قد تبدو فكرة تجميع الأدمغة البشرية مرعبة، لكنها حاصلة بالفعل، والهدف علمي بحت. &فهذا البنك يوجد في مستشفى ماكلين في ماساتشوستس في الولايات المتحدة، وهو يحتوي على أكثر من 3 آلاف عينة مختلفة من الدماغ البشري.

يعمل العلماء على إجراء تجارب على هذه العينات من أجل التوصل لعلاجات لأكثر الأمراض تعقيدًا في العالم، والتي تفتك في البشرية كل عام.

ومن هذه الأمراض، الزهايمر وفصام الشخصية، واضطرابات ما بعد الصدمة.

تحفظ الأدمغة في حوض بلاستيكي أو كيس ثم تجمد أو تحفظ بمحلول الفورمالين، حسب الهدف من استعمالها في المستقبل.

أما عن عملية نقل الدماغ، فهي عملية خطيرة وحرجة للغاية. فالدماغ البشري يبدأ بالموت بعد 24 ساعة فقط من موت الشخص. وحيث إن البنك المشار إليه بحاجة ماسة للدماغ بحالته الكاملة قبل تضرره، يتم نقل الدماغ بمجرد موت الشخص المتبرع أو إذن أقربائه.

ويتم استخراج الدماغ البشري من قبل طبيب شرعي، وبمجرد عملية النقل، يتم تقسيم الدماغ لشطرين متساويين، الأول يتم تجميده ويُستعمل في تحليل الحمض النووي. أما الثاني، يتم غمره بمحلول الفورمالين ويُستعمل لدراسة الأنسجة والبروتينات.

كما يجب إرفاق كل دماغ بتحليل مفصَّل عن صاحبه، بحيث يُظهر التحليل سبب الوفاة، وإن كان يُعاني من أمراض فيروسية مثل مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز، أو الاتهاب الكبدي الوبائي.

كما ويقوم بنك الأدمغة بشحن عينات لمراكز طبية متخصصة في العالم عند الحاجة لها. ويقول القائمون على المركز إن أكثر من 9000 عينة تم تسجيلها في البنك منذ عام 1978م.

وفي بريطانيا ايضًا توجد&مستودعات أو بنوك للادمغة، إحداها في "امبريال كوليدج" في لندن، وتموله مؤسسة مرض "باركسنون"، ويعتبر هذا البنك الاكبر في بريطانيا، والتي تضم 12 أخرى، وفيه حوالي 1650 عينة.&

ويدير أستاذ أمراض الأعصاب ستيف جنتلمان، البنك، ويقوم بتشريح الأدمغة التي تصله على أساس يومي، حيث يضع تقريرًا مفصلًا حول التغيّرات الفسيولوجية التي يراها فيه، وكيف لها أن تشير الى الأعراض التي يلاحظها الأطباء في الحالة الطبية للمريض.

ويتوجب على طبيب الاعصاب أيضا النظر في السجل الطبي للمريض ومراجعة الأدوية التي تناولها حتى وان شرَّح الدماغ، وترسل هذه المعلومات الى الباحثين الذين يسعون الى معرفة كيفية حدوث امراض الدماغ، وكيف يمكن علاجها.

وأكد دكتور ستيفن في تصريحات صحافية سابقة من العام الماضي أنه " كبنك للدماغ، لا يقاس أداؤنا بعدد العقول التي نجمعها، انما بقياس كم استطاع الباحثون الحصول على انفراجة من هذه العقول في أبحاثهم."

ويستطيع جراحو العظم من طريقة مشي المرضى تخمين بدقة أمراضهم ويكشفون عادة بسرعة المرض من خلال فحص الدماغ، وأوضح دكتور ستيف " أضع عيني على البقعة وأستطيع التكهن بالتغيّرات المعينة التي ترتبط مع الأعراض، فعلى سبيل المثال يمكنني التنبؤ بمرض "باركسنون" من خلال تشريح الدماغ."

ويدرس بعض الباحثين التغيّرات الجسدية في المخ، ولكن البعض الأخر يدرسون التغيّرات البيوكيميائية وكذلك علم الوراثة، وأثبتت الدراسات أن وجود بعض البروتينات في السائل المخي، والذي يشير الى مرض الدماغ التنكسي.