تتجسد معاناة مرضى السرطان في العراق في انعدام تقنيات العلاج الحديثة، والأثمان الباهظة للأدوية، في وقت تشير فيه الإحصاءات إلى أن عدد المصابين بالسرطان يزداد على نحو يبعث على القلق . .هذه الاسباب تدفع المرضى الى طلب العلاج في الخارج لاسيما الهند وإيران وتركيا والأردن.


بغداد: رغم الفقر الذي يعاني منه، يعاني ايضاً كريم الياسري (60 سنة) من الاعباء المالية المنتظرة جراء اصابته بالسرطان مشككًا في قدرته على تأمين نفقات العلاج. وبحسب الطبيبة ميسون صاحب ، الاخصائية في علاج السرطان ، فإن المواطن العراقي يجد نفسه مضطراً الى طلب الشفاء في الخارج اذا توفّر المبلغ اللازم لسفرته وعلاجه، وهو ما لا يتوفر في الكثير من الاحيان لأن المريض يُفاجَأ بإصابته بالمرض بسبب عدم إجرائه الفحوصات الدورية مما يتسبب في تدهور صحته بشكل سريع .

النفقات
ومن الأسباب التي ادت الى تدهور صحة علي بسيم (17 سنة) عدم استطاعته تأمين الجرعات العلاجية المخصصة له بشكل منتظم ، لعدم قدرته على سداد نفقاتها. يقول بسيم : المبالغ المالية تفوق قدرتي في الحصول عليها ، واحتاج الى مساعدة الدولة في ذلك .

إجراءات روتينية
ورغم أن الدولة العراقية تؤمن للبعض المبالغ المالية التي يحتاجونها للعلاج الا أن ذلك يتطلب اجراءات روتينية طويلة لا يتمكن المريض من الحصول عليها الا بعد جهد جهيد، وبعد أن يكون المرض قد تطور واستفحل. كما تسعى بعض المنظمات الانسانية لتوفير بعض أنواع العلاجات مجاناً أو بمبالغ رمزية، الا أن جهودها تبدو ضئيلة امام الاعداد الكبيرة لمرضى السرطان .

رحلة الى الهند
وفي بلد مثل العراق تتفاوت فيه مدخولات الافراد ويعيش الكثير من أفراده تحت مستويات خط الفقر، فإن تكلفة علاج السرطان تصل الى آلاف الدولارات ، لاسيما للحالات التي تتطلب علاجًا خاصًا سواء داخل العراق أو خارجه. فقد اضطر رحمن الصائغ الى بيع سيارته وأثاث بيته لتأمين كلفة علاج سرطان الأمعاء، في الهند .
وتبلغ معدلات الإصابة في العراق نحو خمسين ألف عراقي، كما يبلغ عدد ضحايا التأثير غير المباشر للمرض نحو نصف مليون مواطن ، مقابل 24 مركزاً لعلاج الأورام السرطانية في كل انحاء البلاد.

حروب العراق
ان اهم النتائج التي ترتبت على استخدام وتصنيع الاسلحة الكيماوية في حروب العراق اضافة الى مخلفات الأعتدة والمعدات العسكرية ، هو زيادة اعداد المصابين بأمراض السرطان بحسب تقارير بحثية علمية محلية وأجنبية. وفي الأسبوع الماضي أوضح تقرير طبي انجزته دائرة الصحة في محافظة بابل(100 كم جنوبي بغداد) ، أن عدد المصابين بأمراض السرطان في المحافظة بلغ ثلاثة آلاف.
ويعتقد الطبيب كاظم شاكر، أن هناك ملاحظات اولية تحتاج الى تأكيد وبحث وهي أن الامراض السرطانية تنتشر بصورة اكثر في المناطق التي تكثر فيها منشآت التصنيع العسكري ومخلفات الحروب المختلفة من آلات وعدد عسكرية، كما تزداد ايضًا في المناطق التي طالتها صواريخ الحرب الملوثة باليورانيوم غير المنضب، لاسيما وأن إحصائيات وزارة البيئة تشير الى وجود 300 موقع ملوث.

ويؤكد الخبير في الاورام السرطانية جعفر مكي وجود أسباب أخرى ، مثل انتشار استخدام المبيدات الكيمياوية في المزارع وحقول تربية الابقار والطيور اضافة الى انتشار التدخين، وكذلك العمل بالمواد الكيمياوية لفترات طويلة و تدخين السجائر والشيشة . يتابع مكي : اضافة الى سرطان الدم ، هنالك سرطانات الجلد و الجهاز الهضمي، و سرطانات الغدد الليمفاوية وسرطان الثدي لدى النساء ، إضافة الى السرطانات الوراثية .

وبحسب مكي، فإن أهم أسباب استفحال أمراض السرطان ، عدم توفر الآليات السهلة التي تشجّع المريض على إجراء الفحوصات اللازمة بشكل دوري بغية الكشف المبكر عن المرض. ويرافق ذلك ، النقص الحاد في الملاك المتخصص .

الحلول
وتدعو الطبيبة لمياء الدليمي الى وضع إستراتيجية وطنية لعلاج المصابين بدلاً من تركهم عرضة للهجمات الفتاكة للأمراض السرطانية ، عبر إنشاء المراكز العلاجية المتخصصة ، وتهيئة الكوادر الطبية والخدمية عبر اقرار ميزانية في هذا الشأن تمكّن من تنفيذ الخطط الموضوعة. ويقول الباحث الاجتماعي عمر التميمي إن مرضى السرطان يفتقدون إلى الدعم النفسي بسبب غياب المراكز الاجتماعية المتخصصة التي تساعد على (تنوير) المريض بكل ما يتعلق بالمرض من بيانات وطرق علاج. من جانبه، يأمل المريض في سرطان الجلد رعد هادي ( كاسب) أن يتلقى المساعدة المادية والمعنوية ، مع بقية المصابين بالمرض الخبيث ، عبر سن قوانين تتكفل بالعلاج بأسرع وقت ممكن.