تعدّ اليد إحدى أكثر الأعضاء تعقيداً في جسم الإنسان، حيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ من معظم أنشطتنا اليومية ابتداءً من أداء الحركات الأساسية ووصولاً إلى أكثرها تعقيداً وتشابكاً. وتضمّ منطقة اليد والرسغ (المعصم) 27 عظمة، وتحتوي على ثلاثة أعصاب هي: العصب المتوسّط والعصب الزّندي والعصب الكعبري بمكوناتها الحسية والحركية.

كما يصل عدد الأربطة في اليد إلى 120، وتضمّ أيضاً 29 مفصلاً و17 عضلة، والتي تصنّف ضمن مجموعتين داخلية وخارجية. وتعمل كافة هذه الأجزاء بصورة مشتركة ومتناسقة لتعطي اليد - بما في ذلك المعصم والأصابع - القدرة على الحركة والقوة والإحساس.

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة لوسيا هيراس استشارية جراحة العظام والمتخصصة في جراحة اليد لدى مستشفى برجيل للجراحة المتطورة بدبي: "يؤدي تعرّض اليد ولا سيما الرسغ والأصابع للإصابة إلى الحدّ من القدرة على الحركة بصورة طبيعية، فضلاً عن الشعور بالألم وأعراض التورّم والوخز والخدر، مما يؤدي إلى إعاقتها عن أداء وظائفها وحدوث مشاكل قد تكون خطيرة في بعض الحالات. وتعدّ متلازمة النفق الرسغي حالياً إحدى أكثر الحالات المرضية شيوعاً، حيث تصيب شريحة واسعة من الأشخاص نتيجة لتعرّض اليد للإصابات الناجمة عن الاستخدام المفرط لها أو الإجهاد المتكرر. كما تلعب بعض العوامل الوراثية والتقدّم في العمر دوراً في الإصابة بهذه الحالة."


وتابعت الدكتورة لوسيا تعليقها بالقول: "تحدث الإصابة بهذه المتلازمة نتيجة للضغط على العصب المتوسط الموجود في النفق الرسغي. وتترافق عادةً بظهور مجموعة من الأعراض تشمل الشعور بالألم والخدر أو التنميل في اليد، إضافة إلى الوخز وإحساس يشبه الصدمة الكهربائية في الأصابع والمعصم. ومع تفاقم الأعراض، يمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تصلّب (تيبّس) المعصم، وضعف في قوة إطباق اليدّ وقدرتها على إمساك الأشياء، فضلاً عن فقدان الإحساس في الأصابع. ويعدّ التشخيص والعلاج في المراحل المبكرة من الإصابة أمراً بالغ الأهمية لتجنّب حدوث تلف دائم في العصب المتوسط. وفي حال أكدت الفحوصات الكهربية لليد والتصوير بالموجات فوق الصوتية وأشعة الرنين المغناطيسي الإصابة بهذه الحالة، يمكن أن يصف الأطباء للمرضى مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والكورتيكوستيرويدات (الستيرويدات القشريَّة) للتخفيف من شدّة الألم والتورم. وعلى الرغم من ذلك، يعدّ اللجوء إلى التدخل الجراحي الحلّ الأمثل لعلاج متلازمة النفق الرسغي. ويقوم الجراح عادةً بإجراء جراحة مفتوحة عبر إحداث شقّ قد يصل طوله إلى بوصتين (حوالي 5 سم) في معصم اليد، ومن ثمّ يقوم بقطع الرباط الرسغي بهدف توسيع النفق الرسغي. ويتم هذا الإجراء عادةً تحت التخدير الموضعي."


وأضافت الدكتورة لوسيا: "يمكن اللجوء إلى جراحة المناظير بدلاً من الجراحة المفتوحة التقليدية لعلاج متلازمة النفق الرسغي. فقد باتت جراحة المناظير حالياً الخيار الأكثر انتشاراً لأن الألم الذي يشعر به المرضى بعد العملية يكون أقل شدّة، فضلاً عن أنها تتيح لهم التعافي والعودة إلى ممارسة حياتهم اليومية بسرعة أكبر مقارنة بالجراحة التقليدية."
وتعدّ التهابات المفاصل إحدى الحالات المرضية الأخرى الشائعة التي تصيب اليدين وغيرها من أعضاء الجسم الأخرى. ويعتبر التهاب المفاصل الروماتويدي أحد أبرز أنواع هذه الالتهابات، وهو من أمراض المناعة الذاتية التي تصيب كلّاً من المفاصل والأنسجة الضامة والليفية والعضلات والأوتار. ويستهدف هذا المرض الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً، ويعدّ من الأمراض المزمنة التي تسبب الإعاقة والشعور بالألم الشديد وتشوّه المنطقة المصابة.

