقظة والحذر والرصد والمتابعة والاستشراق المدروس لابعادها وتداعياتها حتي تتمكن دول المجلس من مواجهة قضايا الإرهاب واستشرائه وتمويله وقضايا انتشار المخدرات وغسل الأموال وتناميها والجرائم المعلوماتية التقنية وغيرها من الجرائم الأمنية المنظمة والمتجددة مشيرا إلي أن الحذر والرصد والمتابعة تستدعي توافر المعلومات وتبادلها بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس بالسرعة والسرية المطلوبة، ومملكة البحرين هي من تقدمت باقتراح إنشاء جهاز للشرطة الجنائية الخليجية على غرار منظمة (اليوروبول) في اجتماع وزراء داخلية دول مجلس التعاون.
وفي الواقع الاجتماعات الدورية تسير على قدم وساق من أجل إنجاز المشروع حيث عقدنا قبل نحو شهريا اجتماعا بحضور الأمين العام المساعد للشئون الأمنية العميد محمد بن علي فضل النعيمي وهدف الاجتماع لمناقشة الأهداف المرجوة من إنشاء هذا الجهاز وتشكيله ومرجعيته وآلية العمل بين الأجهزة الأمنية المعنية بدول مجلس التعاون الخليجي، وقد ترأس الاجتماع المقدم علي سالم الخيال من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وانا قلت في كلمة لي في مستهل الاجتماع إن هذا الاجتماع يأتي ضمن التعاون الوثيق في جميع المجالات الأمنية من خلال تنسيق الجهود وتوحيد المواقف والسعي نحو إيجاد آليات فاعلة لحصر ظاهرة الجريمة وتحقيق التعاون الأمني الخليجي بمفهومه الشامل ومضمونه التام، وان ما تتضمنه جدول أعمال الاجتماع شكل حافزا واعيا لمناقشة الموضوعات المدرجة على جدول أعماله والتوصل لمقترحات وتوصيات بنائه لترسيخ وتدعيم أواصر التعاون الأمني المتماشية مع مصالح وأولويات شعوب دول مجلس التعاون.


إيلاف : ماهي قصة العصابة الأفريقية التي سرقت مليونين ريال ونصف وبإستخدام الجن ؟

العميد فاروق : تسببت المعلومات الكاذبة التي تقدم بها احد المصارف لرجال الأمن حول سرقة مليونين و400 ألف ريال سعودي في عرقلة جهودهم للقبض على الجناة بسرعة، ولكن التعاون البحريني الإماراتي أثمر عن القبض على الجناة الأفارقة الثلاثة في دبي وسيتم تسليمهم إلى البحرين خلال اليومين القادمين.
التفاصيل المثيرة للقصة، حيث بدأ بالبلاغ الكاذب الذي تقدم به موظف المصرف لإدارة أمن المنامة، الذي ذكر فيه ان أفارقة طلبوا من موظف شركة الصرافة توفير مبلغ مليونين و400 ألف ريال سعودي مقابل تسليمهم عملة بحرينية بحجة إنهم سيتجهون إلى السعودية خلال يومين للتجارة.
الموظف قال بأنه لم يكن بحوزته ذلك المبلغ إلا 400 ألف ريال فقط، وانه قام بالاتصال بالفرع الرئيسي وأبلغهم أن هناك جهة حكومية تحتاج إلى هذا المبلغ ويجب توفيره اليوم السبت، وبدوره قام الفرع الرئيسي بتجهيز المبلغ كونه اعتاد هذا الطلب من هذه الجهة الحكومية وتم وضعها في شنطة واحدة وتسليمها للموظف.
الموظف قال ايضا في بلاغه انه اتصل بالزبائن الأفارقة إلا أنهم أبلغوه أنهم لن يستطيعوا الحضور لاستلامه في اليوم ذاته، وطلبوا تأجيله ليوم الأحد لكون السبت عطلة، ولن يستفيدوا من أخذ المبلغ السبت، وقال الموظف أيضا انه أغلق الشنطة لليوم الثاني وحاول الاتصال بالأفارقة إلا أنهم تأخروا وقام بإرجاعها إلى الفرع الرئيسي الذي تفاجأ بأن مفتاح الشنطة لا يفتح، فاضطروا لكسر القفل ليجدوا أوراقا بيضاء، وقال الموظف انه قد تعرض للسحر.
هذا كان البلاغ والمعلومات الكاذبة التي تقدم بها موظف المصرف والتي تسببت في انحراف مسار القضية وتضليل جهود رجال الأمن الذين كان بإمكانهم ضبط الجناة لولا خدعة موظف المصرف التي اكتشفت لاحقا من قبل الرائد عيسى القطان الضابط في إدارة أمن المنامة الذي كشف أول خيوط الكذب في الجريمة وبدأ في كشف الصورة الحقيقية للجريمة.

