إيلاف من دبي: أكد خبراء مشاركون في فعاليات المؤتمر السنوي الرابع والعشرين لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية التي انطلقت اليوم في العاصمة الإماراتية أبوظبي تحت عنوان "حوار أبوظبي: تحديات وفرص التغيير في القرن الحادي والعشرين" أن التكنولوجيا والتنظيم البشري عاملان مؤثران في حروب المستقبل، لافتين إلى أن التغيّرات التي تشهدها المنطقة والعالم تفرض ضرورة لعب أدوار تشاركية من قبل الحكومات والمنظمات والأفراد ومراكز الفكر في سبيل السيطرة على بعض نتائجها وإفرازاتها ذات التأثيرات شديدة الخطورة.

طريقة القتال

وأوضح الدكتور ناثان تورنتو، أستاذ مشارك بكلية الدفاع الوطني، بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن "هناك عاملين&مؤثرين&في طريقة القتال في الحروب وهما التكنولوجيا والتنظيم البشري، ويتم الجمع بين العاملين معا لتحديد شدة الفتك في ساحة المعركة، وهي التي كانت عناصرها الأساسية في الماضي، التخفي والتستر وقوة النيران والاتصالات، وقد تمحورت شدة الفتك، بعد عملية عاصفة الصحراء على وجه الخصوص، حول أساليب المراقبة والاستطلاع المتقدمة، وكذلك دقة قوة النيران من أجل تحديد موقع العدو وتدميره".

خبير مشارك في المؤتمر

وتوقع الدكتور تورنتو في ورقته "العلاقة بين التكنولوجيا والتغير في طبيعة الحروب" أن يكون للتنظيم البشري أثر في طبيعة الحروب في المستقبل أكبر من التكنولوجيا المتوافرة، وسيسعى صناع القرار إلى التركيز على بناء مؤسسات اجتماعية ومنظومات تعليمية قوية، تساعد الأفراد على تعلم كيفية تطوير مهارات الإبداع وتنمية قدرات التفكير النقدي المميز لديهم. وبعبارة أخرى سينصب التركيز بدرجة أكبر على تعليم عدد أكبر من الأطفال، في حين يقل التوجه نحو شراء الأسلحة.

التغيير والأمن

وفي الجلسة التي حملت عنوان "التغيير والأمن"، قال الدكتور جون أنتوني هاردي أستاذ مساعد، برنامج الأمن الوطني، أكاديمية ربدان، بدولة الإمارات في ورقته "التكنولوجيا والأمن الداخلي"، إن التكنولوجيا هي قوة الدفع الرئيسية للتغيير في عمليات الأمن الداخلي فهي تأتي بقدرات جديدة، وتخلق فرصا لجمع وتحليل قدر أكبر من المعلومات والاستخبارات والأدلة، وتوجد طرق&مبتكرة ومتطورة للكشف والمراقبة والتحديد والتحليل ذات تأثير مباشر في الأمن الداخلي وهذا يحقق مزايا عدة، على رأسها توفير أدوات وأشكال جديدة من البيانات، ووسائل جديدة للوصول إلى المعلومات وفهمها، غير أنها كذلك تضع تحديات أخرى كضرورة التأكد من امتلاك الهيئات المهارات والموارد المطلوبة لاستغلال التكنولوجيا الاستغلال الفاعل، والتأكد من مواكبتها الابتكار العملياتي، والمبادرة إلى اتخاذ الإجراءات المضادة الاستباقية كلما أمكن ذلك.

وأكد الدكتور هاردي أنه وبرغم هذه التحديات فإن دولة الإمارات في وضع استثنائي يؤهلها للاستفادة من التطورات التكنولوجية لتعزيز الأمن الداخلي؛ نظرا إلى خبرتها في الحصول على الأنظمة المتقدمة، وقدرتها الهائلة على تحسين استخدامات التكنولوجيا الحديثة، وتنمية المهارات الرائدة في هذا المجال، فضلا عن ترسيخ ثقافة الابتكار.

الأزمات والمخاطر

وتناول حمد مبارك العامري، مدير إدارة التكنولوجيا والاتصالات بالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث بالإمارات، في ورقته البحثية، إدارة الأزمات في ظل التطور التكنولوجي، مشيرا إلى أنه في ظل التطور الذي تشهده أوجه الحياة كافة بات من الطبيعي أن تصبح الأزمات أكثر صعوبة وتعقيدا من ذي قبل، كما أضحت الحاجة ملحة إلى وجود إجراءات استباقية إما لمنع حدوث الأزمة، وإما للتخفيف من آثارها حيث إن الاستجابة تبدأ من مرحلتي المنع والوقاية والاستعداد وذلك بتقييم المخاطر والتهديدات المتوقع حدوثها، وإيجاد الخطط والأطر المناسبة التي تضمن تحقيق الاستجابة الفعالة حيال هذه المخاطر في وقت قياسي.

وأكد العامري أهمية المعلومات في إدارة الأزمة؛ لأنها العصب الرئيسي الذي يساعد على إدارة الأزمات بفاعلية إذ إن المعلومة بدقتها وحداثتها تسهم بشكل كبير في رفد صانع القرار بالمعرفة اللازمة التي تعد ركنا أساسيا في اتخاذ القرار المناسب. ويظهر جليا هنا دور التكنولوجيا والاتصالات كأداة تعمل على التحكم في الكم الهائل من المعلومات، وتوظيفها في جميع مراحل الأزمة ومستوياتها؛ حيث تستخدم لإيصال متغيرات الأحداث وتطوراتها إلى القيادة العليا ومن ثم لنشر التعليمات والتوجيهات الصادرة من القيادة إلى الجمهور. وأشار حمد مبارك العامري إلى أنه نظرا إلى ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة وتطورها في جوانب كثيرة؛ فإن الفرصة مواتية للمؤسسات العاملة فيها، من القطاعين الحكومي والخاص، للاستفادة من هذه الريادة، وتطبيق أفضل الممارسات التقنية في مجال إدارة الطوارئ والأزمات.

