بيروت: تلتئم أعلى سلطة قضائية في لبنان الثلاثاء إستثنائيا لمواجهة تشكيك حزب الله وبعض حلفائه بمصداقية السلطة الثالثة ومطالبتهم إياها بمعاقبة قضاة عملوا في ملف إغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وراى خبراء ان مجلس القضاء الاعلى سيكتفي بالدعوة الى عدم التدخل في شؤونه من دون ان يطالب بمحاسبة المتطاولين عليه بعد افراج السلطات اللبنانية الاربعاء عن اربعة ضباط كبار كانوا موقوفين في قضية الحريري، وذلك بموجب قرار من قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان.

وقال نقيب المحامين السابق رشيد درباس quot;اتوقع ان يطلب المجلس عدم التدخل بشؤونهquot;. واضاف quot;مجلس القضاء ليس عشيرة ولن ينعقد ليسمع صيحات الثار والانتقام او التضامنquot;.

وتعرض القضاء لا سيما مدعي عام التمييز سعيد ميرزا وقاضي التحقيق في ملف اغتيال الحريري صقر صقر الذي عين مؤخرا مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، لحملة عنيفة من حزب الله وحلفائه بعد الافراج عن المحتجزين وصلت الى حد المطالبة باستقالة القاضيين.

واعتبرت قوى 8 اذار الممثلة بالاقلية النيابية ان رفض القضاء الطلبات المتكررة للافراج عنهم التي قدمها وكلاؤهم خلال سنوات توقيفهم الاربع سببه ضغوط سياسية من قوى 14 اذار الممثلة بالاكثرية النيابية. واوضح درباس ان عمل المجلس quot;تنظيم اموره من الداخل لا ان يدافع عن نفسهquot;. وقال quot;هو قلب جسم الدولة والدفاع عنه من مهمة وزير العدل والحكومةquot;، معتبرا ان على قوى 14 اذار ان تلتزم الصمت مقابل هجمات قوى 8 اذار quot;ليبقى القضاء تاجا على راس الجميع لا ان يصبح كرة قدم بين اقدام الجميعquot;.

ورفضت قيادات من قوى 14 اذار الهجوم على القضاء باعتباره سلطة مستقلة هي السلطة الثالثة وفق الدستور الى جانب السلطتين التنفيذية. وقال استاذ القانون في الجامعة اللبنانية سامي سلهب quot;المجلس هو السلطة الصالحة للنظر في شؤونه وعنده هيئات رقابية ابرزها التفتيش القضائي تنظر في الامورquot;. ولن يحضر الاجتماع القاضي ميرزا لانه quot;موجود خارج البلاد لاستكمال علاج كان بدأه اثر وعكة صحية المت به منذ شهرينquot; وتسببت بدخوله المستشفى، كما افاد مصدر من مكتبه.

من ناحيته، رفض وكيل الدفاع عن احد الضباط التعليق قبل ان يعلن مجلس القضاء الاعلى موقفه. وقال المحامي عصام كرم quot;لن استبق قرار المجلس وانتظر قراره لاعطي راييquot;، مشيدا برئيس المجلس القاضي غالب غانم quot;الذي يتمتع بكل الكفاية لاتخاذ القرار المناسبquot;. واتسعت دائرة السجالات بين المدافعين عن السلطة القضائية والحاملين عليها الى حد تلويح بعض وسائل الاعلام القريبة من المعارضة باعتصامات وتظاهرات تطالب بالاقتصاص من القاضيين وذلك قبل اربعة ايام على الذكرى الاولى لاحداث 7 ايار/مايو.

وتطورت ازمة سياسية حادة بين الاكثرية والمعارضة قبل سنة الى مواجهات عسكرية بين انصار الفريقين تسببت بمقتل حوالى مئة شخص. وجدد نائب الامين العام لحزب الله الاحد المطالبة بمحاسبة القضاة. وقال الشيخ نعيم قاسم في كلمة القاها في مهرجان انتخابي quot;نطالب بمحاسبة القضاة الذين اخطأوا في حق الوطن، فليتم التحقيق القضائي ونحن نقبل بالنتائج مهما كانتquot;.

واضاف quot;الافراج عن الضباط الاربعة هو الخطوة ما قبل الاخيرة لانهيار المباني السياسية التي اعتمدت عليها جماعة 14 آذار. اما الخطوة الاخيرة فهي الانتخابات النيابية التي ستبعد الاكثرية عنهمquot;، في اشارة الى الانتخابات التي ستجري بعد 33 يوما ويتوقع ان تشهد منافسة حامية بين الطرفين.

واعتبر مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، المرشح للانتخابات، quot;ان قرار المحكمة الدولية هو صفعة للقضاء اللبناني وصفعة للطبقة السياسية التي ضغطت على بعض القضاة اللبنانيين لكي لا يفرجوا عن الضباطquot;. وقال quot;جاءت هذه القضية لتكشف العورات الكبيرة لهذا القضاء، وبالتالي لم يعد من الجائز السكوتquot;، معربا عن خشيته quot;ان يؤثر بقاء الفاسدين المرتكبين سلبا على سائر المجموعةquot;.

في المقابل، رفض الوزير جان اوغاسابيان (اكثرية) في بيان quot;اعتماد اساليب الفرض والتهديد والترهيب في دعوة قوى الثامن من آذار الى محاسبة القضاءquot;، مشددا quot;على ضرورة احترام فصل السلطات في لبنانquot;. وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اكد quot;الحرص على سمعة القضاء وهيبته وحياديته واستقلالهquot;. وقال quot;هو ليس في موقع المتهم (...) سلطته مستقلة ولا نتدخل في شؤونهاquot;.

واخلت السلطات اللبنانية سبيل المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد والمدير السابق لاستخبارات الجيش العميد ريمون عازار والمدير العام السابق لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج والقائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، بناء على امر من قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية التي عزت الافراج عنهم الى عدم توفر ادلة كافية حتى الان لتوجيه الاتهام اليهم.