تجذب براغ عددا كبيرا من السواح خلال عيدي الميلاد ورأس السنة لما تضفيه الزينة وأجواء الفرح من سعادة في نفوس كل من قرر تمضية الأجازة في تلك العاصمة التشيكية الساحرة،وهو مايتيح للزائر التنزه بين الأكشاكالتي تبيع حلوى العيد، والتبضع بالهدايا الخاصة بالمناسبة.


تكتسي براغ حلة جميلة خلال أعياد الميلاد كأغلب العواصم والمدن الأوروبية في مثل هذا الوقت من العام الأمر الذي يظهر ليس فقط من خلال مظاهر الزينة والإضاءة ووضع الأشجار في الساحات العامة والمراكز الشرائية الكبيرة وإنما أيضا من خلال انتشار الأسواق الشعبية في الساحات العامة ومنها ساحة المدينة القديمة الأمر الذي يجعل الكثير من السياح الأجانب يتدفقون إلى براغ للتمتع بإجازة مريحة وفي نفس الوقت مشاهدة براغ في الأجواء الاحتفالية للميلاد وأيضا لشراء الهدايا المناسبة منها.

يختلف عيد الميلاد في تشيكيا عن غيره من الأعياد في انه يعتبر العيد الرئيسي فيها ولذلك يتم الاحتفال به من قبل الجميع ضمن طقوس تقليدية ويكاد يكون المناسبة الوحيدة لجمع شمل أفراد العائلة وتبادل الهدايا وإمضاء وقت يخلو من الهموم ومتاعب الحياة .

ويتميز العيد في تشيكيا بان معظم العائلات تتناول في مساء الرابع والعشرين طعاما واحدا تقريبا هو السمك مع سلطة البطاطا بعد أن تجتمع بصغارها وكبارها في أجواء احتفالية أما من كان غائبا من أفراد العائلة لسبب صحي أو لسفر أو بسبب وفاته فيتم وضع صحن وتخصيص مكان له عند الطاولة كأنه موجود.

شجرة في كل منزل

تحتل الشجرة مكانا رئيسيا في كل منزل من منازل التشيك تقريبا لان الهدايا توضع تحتها ولأنها تزين بالأضواء ومظاهر الزينة بحيث تنتقل معها الطبيعة إلى كل منزل بها لان معظم الأشجار التي توضع في البيوت بارتفاع يزيد عن المتر ونصف هي طبيعية وليست اصطناعية.


وتؤكد مصادر الثروة الحرجية التشيكية بأنه يتم في كل عام قطع مابين 1,5ــ 2 مليون شجرة لأغراض الاستخدام المنزلي بمناسبة عيد الميلاد أما المصادر التاريخية فتقول بأن أول ظهور للشجرة في الاحتفالات في تشيكيا كانت في قصر ليبينسكي في براغ في عام 1812 عندما وضعها لضيوفه على العشاء في عيد الميلاد مدير المسرح القومي آنذاك ي .ك. لييبيخ ومنذ ذلك العام بدأت الشجرة تنتشر في بيوت الطبقة النبيلة ولدى العائلات التي تسكن في المدن الكبيرة في البداية ثم أخذت مكانها التقليدي والأساسي في كل منزل بدءا من الأربعينيات من القرن الماضي والى اليوم.

ويتم تزيين أشجار الميلاد ليس فقط بالأضواء والأشرطة الملونة ومظاهر الزينة المختلفة وإنما يوضع عليها السكاكر وقطع الشوكولاته ويعلق عليها الجوز والتفاح أما في أعلى الشجرة فتوضع نجمة ملونة تمثل رمز الميلاد.

سكاكر وحلويات العيد ورسالة الأطفال الى يسوع الصغير

ويقترن عيد الميلاد أيضا بتحضير النساء السكاكر والحلويات المنزلية المختلفة لتقديمها للزوار وبإرسال العائلات والأقارب فيما بينهم ملايين بطاقات التهنئة بالعيد سواء عن طريق البريد أو نصوص الهواتف المحمولة وعبر البريد الالكتروني أما الركن الأساسي لعيد الميلاد فهو تبادل الهدايا الذي يتم بعد العشاء والذي يتشوق إليه الأطفال أكثر من الآخرين لأنه عيدهم الذي يحققون فيه أغلب رغباتهم.

ويسبق بدء العيد بعدة أيام قيام الأطفال الصغار بكتابة رسائل طويلة إلى quot; يسوع الصغير quot; يؤكدون فيها في البداية بدبلوماسية بارعة أنهم كانوا متفوقين في مدرستهم وأنهم لم يقدموا على أفعال تزعج أهاليهم أو مدرسيهم ومدرساتهم ولذلك فبعد هذه المقدمة ينتظرون من يسوع الصغير أن يرسل لهم الهدايا وان يتكرم بوضعها تحت شجرة الميلاد أما قائمة مطالبهم فتبدأ بالحصان الخشبي الهزاز وتنتهي بالكومبيوتر والألعاب الكهربائية مرورا بالحلويات والهواتف النقالة .... وتختفي هذه الرسائل من الأماكن التي توضع فيها في المنزل بعد أيام قليلة ولاسيما ليلا عندما ينام الأطفال كي يتولى الأهل بدلا من quot; يسوع الصغير quot; جلبها للأطفال قدر استطاعة كل عائلة أما عند شجرة الميلاد فبمجرد تلقي الأطفال الهدايا التي كتبوا ليسوع بشأنها فإنهم يشكرون يسوع الصغير على استجابته لطلباتهم فيما لا يحصل الأهل على الشكر لأنهم لم يفعلوا شيئا لان quot; يسوع الصغير هو الذي جلبها quot;

ويتبادل الكبار أيضا الهدايا فيما بينهم وفق قدراتهم المادية لأنه لا يمكن التصور هنا بان يمر العيد من دون تبادل الهدايا بين أفراد العائلة الواحدة وبين الأقارب وبين الأصدقاء والزملاء في العمل ولو اضطرت العائلات إلى الاستدانة الأمر الذي يحصل في تشيكيا بشكل متزايد لأنه يتم تبادل هدايا تصل قيمتها إلى مليارات الكورونات.

وعلى الرغم من أن طقوس فرح خاصة تسود لدى أعياد الميلاد في المدارس وأماكن العمل وفي الشوارع إلا أن العديد من الناس يأخذون على هذه الاحتفالات غلبة الطابع التجاري على الطابع الروحي فالكثير من الناس يلهثون وراء تأمين الهدايا الغالية والمتنوعة وينسون في الكثير من الأحيان الناس من حولهم الذين يحتاجون إلى مساعدة ربما تكون مالية وربما تكون كلمة طيبة أو دافئة.