التفاصيل الحقيقية للقصة والتي كشفت عنها التحريات المكثفة والسريعة التي قام بها رجال أمن المنامة ورجال التحقيقات الجنائية ممثلين بالضابط بسام المعراج كشفت ان هناك سابق معرفة بين موظف الصرافة وبين أحد الأفارقة بدأت قبل شهور من الجريمة، حيث أقنعه بأن لديه طريقة تمكنه من مضاعفة أي مبلغ ٩ أضعاف دون أن تكون المبالغ أمام عينه مما يجعل الموظف مطمئنا ان المبالغ ستظل في حوزته، وإن المضاعفة ستتم فور إعادتها إلى الخزنة.
وحسب الوعد حضر الأفارقة الثلاثة إلى البحرين وسألوه عن أكبر عملة لديكم في البحرين؟ فأجابهم بأنها من فئة العشرين ديناراً إلا أنهم طلبوا منه أن يحضر لهم من فئة 500 ريال، فأخذ ورقة من الفئة ذاتها وتوجه إلى شقة الأفارقة وقاموا بعمل بعض السحر باستخدام البخور وتحولت الورقة إلى 9 أضعاف وكونه خبيرا في الأموال ونوعيتها قام بفحصها وتبين أنها حقيقية.

وبعد هذه العملية طلبوا من الموظف أن يحضر لهم اكبر مبلغ لديه من العملة ذاتها لأن الجان الذي يتعاملون معه لن يعطيهم سوى فرصة واحدة فقط بعدما انتهت الفرص السابقة، وقام الموظف بتجهيز المبلغ وتوجه إلى شقة الأفارقة مرة أخرى وإذا بهم يجهزون معدات السحر والبخور ليبدأوا طقوس تحويل المبالغ إلى 9 أضعاف.

احد الأفارقة قام بإعتام الشقة وإشعال البخور فيها بعدما قام بلف المبالغ بقطعة قماش وبدأ في طقوسه التي تضمنت إحراق إصبع الموظف لتشتيت تركيزه عبر إعطائه خاتم سخنه مسبقا على النار، إضافة إلى إعطائه وعاء من الماء لكي يغتسل فيه وقام الموظف بالدخول مع الأفريقي إلى الحمام للاغتسال بالماء، وأكد العميد انه في هذه اللحظة تمكن زملاؤه من تغيير الشنطة الأصلية، ودلت التحريات إن مكالمة جرت لأقل من 4 ثوان في فترة توجه الموظف الإفريقي إلى الحمام مما يؤكد انه أعطى الإشارة لزملائه ببدء العملية.

الأفريقي طلب من الموظف عدم فتح الشنطة إلى بعد 4 ساعات لكي يتمكن الجان من مضاعفة المبلغ الكبير في هذه الفترة وأن يبتعد عن موقع الشنطة مسافة كيلو متر واحد حسب الاتفاق مع الجان، وقال إن الموظف قام بإعادة الشنطة واتصل بالأفارقة بعد اكتمال الأربع ساعات إلا أن هواتفهم كانت ترن وكأنها خارج البحرين وأقفلت بعد دقائق من الاتصال.

الموظف أبلغ المدير الذي كان على علم بما يقوم به الموظف وأمر بكسر الشنطة واكتشف أوراقا بيضاء خاوية وقاموا بإبلاغ الشرطة، كما اتضح إن الأفارقة قاموا بتحويل الأموال على دفعات عبر شركات أخرى خلال مهلة الأربع ساعات قبل فتح الشنطة من الموظف وتمكنوا من الفرار خارج البحرين.
وأكد المعاودة أنه منذ تلقي البلاغ بدأ رجال الأمن بالتحريات السريعة، وقال بأنه اصدر توجيهاته للرائد بسام المعراج لمتابعة القضية والتأكد من وجهة سفر الجناة الأفارقة الثلاثة والتي اتضح بعد الاتصالات التي أجريت مع مباحث دبي أنهم دخلوها بالفعل وتمكنوا من القبض على الواحد تلو الأخر، كما تم الحصول على جزء من الأموال المسروقة.

