إيلاف من الرباط : وسط أجواء تنبض بالرمزية، احتضنت مدينة طنجة المغربية الذكرى المئوية لتأسيس مهنة المحاماة في المغرب، التي انعقدت تحت شعار "هيئات مهنة المحامين.. مسيرة قرن". المناسبة لم تكن مجرد احتفاء بتقاليد مهنة عريقة، بل تحولت إلى منصة لاستعراض مسارها التاريخي وتحديد ملامح مستقبلها في ظل تحولات دولية كبرى.
ووصف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي المناسبة بأنها استعادة لروح المحاماة كمهنة منتصرة للقضايا العادلة، وللقيم الإنسانية المشتركة التي تشكل أساس المحاكمة العادلة. لكن وهبي لم يكتف باستحضار التاريخ، بل اختار توجيه الأنظار نحو التحديات الجديدة التي تواجه المهنة، بدءًا من تطورات الذكاء الاصطناعي، وصولًا إلى مشاريع القوانين الإصلاحية التي ترسم ملامح المرحلة المقبلة.
مدينة طنجة ، التي تحتضن هذه الذكرى، لم تكن اختيارًا عشوائيًا. فوفقًا لوهبي، تحمل المدينة رمزية خاصة كجسر حضاري بين ثقافات مختلفة، وشاهدة على التقاء الأمم، وهو ما يعكس مسيرة مهنة المحاماة نفسها كحامل لمبادئ العدالة عبر العصور.
الوزير وهبي ذكّر بتضحيات المحامين المغاربة في الدفاع عن استقلال البلاد وترسيخ العدالة المجتمعية، مشيرًا إلى دورهم في بناء دولة حديثة قائمة على سيادة القانون.
إلى جانب استعراض الأبعاد التاريخية، فتح وهبي ملفات راهنة تهم القطاع، مثل النقاش الدائر حول مشروع قانون المسطرة المدنية والقانون المنظم لمهنة المحاماة. ورغم ما وصفه الوزير بـ"حدة الخلافات أحيانًا" بينه وبين المحامين، اعتبر هذه النقاشات علامة صحية على حيوية المهنة، مشيرًا إلى أن "الخلافات تنبع من رغبة مشتركة في تحسين الترسانة القانونية وضمان انسجامها مع متطلبات العصر".
ملفات الضرائب والتعاضدية الخاصة بالمحامين كانت أيضًا حاضرة على طاولة النقاش. إذ أكد وهبي أن الوزارة تعمل على إيجاد حلول عملية لهذه القضايا، في خطوة تعكس إرادة الحكومة لتعزيز الشراكة مع الجسم المهني.
وبينما تتجه الأنظار إلى مشاريع القوانين المقبلة، شدد الوزير المغربي على ضرورة تعزيز دور المرأة في الهيئات الممثلة للمحامين، مؤكدًا أن تمثيلها يعد جزءًا لا يتجزأ من مسار الإصلاحات. كما حذر من تأثيرات الثورة الرقمية على المهنة، داعيًا إلى اعتماد رؤية استباقية تواكب هذه التحولات بما يضمن حماية الحقوق والحريات.
لم تكن الذكرى المئوية للمحاماة مجرد استحضار لقرن من العمل المهني، بل جاءت كدعوة مفتوحة لإعادة تعريف دور المحاماة في مغرب اليوم، حيث تلتقي القيم التاريخية بتحديات العصر الرقمي في سياق مسيرة إصلاحية لا تهدأ.
التعليقات