إبراهيم عوض من بيروت: أثار التصريح الذي أدلى به العلامة السيد محمد حسين فضل الله قبل أيام وحذر فيه من quot;تسلل جهات وأدوات تختفي خلف محاور دولية إلى مواقع قضائية دولية بغية إختلاق ملف جديد لإحداث فتنة بين السنة والشيعةquot;، إهتمام الأوساط الرسمية والسياسية في لبنان، خصوصاً بعد التقرير الذي نشرته مجلة quot;ديرشبيغلquot; الألمانية قبل مدة وتحدثت فيه عن دور لـ quot;حزب اللهquot; في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقد إستوضحت quot;إيلافquot; فضل الله عن الدوافع التي حملته على إطلاق هذا التحذير وما إذا كانت لديه معطيات جديدة عززت مخاوفه بهذا الخصوص فأجاب :
quot; أنا لا أثق بالمؤسسات الدولية التي تسيطر عليها الدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، نحن لا نستطيع أن نثق بوجود عدالة في المؤسسات الدولية وخصوصًا المؤسسات التي يُراد لها أن تحقق العدالة، لأنه من الممكن جدًا أن تقحم المصالح الدولية داخلها. إذ ليست هناك عصمة لا للقضاة ولا لغيرهم، ولا سيما أننا عندما ننظرالى القضاء في لبنان، والذي هو أحدى الجهات التي تحكم المحكمة الدولية ونعرف كيف أن البعض كانquot;يلعبquot; بالقضايا حتى في موضوع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يتعزز لدينا هذا الشك مع ما قيل عن أن بعض الشخصيات سواء أكانت إعلامية أو سياسية هي التي كانت وراء تقرير quot;دير شبيغلquot;، وهي لا تزال تمارس هذا الدور في إثارة المسألة على أساس أن quot;حزب اللهquot; هو الذي يقف وراء اغتيال الحريري.
وهذا طبعًا يهدف إلى خلق مشكلة سنية شيعية أو تحضير المناخات للفتنة بطريقة وأخرىquot;. وأضاف: quot;عندما تجد أن هناك، كما عبر عنها بعض السياسيين، لعبة أمم في هذه القضية، فإننا نعرف ما هي خطوط لعبة الأمم، وكيف يمكن أن تتحرك في القضاء كما تتحرك في السياسة. لذلك نحن الآن في لبنان نعيش مسألة لعبة الأمم سواء في الحروب التي وقعت في لبنان أو في الأوضاع التي تحركت في داخله أيضاً بين 14 و8 آذار، وخصوصًا قضية إسرائيل . وحتى مسألة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان quot;اليونيفيلquot; التي اعتقد أنه جيء بها من أجل حماية إسرائيل وليس من أجل حماية لبنان، ولذلك عندما يحدث أي اعتداء من إسرائيل على لبنان لا نجد أن quot;اليونيفيلquot; تتحرك في شكل فاعل للدفاع عن لبنان quot;.
وعن رأيه في حكومة الوحدة الوطنية التي يعمل الرئيس المكلف سعد الحريري على تأليفها أعتبر فضل الله أن الحكومة الموعودة ستكون quot; حكومة وحدة وطنية معقدة، من منطلق أننا عندما ندرس الشخصيات التي سوف تدخل هذه الحكومة نجد أنها شخصيات تختلف فيما بينها في القضايا الأساسية ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى وصول الحكومة إلى أهدافها. كما نلاحظ أن هناك خلفيات لبعض الجهات اللبنانية بحيث ينطلق فيها الباطن بعيدًا من الظاهر، يعني كلهم يقولون إن إسرائيل هي العدو، لكننا نعرف أن المسألة ليست على هذا القدر من الوضوح quot;.
ولدى سؤاله عن العلاقة مع الرئيس المكلف سعد الحريري إكتفى العلامة فضل الله بالقول إنه إلتقى به مرة واحدة بعد إغتيال والده وقد نصحه يومها بأن يكون مثل رفيق الحريري . وتناول فضل الله العوامل المحلية والإقليمية والدولية التي تتحكم بالمسار اللبناني فقال. quot;أن لبنان يمثل البلد الذي كنت أعبّر عنه أنه البلد الذي تتنفس فيه كل مشاكل المنطقة والبلد الذي تحاول كل المنطقة أن تتدخل فيه. ولعل الجميع يعرف أن لبنان هو البلد الذي تلتقي فيه الاستخبارات الدولية، وقد كان أحد فنادقه في وقت ما موقعًا من مواقع هذه الاستخبارات. ونحن نعرف من خلال التجربة والملاحظة أن الاستخبارات ليس دورها أن تجمع المعلومات ولكن أن تصنع الوقائع.
وهذا الذي نلاحظه في كثرة المندوبين الدوليين ولا سيما الأميركيين والأوروبيين الزائرين للبنان وفي تدخلاتهم حتى في القضايا الجزئية، بينما لا نجد هذا الحشد من المندوبين الدوليين والإقليميين في أي بلد من بلدان المنطقة، وليس ذلك إلا من جهة أهمية لبنان في إثارة القضايا التي توزع على المنطقة وتحاول أن تتدخل في ذهنية الإنسان اللبناني بالمستوى الذي يضيع فيه هذا الإنسان ويتحول إلى شخص لا يفكر في شكل مستقل، بل تراه يفكر بطريقة الإيحاءات التي تأتيه من خلال الزعامات التي استعبدت جماعاتها أو من خلال المحاور الدولية التي تحاول أن توجه اللبنانيين إلى بعض الأوضاع في المنطقةquot;.
ولم يستثنِ السيد فضل الله في عرضه الدور السوري والإيراني وإن من نظرة مختلفة إذ رأىquot;أنه من الطبيعي جدًا أن تجد كل دولة موطئ قدم في لبنان، سواء من خلال خطها السياسي أو من خلال مصالحها الإستراتيجية، ولا بدّ لها من أن تستفيد منه أيضاً. الآن لا إشكال أن الخط السياسي منذ الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني جعلت القضية الفلسطينية هي القضية الإستراتيجية في السياسة الإيرانية. ولذلك فإنه من الطبيعي أنها عملت وتعمل على أساس أن تتحرك وتستفيد من الأرض اللبنانية في مواجهة إسرائيل وفي تعميق الموقع الذي يواجه إسرائيل وأن تدعم حركات التحرر والمقاومة. وهكذا نلاحظ بالنسبة إلى سوريا التي تعتبر لبنان امتداداً لها من الناحية التاريخية , فضلاً عن قولها خاصرة سوريا، وبالتالي فإنها تخشى مما يُصنع في لبنان أو من الوضع السياسي. فهي تخاف على أمنها، ولذلك تحاول أن يكون لها دور كبير في لبنان حتى تستطيع من خلال هذا الدور أن تحمي أمنها أو تحقق مصالحهاquot; .
التعليقات