لم تقو حكومة تصريف الاعمال التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة منذ خمسة أشهر على تصريف مياه أمطار ثلاثة أيام. وبزخات مطرية من الطراز الأميركي غرقت الطرق السريعة والضيقة في لبنان من شماله إلى جنوبه، بقاعًا وجبلاً بالمياه التي لم تجد مسربًا لها إلى الأقنية، فحطت رحالها على الشوارع مستنقعات وبركًا ولم تسلم منها كذلك المحال التجارية والمنازل في الضواحي.
quot;إن ما شتت مصيبة وإن شتت المصيبة أكبرquot;، عبارة هي الجامع المشترك بين اللبنانيين الذين يمضي كل منهم ساعات الصباح الأولى وساعات بعد الظهر في الشارع.
ليست زحمة السير الخانقة التي تعم مجمل شوارع بيروت زحمة مصطنعة، ابطالها وفود رفيعة المستوى اغلقت الطرق على شرفها لتزور لبنان، او اجهزة امنية بات شغلها الشاغل تسيير دوريات لمراقبة سرعة زائدة او حزام أمان ولم تعد تكترث بتنظيم السير، بل كانت لعنة طبيعة افادت من سبات وزارة الاشغال العامة والنقل وهي في وضع تصريف الاعمال ويجهد وزيرها غازي العريضي لمحاسبة الموظفين المقصرين في بنية وزارته، على غرار تقصير مجلس الانماء والاعمار وبلدية بيروت. وتكفلت الطبيعة بكرم امطارها على مدار ثلاثة ايام متتالية في غرق الشوارع لساعات، بفعل انسداد مجاري صرف المياه كافة في طرق العاصمة بيروت وضواحيها.
ولا يختلف لبنانيان من اي انتماء حزبي او طائفي على ان الامطار نعمة في ظل موجة شح المسؤولية، كما يتفقون على أن ادنى الاحتياطات والاجراءات الخاصة بأستقبال فصل الشتاء لم تحقق على الارض بينما ينهمك المسؤولون في التقاتل على الوزارات والحقائب الخدماتية.
ربما أضاعت وزارة الاشغال خرائط شبكة المجاري في بيروت، وهذا ما آخر قيامها بصيانتها على الرغم من الانذارات الثلاثة الماضية التي بعثتها الامطار في مناسبات سابقة ولتظهر بوضوح مكامن الخلل في شبكة المجاري. على ان يكون من ابرزها نفق جسر البربير. حلت المياه المتجمعة في داخل النفق ضيف شرف كالعادة في كل مناسبة لهطول الامطار. لم يستطع ما يشبه المجرى الوحيد في داخل النفق التغلب على ضغط المياه المتدفق على تلك النقطة المنخفضة، انسداده بالكامل حوّل المكان الى بركة كبيرة للمياه، ادت الى تحويل السيارات الى برمائيات للسباحة. من البربير، كانت نقطة الانطلاقة في مشوار quot;العجقةquot; الطويل الى كافة الطرق الرئيسية والفرعية كافة. توقف السير بالكامل على طريق رأس النبع الى تقاطع بشارة الخوري، ومنها الى وسط بيروت، الامر الذي دفع بالكثير من المواطنين الى ركن سياراتهم على جانبي الطريق والتوجه مشيًا على الاقدام الى اماكن عملهم في الوسط التجاري. ولم يختلف الامر ما قبل جسر البربير عما بعده فانسدت السبل كافة امام المواطنين للعبور الى الطيونة وطريق صيدا القديمة، وتقدمت السيارات ببطء شديد رغم اعلان حالة الطوارئ في مخفر الطيونة لقوى الامن الداخلي حيث انتشر عناصره بشكل كثيف على التقاطعات لتنظيم السير.
الوضع ذاته شهدته منطقتا الكولا ووطى المصيطبة، فقد أدت الامطار الغزيرة الى إغراق المنطقتين بالمياه التي غمرت الشوارع والمتفرعات، خصوصًا قرب محطة الزهيري، حيث تحولت الى ما يشبه البركة الكبيرة التي لم تجد بسبب أعمال الصيانة والحفريات، مصرفًا لها ما ادى الى دخولها بعض المنازل وتعطيل حركة مرور السيارات لبعض الوقت في إتجاه الكولا. اما عن الاجراء الميداني الوحيد فتمثل بقيام جرافة تابعة لوزارة الاشغال بوضع كميات من الحصى لسد المنافذ التي تدفقت منها المياه الى بعض المنازل، كما حضرت الى المنطقة سيارات تابعة لفوج الاطفاء والدفاع المدني عملت على مساعدة الاهالي الذين اخترقت المياه منازلهم. وناشد أهالي وطى المصيطبة وزارة الاشغال العمل على quot;استكمال ورش الصيانة والحفريات وإنهاء العمل في أقصى سرعة ممكنة، رأفة بأهالي المنطقة الذين تكبدوا خسائر مادية طالت آثاث منازلهمquot;.
التعليقات