نالت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري ثقة البرلمان بأغلبية بلغت 122 صوتًا من 128، وذلك على الرغم من إعتراض عدد كبير من النواب على تضمين بيانها الوزاري موافقة ضمنية على بقاء سلاح حزب الله. واستغرقت جلسات مناقشة البيان الوزاري ثلاثة أيام انتهت مساء الخميس بتصويت 122 نائبًا على الثقة ورفض نائب واحد من الاكثرية اعطاءها الثقة، وامتناع نائب آخر من الاكثرية عن التصويت. بينما غاب عن حضور الجلسة اربعة نواب.

بيروت: نالت الحكومة اللبنانية برئاسة الحريري الثقة بمجموع أصوات 22 نائبًا، وفي الكلمات التي ألقيت اليوم، استمر الجدل بين نواب من الاكثرية وآخرين من حزب الله حول quot;البند السادسquot; من البيان الوزاري. وينص هذا البند على quot;حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير او استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من قرية الغجرquot;، وهي اراض ينتشر فيها الجيش الاسرائيلي ويطالب لبنان باستعادتها. ويقصد بـquot;المقاومةquot; حزب الله الذي يعتبر خصومه ان سلاحه ينتقص من هيبة الدولة وصلاحياتها.

وبدا نواب الاكثرية بمعظمهم وكأنهم يصوتون على مضض على الثقة، موضحين انهم يفعلون ذلك لتاكيد ثقتهم برئيس الحكومة وللحفاظ على اجواء الوفاق الوطني الهشة. وقالت النائبة نايلة تويني من تكتل quot;لبنان اولاquot; الذي يرئسه الحريري في مداخلتها قبل التصويت متوجهة الى رئيس الحكومة، quot;لا يعجبني تجاوز الاكثرية في تشكيل الحكومة. (...) ولا يعجبني ادخال مواد اعتبرها تفجيرية في البيان الوزاري . ولا يعجبني احتمال زيارتك لدمشق قبل انجلاء نتائج التحقيق في قضايا الاغتيالاتquot;. واضافت quot;لكنني اليوم احسم خياري الى جانبكquot;.

وقال النائب سامي الجميل من حزب الكتائب (اكثرية) من جهته quot;البند السادس نعتبره غير شرعي وباطلاً بطلانًا مطلقًا وقد حصل تحت الضغطquot;، مضيفًا ان بنود البيان quot;وافق عليها بعض النواب لانهم كانوا مهددين بالسلاحquot;، في اشارة الى سلاح حزب الله. في المقابل بدا نواب الاقلية مرتاحين لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وللبيان الوزاري. وردوا على الانتقادات الموجهة الى سلاح حزب الله بالتاكيد على ان quot;المقاومة اصبحت حقًّا مقدسًا طبيعيًّا لكل قرية مهددةquot; من اسرائيل، كما قال النائب حسين الموسوي من حزب الله.

وكانت الكلمة لعضو تكتل quot;التغيير والاصلاحquot; النائب غسان مخيبر الذي أشار الى الحاجة للأمن كأولوية في مهام الحكومة، داعيا الى الإتفاق على سياسة دفاعية تحمي المواطن. وإذ دعا كلاّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى إنشاء وزارة دولة لشؤون حقوق الانسان، على أن تكون مهمتها الأساسية تنفيذ الشرعة الوطنية لحقوق الإنسان، أكد مخيبر أهمية إنشاء هيئة تقصي حقائق لمعالجة قضية المفقودين، معتبرًا انه لن يكون هناك إصلاح في العلاقة اللبنانية ndash; السورية ما لم تحل قضية المفقودين وشدد في هذا الاطار على مراجعة الاتفاقات المعقودة بين لبنان وسوريا.

