إبراهيم عوض من بيروت: ثمّة من يرى في لقاء رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أمس مع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري في القصر الجمهوري برعاية سيده الرئيس العماد ميشال سليمان تراجعً في موقفه السابق القائل بأنّ على من يريد الاجتماع به للبحث في عملية تأليف الحكومة أن يأتي إلى منزله في الرابية مقترحًا إحدى شرفاته الجميلة مكانًا للاجتماع ومشترطاً قبل أن يتمّ ذلك توقّف الحملات التي يشنّها تيّار المستقبل ضدّه، فيما المقرّبون من الجنرال يرفضون هذا الطرح ويشيرون إلى أنّ الأخير لم يستجب لاقتراح الحريري إجراء اللقاء في مجلس النواب بل آثر حصوله في القصر الجمهوري ليس تلبية لدعوة الرئيس المكلّف فحسب بل نزولاً عند رغبة رئيس الجمهورية الذي تمنّى عليه الحضور إلى بعبدا، كما أنّ الحملات التي استهدفت عون شهدت تراجعًَا ملحوظًا في الفترة الأخيرة.

ومهما يكن من أمر، تبدي الأوساط المتابعة لعمليّة تأليف الحكومة ارتياحًا للاجتماع الثلاثي الذي عُقد في القصر الجمهوري أمس وتعتبره خطوة أولى على طريق quot;فك الإشتباكquot; بين الرجلين، لافتة إلى أنّ حصيلته عبّر عنها الطرفان اللذان خرجا بعد الاجتماع ليتحدّثا إلى الصحافيين بلغة واحدة ndash; ربّما للمرّة الأولى ndash; تقرّ بوجود صعوبات أمام تشكيل الحكومة، واصفة اللقاء بكسر الجليد وبدء مرحلة الحوار. كما لوحظ أنّ كلاًّ من الحريري وعون اعتمد الأسلوب نفسه في التخلّص من الأسئلة إذ خاطب الأول صحافية قائلاً لها ألاّ تتعب نفسها في طرح أيّ سؤال عليه، ورفع الثاني يديه رافضًا الإجابة عن الأسئلة ومكرّرًا القول بوجود صعوبات ومعلنًا أنه سيغادر لبنان لبضعة أيام حيث سيكون هناك من يتابع الحوار في غيابه عند الضرورة.

وكان عون قد استهلّ تصريحه المقتضب مستعينًا بكلمات للأديب الفرنسي الراحل لابرويير في ردّه على سؤال إذا ما كان حزينًا فقال: quot;هناك أشياء كثيرة في الحياة تحزن ويجب أن نعرف كيف نبتسم قبل أن نكون سعداء مخافةً منأن نموت من دون أن نكون قد ضحكناquot;. كما علّق على وصف أحدهم للقصر الجمهوري بـquot;المكان المحايدquot; في معرض استفساره عن إمكان عقد لقاء آخر بينه وبين الحريري إذ قال ضاحكًا: quot;لا يهمّ... لقد كانت رغبة فخامة الرئيس في أن يكون اللقاء عنده فحصل ومشي الحال. أمّا القول بمكان محايد فيعني أنّنا سنطالب باللّقاء على الحدودquot;.

وبناءً على ما تقدّم، تقول الأوساط المتابعة لعمليّة تشكيل الحكومة إنّ معرفة ما دار بين الحريري وعون في حضور سليمان لا يحتاج إلى الكثير من العناء باعتبار أن quot;المكتوب يقرأ من عنوانهquot; والعنوان الواضح هنا حدّد بكلمة quot;صعوباتquot; على الرّغم من محاولة راعي اللقاء الرئيس سليمان التخفيف من وطأتها بحثّ ضيفيه على وجوب التلاقي واعتماد الحوار المباشر لأنّهما السبيل الأفضل لحلّ كلّ العقد والإشكاليات التي تحول دون ولادة حكومة وحدة وطنية اتّفق جميع الأطراف على صيغتها المبنية على قاعدة 15- 10 - 5.

وتفيد هذه الأوساط بأنّ كلاًّ من عون والحريري تمسّك بمواقفه المعروفة من عمليّة تشكيل الحكومة. فالأول كرّر مطالبته بوزارة سياديّة وإبقاء وزارة الاتصالات بيد من يتولّى أمرها حاليًّا أيصهره الوزير جبران باسيل، كما أخذ على الرئيس المكلّف إعتماده أسلوب quot;صيف وشتاء تحت سقف واحدquot; بحيث يتحدّث عن سياسة اليد الممدودة للجميع فيما فريقه والمقرّبون منه يشنّون حربًا شعواء ضدّه، وأكّد عون حرصه على السّلم الأهلي ورفض كلّ ما من شأنه أن يمسّ بالاستقرار والأمن في البلد.

من جهته، شرح الحريري أسباب تمسّكه بعدم توزير الراسبين في الانتخابات ورفضه التفريط بالنتائج التي حقّقتها، مشدّدًا على ضرورة الأخذ بما يمليه الدستور في مسألة تشكيل الحكومة، كما لفت محدّثه إلى أنّ وسائل الإعلام التابعة له ونوّاب التيّار الوطني الحرّ ما برحوا يتناولونه بالنقد والتجريح. وتوقّف الحريري عند ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة لمواجهة الأمور والمشاكل الداخليّة التي يعاني منها لبنان واللبنانيّون، وكذلك التحسّب لرياح المتغيّرات الإقليميّة التي تشهد اضطرابًا في الوقت الراهن.

هذا وخلصت الأوساط المذكورة إلى القول بأنّ المعلومات التي توافرت لديها بعد محادثات quot;كسر الجليدquot; في بعبدا أفادت باتّفاق الحريري وعون على وقف الحملات المتبادلة بينهما، وإبقاء الحوار فاعلاً على خطّ قريطم والرابية، الأمر الذي يؤذن باستئناف لقاءات الممثلين عنهما، في محاولة للبحث عن حلول لا تتوقّف عند نقطة quot;تنظيم الخلافquot; التي طلع بها اجتماع طال انتظاره.