شبكات التجسس تتهاوى تباعاً ومطالبات بإحكام إعدام
حطيط لـ quot;إيلافquot; : منظومة quot;الموسادquot; في لبنان لم تتفكك كلياً
علي حلاوي من بيروت:
بات كشف شبكات التجسس العاملة لمصلحة quot;الموسادquot; بمثابة الخبر اليومي لللبنانيين منذ ما يقارب الثلاثة اشهر. تخطى رقم الشبكات المكتشفة العشرات في مختلف الاراضي اللبنانية من دون استثناء، على ان عدد الموقوفين فيها فاق المئة موقوف، اعترفت غالبيتهم بالتعامل مع الموساد وبنقل معلومات استخبارية إليه عن quot;حزب اللهquot; والدولة اللبنانية. وامام هذا الانهيار الاستخباراتي الاسرائيلي في لبنان، كثرت الاسئلة على ألسنة اللبنانيين من ناحية كيف سيتم التعامل القضائي مع العملاء، وهل ستصل عقوبتهم الى الاعدام ام ستطل الاحكام التخفيفية بنسختها من جديد؟. وما سر هذا التهاوي الاسرائيلي على صعيد الشبكات؟

بداية تطرق المشترع اللبناني في قانون العقوبات من المادة 273 حتى 287 الى نبذة الخيانة والتجسس والصلات غير المشروعة بالعدو، علماً بأن لبنان لم يكن في حالة عداء طوال السنوات السابقة الا مع إسرائيل. وعليه فإن هذه الجرائم التي اشار اليها القانون اللبناني انما قصد بها كل عميل يتعامل مع العدو او يتعاون معه ويعاونه ويقيم الصلات معه. ويميز القانون في مواده بين مستويات التعامل مع العدو والاعمال المنوطة بكل عمل، اذا ما كان دوره استخباريا بجمع المعلومات او تنفيذيا، وتقترن العقوبة بمستوى التعامل وخطورته وعلى هذا الاساس تحدد العقوبة الواجبة لها، وبعض تلك العقوبات يصل الى الاعدام وبعضها الى الاشغال الشاقة المؤبدة والموقتة وبعضها الى عقوبات تخفيفية اسوة بتلك التي صدرت بحق المتعاملين مع اسرائيل بعد التحرير في العام 2000.
في هذا السياق جاءت الدعوة الاخيرة لأمين عام quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله القضاء اللبناني لعدم تطبيق قاعدة 6- 6 مكرر في محاكمة العملاء، وهي القاعدة التي يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين المسلمين والمسيحيين حتى في عقوبات الاعدام، طالباً من القضاء البدء بإصدار احكام الاعدام بحق العملاء من الشيعة. ويلفت مرجع قضائي عبرquot; إيلاف quot; الى ان هذه المعادلة لا اساس لها في القضاء اللبناني، الذي هو ملزم بتطبيق مبدأ المساواة المطلقة امام القانون وفقاً للمادة السابعة منه. اما تنفيذ الاحكام لاحقاً او عدم تنفيذها فمسألة تختص بالسلطة التنفيذية، اذ ان احكام الاعدام تقتضي مراسيم تصدر عن رئاسة الجمهورية ويوقعها رئيس الحكومة وهذا ما يجعل من عملية التنفيذ منفصلة عن عملية اصدار الاحكامquot;.

بدوره يشير العميد المتقاعد امين حطيط لـ quot; ايلافquot; الى ان المحاولات الاسرائيلية لزرع العملاء في لبنان ليست جديدة الا انها كانت قبل العام 1975 كانت تواجه بنظام امني مخابراتي يحبط عملها، ولكن بعد العام 1975 ومع لجوء فئة من اللبنانيين الى التسلح سقطت محظورات التعامل مع اسرائيل، وادى هذا السلوك الى اسقاط الحاجز النفسيquot;. ويضيف: quot; بعد اتفاق الطائف وما رافقه من تكريس اسرائيل كعدو اعيد هذا الحاجز ولكن بشكل اقل احكاماً نتيجة ضعف قدرات الاجهزة الامنيةquot;.

استمر ذلك المنطق الرافض لفكرة تقبل العملاء طوال مرحلة التسعينات حتى يوم 14 شباط 2005، تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اذ بعده يضيف حطيط quot; ادى الصراع السياسي بين القوى اللبنانية الى محاولات بعضها اسقاط اسرائيل من خانة العدو اضافة الى العمل لتغيير عقيدة الجيش اللبناني، وهذا ما دلت عليه تصريحات العديد من القيادات السياسية والدينية في تلك الفترة، ومن الطبيعي ان ينتج من ذلك سقوط الحاجز النفسي مجدداً مما سهل على اسرائيل عملية التسريع في الاتصال بعملائها وتجنيد عملاء جدد. يضاف الى ذلك، الشلل الذي ضرب الاجهزة الامنية بعد اعتقال الضباط الاربعة من جهة وحاجة اسرائيل الى العملاء لتحديث بنك معلوماتها من جهة اخرىquot;.
ويصف العميد المتقاعد ضخامة عدد العملاء المكتشفين بأنه quot; غير مسبوق في تاريخ لبنان، والاخطر هو قدرة اسرائيل على النفاذ الى عقيد في الجيش اللبناني، ومن الخطأ الحديث عن ان المنظومة الاستخبارية الاسرائيلية تم تفكيكها بالكامل فقدرة العدو على الاختراق ما تزال قائمة quot;. ويعزو حطيط ، القريب من quot;حزب اللهquot; ، السرعة المفاجئة في كشف شبكات التجسس quot; الى اعداد الشبكات الكبيرة والتي بدأت في التخبط فيما بينها، اضافة الى حيازة بعض الاجهزة الامنية اللبنانية بعض التقنيات المتطورة التي زودت بها لتعقب حزب الله في مرحلة من المراحل لتعود وتستخدمها في رصد شبكات التجسس بعد تحقيق الوفاق السياسي اثر اتفاق الدوحةquot;.