البيئة الأمنية

وأشار اللواء الركن طيار رشاد محمد السعدي قائد كلية الدفاع الوطني بالإمارات إلى أن "البيئة الأمنية الاستراتيجية يعتريها الكثير من التحديات الحقيقية والصعوبات غير المسبوقة، ولكن بالقدر الذي عظمت فيه التحديات فإنه من الإنصاف أيضا الإقرار بظهور الكثير من الفرص الواعدة التي تبشر بمستقبل مزدهر لكافة الدول التي تسعى لاستثمار ذلك"، مؤكدا أن التغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم تفرض ضرورة لعب أدوار تشاركية من قبل الحكومات والمنظمات والأفراد ومراكز الفكر في سبيل السيطرة على بعض نتائجها وإفرازاتها ذات التأثيرات شديدة الخطورة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال التخلي نسبيا وتدريجيا عن السياسات الانطوائية والكلاسيكية، والقيام بأدوار جماعية تتطلب التحلي بالإرادة الجادة والعزم والشفافية، والتعاون وبذل جهود واقعية تستند إلى رصد موارد كافية، وإعداد استراتيجيات وخطط متوسطة وبعيدة الأمد.

الوقود الأحفوري ومستقبل الطاقة

وفي جلسة أخرى بالمؤتمر تحت عنوان "التكنولوجيا الحديثة ومستقبل الطاقة" تحدث الدكتور ستيفن غريفيث، النائب الأول لرئيس الأبحاث والتطوير، وأستاذ ممارس، جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، بدولة الإمارات عن العلاقة بين التكنولوجيا ومستقبل الوقود الأحفوري، مشيرا إلى أن الوقود الأحفوري ظل مع تغير نسبي قليل، مسيطرا لعقود من الزمن على سوق الطاقة العالمية إلا أن هذا الوضع بدأ يتغير الآن، حيث تمهد التطورات المتسارعة في مجال التكنولوجيا الطريق لمستقبل يكون الاعتماد فيه منصبا أكثر على مصادر الطاقة المنخفضة الكربون. لافتا النظر إلى أنه وعلى الرغم من أن الوقود الأحفوري سيواصل لعب دور مهم في منظومتنا للطاقة في المستقبل؛ فإن ظهور أنظمة الطاقة الأكثر نظافة وانتشارا واعتمادا على التقنيات الرقمية هو أمر حتمي.

كما تحدث في الجلسة عدنان أمين، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، مستشرفا في ورقته البحثية آفاق التطور في مجال الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن قطاع الطاقة العالمية يشهد تغييرا متسارعا نتيجة للنمو غير المسبوق للطاقة المتجددة والتي يعزز جدواها انخفاض التكلفة، والابتكارات المستمرة في مجالها حتى أصبحت مصدر الطاقة الرئيسي لتلبية الحاجات المتزايدة من الطاقة. وأكد المدير العام لـ"آيرينا" أن الابتكارات في مجال التحول الرقمي والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي تخلق آفاقا جديدة لتشغيل أنظمة الطاقة الذكية التي تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة المتجددة، فضلا عن الضرورة الملحة لمعالجة ظاهرة التغير المناخي، التي تعطي زخما جديدا للإقبال على الطاقة المتجددة، ومن هنا يزداد حرص الدول على التعجيل باستخدام مصادر الطاقة المتجددة. وأشاد المدير العام لـ "آيرينا" بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في مواكبة التطورات، وسعيها الحثيث إلى زيادة مصادر الطاقة المتجددة المتوافرة لديها بكثرة.
مصادر الطاقة المتجددة

واستشرف الدكتور أحمد الدرة، أستاذ مشارك بقسم هندسة الكهرباء والحاسوب، بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، بدولة الإمارات مستقبل الكهرباء في مزيج الطاقة العالمي، مشيرا إلى أن "نماذج الطاقة عرفت تغييرا كبيرا خلال العقود الأخيرة الماضية ابتداء من الموارد المعتمدة على الطاقة الأحفورية، وصولا إلى مصادر الطاقة المتجددة. ومع التطور الكبير، الذي شهدته خيارات الطاقة المتجددة، فقد أضحى من الضروري أن يكون توزيع الطاقة واستخدامها فعالين إلى أقصى حد ممكن من الناحية التكنولوجية، كما يتعين تعزيز وتحفيز جهود ترشيد الطاقة في مرحلة الاستهلاك".

وتابع أن "الأنظمة الجديدة للطاقة المتجددة تتسم بالتنوع، ولا يمكن التنبؤ بمعظمها وبالتالي فإنه من المهم عدم إغفال أن الدمج المباشر والبسيط للطاقة المتجددة في الشبكة الكهربائية قد يؤدي إلى الكثير من المشكلات الخطرة، مثل ضعف جودة الطاقة، وضعف الفاعلية، وتبذير الطاقة الكهربائية بشكل كبير، وحتى عدم استقرار النظام".