ثم كانت الكلمة للنائب حسين الموسوي الذي أشار إلى أن quot;الشعب انتخبنا لنتعاون مجلسًا وحكومة، لذلك نحن مطالبون بالجدية والصدق والشعور بالمسؤولية تجاه هذا الشعب الطيّبquot;، مشددًا على أن quot;المقاومة أصبحت حقًا مقدسًا طبيعيًا لكل قرية مهددة وأضاف الموسوي: quot;بالنسبة الى البند الخامس حول وضع حدّ لتدخل بعض السفراء، فبعض السفراء أصبحوا يتدخلون في تفاصيلنا اليومية، أما في البند التاسع حول الارتقاء بالعلاقات الاخوية السورية، فنعم هي أخوية لأن المصير مشترك ونأمل في العلاقة مع سوريا كل الخير للبلدين، وندين أميركا وشركاءها لأنهم يقفون مع اسرائيل

بعده تحدث النائب عبد المجيد صابح الذي راى أن quot;الدعوة الى إلغاء الطائفية السياسية هي ترجمة لما أصبح جزءًا من الدستور الذي كان ولا يزال ضمانة لكل اللبنانيين ويجب العمل على تحصينهquot;. وقال:quot;حبذا لو لاقت الحكومة الرئيس نبيه بري في منتصف الطريق، عندما دعا لإنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسيةquot;. ثم كانت الكلمة للنائب عباس هاشم الذي رأى أنquot;فرصة تاريخية تتاح للبنان لبناء الشراكة الفعلية بين اطياف الشعب اللبناني، فيعود الأمل بتأسيس الدولة القادرة والجامعة والموحدةquot;.

ثمّ تحدث النائب سيمون ابي رميا وأولى الشأن الشبابي حيّزًا كبيرًا من كلمته. ثم كانت الكلمة للنائب جورج عدوان الذي أكد أن البيان الوزاري هو بيان تسوية، موضحًا أنَّ هناك عدم تفاهم على البند المتعلق بسلاح quot;حزب اللهquot;. ورأى ان المقاومة هي مفهوم عام، وليست كلمة تعني فريقًا معينًا أو حزبًا معينًا او جماعة معينة، معتبرًا أن المقاومة حق طبيعي لكن في الوقت ذاته هناك حقوق أخرى يشرحها القانون بأنها قوانين إيجابية من الدستور ومن مفهوم الدولة والسيادة. وعن إلغاء الطائفية السياسية، قال عدوان: quot;المسيحيون يعتبرون أن إلغاء الطائفية السياسية هو إلغاء للمناصفة ولوجودهم الفعلي في لبنان خصوصًا في ظروف دولة لم تبسط سيادتها على اراضيها وفريقا يحمل السلاح غير الشرعيquot;.

وأعلن مروان حمادة عن quot;غصة في طريقة تشكيل الحكومة بأكثرية باتت وهمية واقلية اصبحت مهيمنة، وفي وضع البيان حيث الكلام جيد في الشأن الاجتماعي والمنمق في الشؤون الاخرىquot;، مبديا quot;التخوف من تعطيل او تأخير العبور الفعلي الى دولة المؤسساتquot;. كما ابدى غصة بان quot;لا ضمانة لاحد عمن سيمسك في لبنان بقرار الحرب والسلم، وازدواجية السلاح وتحصين مستقل للمؤسسات. وان يتحول لبنان مرة اخرى ساحة تصفية للسياسيquot;. وأبدى قلقه من quot;تسلل قوى اقليمية تجعل لبنان ساحة صراع دولquot;، داعيا quot;شركائي في الحكومة وزملائي في المجلس النيابي الى عدم اقحام لبنان في اي مغامرة وعدم توجيه السلاح مرة اخرى في اتجاه فتنة داخليةquot;. وأكد quot;ان الثقة للرئيس سعد الحريري باقية ومستمرةquot;.


