إيلاف من الرياض: إنفردت السعودية برؤية سياسية شددت على ضرورة التحوّل إلى اقتصاد المعرفة بصفته مطلباً ملحّاً في تعزيز القدرات التنافسية بين الدول، ومن أجل تحقيق هذه الغاية أدركت المملكة أهمية مأسسة البحث العلمي ليصبح إطاراً داعماً في صناعة القرار وأساساً للتخطيط الاستراتيجي.

ونظراً لما تتطلبه صناعة الأبحاث من بنية تحتية ترسي دعائم الإبداع والابتكار لإنتاج المعرفة، استحدثت المملكة هيئة "تنمية البحث والتطوير والابتكار" لتوحيد الجهود العلمية وربطها باحتياجات التنمية وخلق استراتيجية بحثية تدعم صناعة المنتجات المعرفية إضافة إلى تمويل المبادرات وتشجيع الأفكار البحثية.

وكشف المهندس عبد الله بن عامر السواحه، وزير الإتصالات ورئيس مجلس إدارة هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في حديث لـ "إيلاف"، أن الهيئة ستعمل على إثراء منظومة البحث العلمي والتطوير والابتكار لتعزيز تنافسية المملكة ومراكزها الريادية على المستوى الدولي إضافة إلى تعظيم القيمة على المستوى الوطني.

وأضاف المهندس عبد الله السواحه، أن قطاع البحث العلمي والتطوير والابتكار يحظى بدعم غير محدود من قبل القيادة وأكبر دليل على ذلك هو رئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار.

وأشار إلى أن "هذا الحرص في تكامل منظومة الابتكار دلالة على عزم المملكة المُضي في رحلتها للتحول نحو اقتصاد وطني قائم على الابتكار، ولدينا كفاءات وعقول وطنية من أبناء وبنات الوطن العلماء والمبتكرين والباحثين نفخر بها وكلنا ثقة أنهم وقودنا لبناء اقتصاد المستقبل".

المملكة.. قيادة دفة البحث العلمي

يعد البحث العلمي مفتاح الحلول وأساس توليد المعارف، فهو استثمار مجدٍ طويل الأمد يصنع مسارات النهضة الحقيقية الخلاقة لتصيغ به الحضارات عناوين التقدم.

إيمان السعودية بالمنتجات البحثية جعل المملكة تتقدم في حصة البحث العلمي على باقي الدول العربية، إذ دخلت قائمة الـ50 العالمية لأكثر الدول حصة في جودة البحث العلمي والـ29 في الترتيب العالمي وفقاً لما أظهره مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية في 2021.

وكشفت الجداول السنوية لـمؤشر "نيتشر" التي ضمت 17 دولة عربية عن استمرار تصدّر المملكة والإمارات ومصر المراكز الثلاثة الأولى في القائمة على الترتيب منذ عام 2017، أسهمت خلاله السعودية بـ 64 في المائة من إجمالي حصة البحث العلمي في العالم العربي.

وأظهر المؤشر تقدّم عدد من الجامعات السعودية عالمياً في المراكز المتصدرة، من بينها جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست).

وتحشد المجتمعات المتحضرة جل مواردها وطاقاتها الإبداعية في الصناعة البحثية من أجل استحداث معارف جديدة للحاق بالركب الإنساني والوثب نحو المستقبل، وهو الأمر الذي دفعت به السعودية قدماً لتحل في المركز 36 عالمياً في عدد الأوراق العلمية المنشورة.

وتنشر السعودية نحو 0,6 ورقة علمية لكل ألف نسمة مقارنة مع 2.46 ورقة علمية في المتوسط العالمي لأفضل 30 دولة وحلت في المرتبة الأولى عربيا والمرتبة 41 عالميا في عام 2019 وفقا لمقاييس مؤشر جودة النشر العلمي(H-index) .

وفي السياق ذاته، استطاعت تحقيق المرتبة 42 عالمياً في معدل الإنفاق على البحث والتطوير نسبة إلى الناتج المحلي، إذ تنفق المملكة 0,8% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع 2,2 % الذي يمثل متوسط إنفاق أكثر من 30 دولة على البحث والتطوير، كما حلت المملكة في المرتبة 66 عالمياً في مؤشر الابتكار العالمي من بين131 دولة للعام الماضي.

وعزا تقرير مؤشر الابتكار العالمي تحسن أداء المملكة إلى تقدمها في عدة مؤشرات مثل مؤشر مخرجات الابتكار الذي تقدم من المرتبة 85 في 2019 إلى المرتبة 77 في عام 2020 متقدمة بـثمانية مراتب، كما قفزت السعودية من المرتبة 86 في مؤشر المخرجات الإبداعية عام 2019 إلى المرتبة 69 في العام الجاري متقدمة بـ 17 مرتبة.

وفقاً لمؤشرات التقدم في النشاط العلمي والبحثي فإن السعودية حققت قفزة علمية خلال الأعوام الماضية توعز أسبابها إلى إيلاء "الأبحاث" أهمية أكبر لتصبح محرك أساس في التنمية المستدامة ما يدفعها سريعاً نحو التحول لاقتصاد المعرفة الذي سيحفز القطاعات الاقتصادية كافة عبر تقديم صورة واضحة عن المشكلات والحلول الممكنة حتى ترسم تلك القطاعات سياساتها عبر أسس علمية رصينة جوهرها البحث العلمي.

وبحسب مراقبون فإن الاستثمار المعرفي في الأبحاث العلمية سينال قدراً كبيراً من التركيز في الأعوام المقبلة إذ سيجسر الفجوة بين القطاع الخاص والكوادر البحثية، عبر مضاعفة رفع مستوى إدراك الكوادر بأهمية التركيز على المكونات التنموية والإلمام بالابتكارات المعرفية الجاذبة و تعزيز إيمان القطاع الخاص بأهمية البحث العلمي في الارتقاء بمنشآتهم وتنميتها تنمية يعود نفعها على عوائدها المالية.