إيلاف من لندن: "نريدها أن تدوم ألف سنة"، بهذه الكلمات استذكر رئيس تحرير "شارلي إيبدو" جيرار بيار الهجوم الإرهابي الذي استهدفه مجلته، التي تحيي يوم الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2025 الذكرى السنوية العاشرة للاعتداء على مقرها الذي تبناه تنظيم القاعدة، وأودى بحياة معظم أفراد طاقمها التحريري.
وتصدر الصحيفة عددا خاصا من 32 صفحة، يتضمن رسوما كاريكاتورية اختارتها في سياق مسابقة دولية أطلقتها في أواخر 2024، وأعلن رئيس التحرير جيرار بيار في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية: "لم يقتلوا شارلي إيبدو" و"نريدها أن تدوم ألف سنة".
وهزّت الاعتداءات العالم وانتشر شعار "أنا شارلي" تضامنا مع الصحيفة. وفي 11 كانون الثاني/يناير 2015، جمعت تظاهرات حوالى 4 ملايين شخص في أنحاء فرنسا انضمّ إليها العديد من رؤساء الدول والحكومات في باريس.
ماذا حصل؟
وإذ ذاك، فإنه قبل عشرة أعوام، في تمام الساعة 11:30 من صباح السابع من يناير/كانون الثاني 2015، توجه رجلان مسلحان ومزودان بسترات واقية إلى مقر مجلة "شارلي إبدو". أمام المدخل، هددوا ساعية البريد وطلبوا منها إخبارهم عن مكان مكاتب الصحيفة الساخرة. وفور دخولهم إلى المبنى، أطلاقا النار على موظف الصيانة فريديريك بواسو لتسقط أول ضحية.
واستمر الإرهابيان في التقدم، لكنهما أخطآ في تحديد الطابق الصحيح، ومع ذلك لم يتوقفا عن البحث حتى وجدا هدفهما. دخلا مكاتب "شارلي إبدو"، حيث كان يعد اجتماع التحرير، وكان الصحفيون يعملون على إصدار العدد الجديد.
ورغم تواجد ضابط الشرطة فرانك برينسولارو داخل القاعة، وهو مكلف بحماية مدير الصحيفة، شارب، إلا أن الإرهابيين سارعا لإطلاق النار عليه ولم يتمكن من الرد عليهما.
الأخوان كواشي
في أقل من دقيقتين، تمكن "الأخوان كواشي" اللذان، بايعا تنظيم "القاعدة"، من قتل ثمانية صحفيين وهم: الصحفية إلسا كايات، المدقق اللغوي مصطفى أوراد، فضلاً عن أسماء لامعة في الصحيفة هم شارب، وكابو، وولنسكي، وتيغنوس، والاقتصادي برنار ماريس، إضافة إلى ضيف كان متواجدا معهم هو ميشيل رينو.
ولم يكتفي الإرهابيان بذلك، بل استمرا بإطلاق النار في الشارع، وهم يصرخان "لقد انتقمنا للنبي محمد"، وقتلا الشرطي أحمد مرابط الضحية الثانية عشرة والأخيرة في ذلك اليوم.وتمكن الأخوان كواشي من الفرار، ولم تعثر قوات الأمن الفرنسية عليهم إلا بعد يومين من المطاردة، في مطبعة على بعد 45 كيلومترا من باريس حيث قتلا نتيجة اشتباكات مع فريق تابع لقوّات النخبة في الدرك الفرنسي.
وكانت "شارلي إيبدو" المعروفة بتأييدها خطا يساريا فوضويا وهحومها على رجال الدين، والتي تأسّست سنة 1970 على أنقاض مجلّة "هارا-كيري"، تتعرّض لتهديدات إسلامية منذ نشرها رسوما كاريكاتورية للنبي سنة 2006.
مراسم رزينة
وتقول إذاعة (مونت كارلو) إنه على غرار كل سنة ستقام مراسم تتسم "بالرزانة نزولا عند رغبة العائلات"، وفق ما أوضحت بلدية باريس. وستقوم رئيسة البلدية آن إيدالغو بـ"تكريم ذكرى ضحايا اعتداءات كانون الثاني/يناير 2015 بحضور رئيس الجمهورية" و"عدّة وزراء".
وستنطلق هذه المراسم عند الساعة 11,30 من شارع نيكولا أبير في الدائرة الحادية عشرة من باريس حيث كان مقرّ "شارلي إيبدو" في 2015. وستنتقل بعدها إلى بولفار ريشار لونوار حيث قٌتل الشرطي مرابط، على أن تنتهي في الساعة 13,10 بتكريم لضحايا متجر الأطعمة اليهودية.
يذكر أنه في اليوم التالي للحادثة، قضت شرطية في مونروج إلى جنوب باريس في هجوم إسلامي، ثم قتل أربعة أشخاص من اليهود في 9 كانون الثاني/يناير في هجوم ثالث استهدف متجرا للأطعمة اليهودية في بورت دو فانسين.
كلام ماكرون
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعة خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن "الذكرى القريبة لاعتداءات 2015 تذكّرنا بأن المخاطر ما زالت قائمة وينبغي ألا نتهاون بتاتا في نضالنا من أجل حماية الفرنسيين والدفاع عن حرياتنا"، وفق ما نقل عنه أحد المشاركين في الجلسة.
وكتبت وزيرة الثقافة رشيدة داتي على منصة إكس أنها ستعرض في السابع من فبراير/ شباط التصميم المعماري لـ"بيت الرسوم الصحافية" المقرر إنجازه عام 2027 غير أنه تم تأخيره.
وقال مدير الصحيفة ريس الذي خلف شارب مؤخرا إن "شارلي إيبدو" التي "اتبعت بالأساس مسارا هامشيا، باتت اليوم بمثابة مؤسسة".
وبعيدا عن المبيعات القياسية التي سجلت في 2015، حين باعت الصحيفة 8 ملايين نسخة من العدد الذي تلا الاعتداء وتلقت 240 ألف اشتراك في شباط/فبراير 2015، تعد الأسبوعية اليوم 30 ألف مشترك وتبيع 20 ألف نسخة من إصداراتها في الأكشاك. ويبقى مقرها خاضعا لحماية مشددة من دون الإفصاح عن موقعه.
التعليقات