كما تحدث النائب وليد خوري الذي منح الحكومة الثقة.
بينما حجب النائب نقولا فتوش الثقة عن الحكومة مهاجما رئيسها سعد الحريري وقوى 14 آذار ومتوقعا quot;الا تجد هذه الحكومة غدا أرقام الدفاع المدني لتطفئ حرائقها التي ستنشب بين المتخاصمين اللدودينquot;. وسأل فتوش رئيس الحكومة خلال الجلسة المسائية لمناقشة البيان الوزاري، quot;هل أنت من سمى أعضاء هذه الحكومة؟ عندما اجتمعت بك يوم تشكيل الحكومة، قلت لي إن من يعترض على تسميتك وزيرا هم رئيس الجمهورية وسمير جعجع والرئيس امين الجميل، وأنه لديك تحالفات لا يمكن الخروج منها. وسألتك ان كنت تعترض فأجبت لدي تحالفات لا يمكنني أن أخرج منهم، أجبتك إذن لقد خرجت مني، لم تجبquot;. وتابع فتوش: quot;ليس من المعقول أن يكون هناك وزير من زحلة ولا أعطيه الثقة، لكن شرط أن يكون هذا الوزير يعمل لزحلة ولقرارها وعلى طاولة زحلة، وليس أن يكون صرح بعظمة لسانه بأنه يمثل القوات اللبنانية في الحكومة فصنف نفسهquot;. وتوجه فتوش إلى القادة والسياسيين في 14 آذار quot;الذين يدعون الحرص على حقوق المسيحيينquot;، متسائلا quot;أليست زحلة أكبر مدينة مسيحية في هذا الشرق، فبأي حق تتم الإغارة على غالبية مقاعدها النيابية بالخدعة والمداهنةquot;؟ وأكد quot;أن زحلة هي التي ساهمت مساهمة فعالة في تحقيق أهداف 14 آذار فإذا بمن يسمون أنفسهم قيادات 14 آذار يخطفون هذا الحلم لمصالح آنية ومحاصصة وزاريةquot;، معتبرًا ان لديهم quot;أنياب أقسى من أنياب الذئابquot;.

الى ذلك اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الخميس ان quot;تضمين البيان الوزاري البند المستقل عن المقاومة يؤكد حاجة لبنان إلى شرعنة وجود المقاومة من خلال البيان الوزاريquot;.
وأكد قاسم ان quot;لا معنى لكل الكلام على هذه المادة، سنرى في التصويت على الثقة في المجلس النيابي، فإما أن يقبل النائب البيان كله ويقبل الحكومة كلها، وإما أن يرفض فلا يعطي الثقة، وبالتالي عندما تحصل الحكومة ببيانها الوزاري على الثقة يعني ذلك أن المقاومة جزء لا يتجزأ من اقتناع هذه الحكومة وايمانها وما تمثله على مستوى الشعب اللبناني، وما عدا ذلك كلام لا فائدة منهquot;. وشدد قاسم على ان quot;قوة لبنان بمقاومته وجيشه وشعبه نعمة لن نتخلى عنها مهما كانت الضغوط، ولن نفرط بها في المجهول، ولن نترك قوتنا لضعف تستغله اسرائيل وتحاول أن تفعل بنا ما تشاءquot;. وختم: quot;سنعمل على إنجاح الحكومة، حكومة الوحدة الوطنية، لتهتم بقضايا الناس بعيدا عن المناكفات والمهاترات الإعلامية، وندعو إلى صرف الوقت والجهد من أجل قضايا الماء والكهرباء والطرقات والسير والاستشفاء بدل هدر الوقت بصراخ لا فائدة منهquot;.


اما النائب انور الخليل فقد نوه بما ورد في البيان الوزاري من التزام الحكومة بالطائف والدستور ويموقفها من تحرير الارض بجيش لبنان ومقاومته وشعبه. وطالب بمعالجة الفساد وتطوير النوعية في الممارسات الادارية. من جهته رفض النائب كبارة اية معادلة تكريس اتفاق الدوحة لانها تحمل فكرة استفزازية وتشكل خطرا على مجمل الصيغة الوطنية كما اعلن رفضه المطلق لوجود اي سلاح في لبنان سوى سلاح الشرعية.