ونحن بصراحة نشيد بأجهزة المباحث الإماراتية مع نظيرتها البحرينية خلال عمليات البحث والتحري والقبض على الجناة، فالاتصالات مباشرة كانت تجرى بين الجانبين وتكلل هذا التعاون بالقبض عليهم وسيتم تحويلهم إلى البحرين للمحاكمة، وإن هذا التعاون يأتي من خلال الجهود المثمرة التي يبذلها وزراء الداخلية الخليجيون في اجتماعاتهم الدورية، وأكد إن موظف المصرف أحيل إلى النيابة العامة.


إيلاف : هل صحيح ما نسمعه بأن هناك شحاذون دوليون يمارسون التسول في البحرين لأسابيع ومن ثم يغادرون ، وكيف تستطعيون مواجهة الشحاذون الذي يشوهون منظر البحرين الحضاري ويعرضون انفسهم في الطرقات للخطر؟

العميد فاروق : مشكلة أو ظاهرة التسول من الأمور السلبية في المجتمعات على وجه العموم لكنها تتعدى المنظور المألوف لها أياً كانت درجته على ارض الواقع إلى شيء يضايق الناس ويسبب لهم الإزعاج عندما تمارس في تقاطعات الإشارات الضوئية لأنها تفقد السائق التركيز أثناء انشغاله مع المتسول ما قد يؤدي إلى وقوع حوادث ويربك حركة المرور.

والتسول بحد ذاته غير مسموح به بتاتاً بموجب قرار وزاري صدر في العام 1976 ويخول للجهات الأمنية التصدي لهذه الظاهرة وتقديم المتورطين فيها إلى المحاكمة ويقع على عاتق قسم حماية الآداب العامة القيام بمسئولياته بوصفه المختص بهذا الشأن. شكاوى كثيرة تتردد من أن هؤلاء يسببون الإزعاج للمارة وسائقي السيارات ومرتادي المطاعم والأماكن السياحية الذين يخرجون خارج المنزل، ووفي كل الأحوال فان هذا فضلا عن الإزعاج الذي يسببه للراكب فلا يخلو من مخاطر مرورية وتعطيل حركة السير، فالمدة التي ينتظر فيها السائق ظهور الضوء الأخضر هي وجيزة بحيث لا تمكنه من حشر يده في جيبه واخراج الفلوس بينما يحدق الشحاذ فيه أو داخل محفظته حيث يتضايق البعض من ذلك وخلال المدة التي تحاول فيها إعطاء الشحاذ شيئا من المال يظهر الضوء الأخضر وتتحرك السيارات أمامك وأنت مشغول مع الشحاذ تؤخر السيارات المصطفة خلفك، وأمور مثل هذه قد تعرض السيارات لحوادث وقد تعرض الشحاذ نفسه لاصطدام سيارة، ويبقى في النهاية أن هذا الوضع غير صحيح، ليس لمخاطره وانما لأنه ليس مسموحاً به بموجب قرار وزاري صادر منذ السبعينيات ومن هنا نقوم بحملات من حين لأخر لضبط والقبض على الشحاذين وتقديمهم إلى المحاكم لكنهم يعودون الكرة مرات ومرات وهم على استعداد لدفع الغرامة التي لا تتعدى في أقصى الأحوال 5 دنانير يكون (الطرار) قادراً على دفعها.

هناك ايضا من يمتهنون (الشحاذة) ويقومون بها يوميا كمن يمارس حرفة بل هناك عائلة بأكملها تمتهن (الشحاذة) ، فنجد بين الشحاذين، الشباب الذين كان بإمكانهم تعلم حرفة لكسب العيش من خلال الالتحاق بعمل شريف ليأكل لقمته بطريقة كريمة لكنه تعود على ذلك فنجده يتوارى إذا كانت هناك حملة على الشحاذين أو يغيرون أماكنهم في الشوارع أو ينتشرون على المطاعم بل بلغت الجرأة ببعضهم لدخول مكاتب بعض الشركات في المنامة بلا سابق إخطار أو استئذان (للشحاذة) ويعود أولئك إلى الأماكن التي هربوا منها خشية إلقاء الشرطة القبض عليهم بعد انتهاء الحملة.

إيلاف :وهل يتعاونون معكم عندما يتم القبض عليهم؟

العميد فاروق : هناك من يتعاون وهناك من يقاومون ومن المواقف الصعبة التي نواجهها أن هناك نساء يشتمن الشرطة ويرفضن الامتثال لأوامرهم بل وصل الحد للاعتداء على الشرطة وتوجيه ضربات لهم في أماكن حساسة من أجسامهم.

