«إيلاف» من لندن: اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية اليوم قوات البشمركة لحكومة اقليم كردستان العراق بتوقيف آلاف المدنيين الفارين من الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش لما يصل إلى 3 أشهر عند نقاط التفتيش بما فيه عند الخطوط الأمامية.
وقالت المنظمة في بيان صحافي اطلعت على نصه «إيلاف»، إن قوات البيشمركة تمنع اولئك المدنيين النازحين من الوصول إلى المساعدات الإنسانية في كثير من الحالات، داعية حكومة الاقليم الى الالتزام بتيسير تقديم المساعدات الإنسانية سريعًا ودون إعاقة إلى جميع المدنيين المحتاجين لها، والسماح للفارين بالوصول إلى بر الأمان.
وقالت: "يفرّ المدنيون، ومن بينهم عائلات بأكملها، من الحويجة، 60 كم جنوب الموصل، وتلعفر 55 كم غرب الموصل، التي كانت تحت سيطرة داعش منذ يونيو 2014 لا يزال هناك 80 ألف مدني في الحويجة و20 ألفاً في تلعفر، وفقاً لما ذكره موظفو "الأمم المتحدة" للمنظمة.
دعوة لمساعدة الفارين على الوصول الى مناطق آمنة
وقالت "لما فقيه" نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "على جميع القوات المسلحة في العراق أن تبذل قصارى جهدها لمساعدة المدنيين على الوصول إلى الأمان والحصول على الغذاء والماء والأدوية. ستصبح الحالة أكثر إلحاحًا عندما تبدأ القوات المحاربة لداعش عملياتها لاستعادة الحويجة وتلعفر".
ونقلت المنظمة عن 4 أفراد أوقفوا مع عائلاتهم عند نقاط التفتيش، وشخصين لديهما معرفة مباشرة بحركة الأشخاص الفارين من هذه المناطق قولهم، إنه في كل نقطة من نقاط التفتيش الأربع التي حاولت عندها العائلات دخول الأراضي التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان، أوقفت البشمركة المدنيين لأيام أو أسابيع، و3 أشهر في إحدى الحالات. في كثير من الحالات تركتهم عرضة لهجمات داعش بقذائف الهاون والعمليات الانتحارية، ودون غذاء ومساعدات هم بأمس الحاجة إليها.
وقال رجل احتُجِز عند حاجز مع عائلته 3 أيام في قرية مكتب خالد المدمرة على خط المواجهة، وفي مرمى قصف داعش: "قضيت تلك الأيام الثلاثة خائفاً من أن يقتلنا داعش، وفي الوقت نفسه، خفت أن يتجمد أبنائي من البرد حتى الموت. كانت تلك الأيام الثلاثة أكثر الأيام فظاعة في حياتي ". وصف آخر كيف توفي طفله البالغ من العمر 6 أشهر، بسبب نقص الحليب، بينما كانت أسرته تنتظر السماح لهم بالعبور.
وقال شخص له معرفة مباشرة بحركة الأشخاص الفارين من معبر مكتب خالد، إن قوات البشمركة منعت في عدة مناسبات في أبريل ومايو 2017 عشرات المدنيين من العبور لمدة تصل إلى 14 يومًا، ومنعت المنظمات الإنسانية من إيصال المساعدات الإنسانية لهم. ثم قال آخر لديه معرفة مباشرة بحركة الأشخاص الفارين عبر نقطة تفتيش دقوق التابعة للبشمركة، على بعد 17 كم من خط المواجهة، إن قوات البشمركة منعت المدنيين من العبور من هناك لمدة تصل إلى 16 يوماً، وحدّت من وصولهم إلى المساعدات.
تناقض معلومات حول اجراءات الفحص
واشار مسؤول حكومي عراقي الى إنه قابل عشرات العائلات التي مرت بمكتب خالد خلال العام الماضي، وقال إنه عندما وصلوا أخذت قوات البشمركة أسماءهم ثم قالوا لهم إنهم سيسمحون لهم بالعبور فقط عندما يصل حجم الحشد إلى 300 أسرة على الأقل. وقال إنه أثار مخاوف بشأن عدم السماح للمدنيين بالعبور في الوقت المناسب مع محافظ كركوك وقادة البشمركة، الذين قالوا إن هذه الإجراءات ضرورية لفحص انتماء المدنيين لداعش قبل السماح لهم بالعبور.