أمّا الفصال العظمي فيعدّ أحدّ أمراض المفاصل التنكّسيّة التي ترتبط بالشيخوخة والتقدّم في العمر، حيث يصيب المفاصل التي تعرّضت للضغط والإجهاد باستمرار طيلة فترة حياة الشخص مثل الركبتين والوركين والأصابع. وتشمل أكثر أعراض التهاب المفاصل شيوعاً كلّاً من التورم والألم والتصلّب (التيبُّس) والحدّ من القدرة على الحركة.

الجراحة خيار سليم عند تفاقم التهاب المفاصل

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة ماريا بوتيلا، أخصائية جراحة اليد في مستشفى برجيل للجراحة المتطورة بدبي: "يعدّ التدخل الجراحي في أغلب الحالات الخيار الأمثل في حال تفاقم أعراض التهاب المفاصل وإضعافها لقدرة المفصل على أداء وظائفه بصورة طبيعية. ويشمل الخياران الرئيسيان لعلاج التهاب المفاصل في اليدين اللجوء إلى دمج عظمي المفصل معاً أو ما يُعرف بعمليات ‘إيثاق المفصل’ للتخفيف من شدّة الألم وجعل المفاصل أكثر قوة وثباتاً، إضافة إلى عمليات استبدال المفاصل المتضررة (رأب المفصل) عن طريق زراعة مفاصل أخرى صناعية."

وأضافت بوتيلا : "كما قد تتطلب بعض أنواع كسور اليدين والأصابع وخاصة تلك الناجمة عن ممارسة أنواع محددة من الرياضات أو الأنشطة الأخرى المتعلقة بطبيعة العمل اللجوء إلى التدخل الجراحي وفقاً لدرجة شدتها وخطورتها، وخاصة إذا كانت تستدعي استخدام البراغي أو المسامير أو الصفائح لوصل العظام التي تشترك في بناء المفاصل. وقد يتطلب علاج بعض أنواع الإصابات أو الالتهابات الحادة في أصابع اليد أيضاً اللجوء إلى البتر الجزئي أو الكلي. ويعدّ التواء الأربطة التي تصل العظمين اللذين يشكلان المفصل أحد الحالات الشائعة الناجمة عن التعرّض للإصابات.

كما تعتبر ‘الإصبع الزنادية (المُنْعَقِلة)’ إحدى الحالات الأخرى التي تسبب الشعور بالألم في اليد وتحدّ من قدرتها على أداء وظيفتها على النحو المطلوب، حيث تنجم هذه الحالة عن إصابة الوتر بالتورّم أو الالتهاب، ما يمنعه من الانزلاق والحركة بسهولة ضمن غمد الوتر، وبالتالي يظل الإصبع منحنياً ولا يستطيع المريض مدّه بشكل طبيعي. وكما هو الحال في مرض ‘الإصبع الزنادية’، تؤدي الإصابة بالتهاب ‘دي كويرفين لغمد الأوتار’ إلى صعوبة انزلاق وحركة الوتر الموجود في قاعدة إبهام اليد ضمن غمده، حيث يعاني المصابون بهذه الحالة من الألم أثناء مدّ الإبهام بشكل مستقيم."


كما ينجم الشعور بالألم في اليدين وخاصة في المفاصل أيضاً عن نقص فيتاميني "ب12" و"د" في الجسم، أو نتيجة للإصابة بمتلازمة الألم العضلي الليفي المعروفة باسم "الفيبروميالغيا"، والتي تصيب المفاصل في كافة أنحاء الجسم. وتتطلب هاتان الحالتان تناول المكمّلات الغذائية والأدوية المناسبة للتخفيف من شدّة الآلام التي قد يعاني منها المرضى.
&


&