إيلاف : وما هي أسس التعاون بينكم وبين وزارة التنمية الاجتماعية المسئولة عن رعاية حالات الأسر الفقيرة؟

العميد فاروق : هناك تعاون وتنسيق تام بيننا وبين الوزارة المعنية فنحن نرفع لها ملفات بالذين نقبض عليهم فتتولى دراسة حالاتها لتقرر مساعدتهم أن كانوا يستحقون، أما الحالات القادرة على العمل والتي لا ينطبق عليها حالة الفقر فلا تشملها بتلك الرعاية.

إيلاف : ماهي قصة الشحاذيين الدوليين ؟

العميد فاروق : نعم هناك من استغل التسهيلات الممنوحة للمقيم في دول مجلس التعاون في حالة صلاحية إقامتهم وصلاحية جوازاتهم مدة لا تقل عن 6 شهور في إطار التعاون والتنسيق بين هذه الدول، فيأتون على أساس قضاء مدة الأسبوعين المسموح بها فيمارسون (الشحاذة) وهؤلاء يتم تسفيرهم بعد الحكم عليهم، كما يتم محاكمة الأجانب المقيمين في البحرين بموجب إقامة شرعية وتسفيرهم في حالات ضبطهم متورطين في (الشحاذة).

إيلاف : ما هو دور قسم مكافحة الآداب في الإدارة ؟

العميد فاروق : تمثل الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية العمود الفقري في الصرح الأمني وتوجهات مكافحة الجريمة وتعقب المجرمين واقتفاء آثارهم من حيث البحث والتحري والاستدلال على مكامن اختباء المجرمين المتورطين في القضايا المختلفة وأدوات الجريمة.
وتبذل الإدارات والأقسام المنبثقة عن هذه الإدارة قصارى جهودها في سعيها الحثيث ومثابراتها الدؤوبة في كشف غموض القضايا وحل رموزها وألغازها وتدوين الإفادات والتعاون والتنسيق التام مع كل الأجهزة ذات العلاقة التابعة للوزارة والأجهزة الأخرى العدلية كالنيابة العامة والأجهزة الصحية كالمستشفيات التي ينقل إليها المصابون في الحوادث والجرائم.
وينتسب إلى هذه الإدارة ضباط وضباط صف وأفراد مؤهلون في مجال عملهم تم صقلهم وتدريبهم تدريبا معاصراً يواكب تعقيدات ومستويات الجرائم وملاحقة المجرمين، والإدارة مزودة بمختبر جنائي ومعدات لسبر اغوار الجرائم التي تتطلب الاستعانة بالمختبر الجنائي للعثور على أدلة تساعد العدالة في إعداد القضايا وتقديمها للمحاكم.
ومن بين الإدارات المتفرعة من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية يوجد قسم حماية الآداب العامة.. وهنا يتصور الكثيرون أن هذا القسم يقتصر عمله على مكافحة الدعارة وكشف القضايا الجنسية الناشئة عن علاقات محرمة في أماكن عامة أو في شقق أو فنادق ترد بشأنها بلاغات من متضررين أو ممن يتحلون بحس عال من نواح دينية أو اجتماعية يرمون الخطيئة بحجر وينبرون لمحاربة الرذيلة حفاظا على القيم الدينية والاجتماعية السوية .
أن قسم حماية الآداب العامة لا يقل أهمية عن باقي الإدارات التي تتكون منها الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية فالعمل في الفروع المنبثقة من الإدارة العامة يسير بشكل متوازن وخطوات متناغمة فنحن لا نفرق بين جريمة وجريمة، صحيح هناك جرائم كبيرة لكن يقابل ذلك جرائم أن بدت صغيرة ولم يتم التعامل معها بحسم فلا شك أنها سوف تكبر وتترعرع وتتسع دائرة إخطارها التي تتهدد المجتمع.

وفي ختام اللقاء أكد العميد المعاودة على إن وزارة الداخلية إذْ تؤكد عزمها وتصميمها على مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة بدعم واسناد رجال المباحث والأدلة الجنائية لأداء الواجبات الموكله اليهم؛ لتهيب بالمواطنين والمقيمين التعاون معهم والإبلاغ عن كل الحالات التي يشتبه بها، حماية لابنائهم ولسائر افراد المجتمع، ومحاصرة كل من تسول له نفسه الاتجار والترويج لهذا الداء الذي تحرمه الشرائع السماوية والقوانين والتشريعات في كل المجتمعات الانسانية.