لكن المنظمة اكدت أن هذا الأساس الأمني يتناقض مع تصريحات العائلات التي قالت إنه لم يسمح لهم بالعبور إلا عندما تجمعت أعداد كبيرة عند الحاجز. قالت عائلات أخرى إنهم عندما وصلوا، كان عدد كبير من العائلات عند نقطة التفتيش، ولم يقضوا سوى بضع ساعات قبل السماح لهم بالعبور.
وحاول أكثر من 5 آلاف شخص فارين من تلعفر منذ 18 أبريل الماضي دخول الأراضي التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان عبر نقطة تفتيش للبشمركة في قرية شندوخان الواقعة على الخطوط الأمامية، واحتجزتهم قوات البيشمركة هناك لمدد تتراوح بين يوم و3 أيام دون طعام أو ماء أو مأوى، قبل نقلهم إلى قرية سهلج التي تبعد 10 كم عن خط المواجهة، وداخل نطاق قصف داعش، بحسب أحد الأشخاص الذين لديهم معرفة مباشرة بحركة الأشخاص الفارين في المنطقة.
وأفادت الأمم المتحدة أن قوات البشمركة احتجزت نحو 200 مدني فارين من تلعفر لأكثر من شهرين عند نقطة تفتيش في الفاضلية، على بعد 15 كم شمال الموصل و22 كم عن خط المواجهة. لم يُسمح لوكالات المعونة والشركاء بالوصول المباشر لتقديم المعونة. قال مصدر متابع للتطورات إنه بعد 3 أشهر، في أوائل يونيو سُمح للأسر بالدخول إلى مخيمات النازحين.
مخاوف أمنية
واشارت هيومن رايتس ووتش الى انه قد تكون لدى قوات الأمن مخاوف أمنية حقيقية، ولها الحق في فحص الفارين من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.، ولكن على السلطات تقديم الرعاية الطبية، بما فيها الإسعافات الأولية فورًا لجميع الأشخاص في مواقع الفحص.
وطالبت السلطات التي تدير مراكز الفحص أن تتخذ مكانًا بعيدًا عن الأعمال العدائية قدر الإمكان. على السلطات أيضا أن تحدد فورا الأشخاص المعرّضين للخطر وأن تعطيهم الأولوية في عملية الفحص، بمن فيهم الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية فورية، وأن تقدم لهم أي مساعدة لازمة تشمل المأوى والغذاء والحليب للرضع والمياه.
واوضحت انه بموجب القانون الإنساني الدولي، على أطراف النزاع اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لإجلاء السكان المدنيين من المناطق القريبة من القتال أو الأهداف العسكرية، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين من الأذى. على جميع الأطراف أيضًا تيسير تقديم المساعدة الإنسانية السريعة ودون عوائق إلى جميع المدنيين المحتاجين.
دعوة أربيل لمراجعة قضائية فورية للاعتقال
ودعت سلطات حكومة إقليم كردستان أن تكفل إجراء مراجعة قضائية فورية ومستقلة للاعتقال، وأن تسمح للمحتجزين بالوصول إلى المحامين والرعاية الطبية والتواصل مع أسرهم. ينبغي أيضًا اعتبار أي شخص محتجز لفترة طويلة، دون أن يكون قادرًا على المغادرة، محتجزًا.
وقالت فقيه: "عاشت هذه العائلات لسنوات في ظل الانتهاكات المروعة لداعش، وعانت أشهراً من نقص الغذاء والماء والدواء، وخاطرت بحياتها في محاولة للوصول إلى الأمان. تأخير وصول الأشخاص الفارين من داعش إلى الأمان والحصول على المساعدة التي يحتاجونها عمل غير إنساني".
التعليقات