جاء في زحمة الاخبار المتسارعة المتصلة بالعمليات الارهابية التي ضربت مدينة بن قردان التونسية الواقعة على الحدود مع ليبيا ان فتاتين شقيقتين، هما رحمة وغفران الشيخاوي، كانتا على قائمة المبحوث عنهم منذ اشهر طويلة، سلمتا نفسيهما لقوات الامن.
 
وحسب التقرير الذي نشرته جريدة "الصباح" التونسية، تبلغ رحمة، الفتاة الكبرى لعائلة الشيخاوي من العمر 18 عاما. وقبل "ثورة الياسمين" التي اطاحت بنظام زين العابدين بن علي في الرابع عشر من شهر يناير 2011، كانت رحمة فتاة جميلة وظريفة ومحبة للرقص والغناء، وبفضول كبير كانت تتابع ما يحدث في عالم الموضة الخاصة بالشابات في مثل سنها.
 
وفي سنوات مراهقتها لم تبد في سلوكها ما يمكن ان يشي بأي ميل إلى التطرف والتشدد الديني. غير ان حياتها شهدت انقلابًا مرعبًا عند بلوغها سن السادسة عشرة. فقد بدأت تتردد على جمعيات "عبدة الشيطان". ومثل انصار هذه الجمعيات، اقبلت على ارتداء الازياء السوداء، مظهرة نفورًا من التحدث الى كل من لا يفكر مثلها. وفي السنوات التي تزعمت فيها حركة النهضة حكومة الترويكا، تدفقت على تونس اعداد كبيرة من الدعاة المشارقة، الذين راحوا يطوفون في جميع انحاء البلاد في سيارات فاخرة ناشرين افكارا تحرض على العنف والتكفير، وتحث الشباب على اعتناق "مبادئ الاسلام الحنيف"، بحسب تعبيرهم.
 
وتحت تاثيرهم، انخرطت اعداد وفيرة من الشبان والشابات التونسيين في جمعيات سلفية اطلق انصارها اللحي، وشرعوا في ارتكاب اعمال عنف وتخريب، مقيمين خياما في العديد من المناطق الجنوبية بالخصوص، بهدف نشر مواعظهم، والدعوة الى الالتحاق بجبهات القتال الجهادية في سوريا وليبيا والعراق.
 
وخلال ترددها على خيمة من هذه الخيام الدعوية، اصبحت رحمة ميالة الى الافكار السلفية المتطرفة، مقنعة شقيقتها غفران بالاقتداء بها. وذات يوم اختفت الشقيقتان. وبعد اشهر علمت والدتهما انهما تقيمان في مدينة سرت الليبية، وتحديدا في معسكر يعيش فيه مئات من "الارهابيين". كما علمت ان ابنتها الكبرى رحمة تزوجت من احد قادة تنظيم سلفي متشدد ومنه انجبت بنتا. وعندما قصفت القوات الاميركية مدينة صبراته في اول شهر مارس (اذار) الحالي، قتل زوج رحمة، غير ان هذه الاخيرة تمكنت من النجاة. وفي اخر مكالمة هاتفية مع والدتها، قالت رحمة ورعشات الخوف في صوتها: "سأموت يا امي".
 
وكثيرات هن الفتيات التونسيات اللاتي وقعن في شباك التطرف والارهاب. ومن جبهات القتال في ليبيا وسوريا، عادت العشرات منهن حاملات، او محطمات نفسيا بسبب قسوة التجارب التي عشنها على مدى اشهر او سنوات.