إيلاف من لندن: أعلن إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، الخميس، أنه سيتنحى عن منصب رئيس مجلس إدارة شركتي فوكس كوربوريشن ونيوز كورب.
وكتب مردوخ في مذكرة للموظفين: "طوال حياتي المهنية بأكملها، كنت منخرطًا يوميًا في الأخبار والأفكار، وهذا لن يتغير". وأضاف: "لكن الوقت مناسب بالنسبة لي لتولي أدوار مختلفة، مع العلم أن لدينا فرق موهوبة حقًا".
وسيصبح ابنه، لاتشلان مردوخ، الرئيس الوحيد لكلا الشركتين. ووصف روبرت مردوخ ابنه بأنه "زعيم متحمس ومبدئي".

وكان قطب الإعلام البالغ من العمر 92 عامًا، والذي دخل مجال صناعة الصحف في الخمسينيات من القرن الماضي، مديرًا تنفيذيًا كبيرًا في هوليوود في عام 1985 عندما اشترى شركة Twentieth Century Fox من رجل النفط مارفن ديفيس مقابل 600 مليون دولار.

التلفزة
وفي عام 1986، دخل مردوخ في مجال التلفزيون بعد أن اشترى العديد من محطات التلفزيون الأميركية، وأنشأ شركة إذاعة وتلفزيون فوكس.
وتم إطلاق قناة فوكس نيوز في عام 1996 كمنافس لقناة سي إن إن. وأصبحت في النهاية القناة الإخبارية الأولى في أميركا.

يحمل مردوخ الجنسيتين الأميركية والأسترالية، يمتلك مجموعات إعلامية أميركية وعالمية، توصف بأنها "لوبيات" مؤثرة في السياسة الداخلية والخارجية لبريطانيا والولايات المتحدة.

النشأة
وكان كيث روبرت مردوخ ولد يوم 11 مارس/آذار1931 بمدينة ملبورن بولاية فكتوريا الأسترالية، من والديْن ينحدران من أصول إسكتلندية. عمل أبوه صحفيًا خلال فترة الخمسينيات، تزوج ثلاث مرات، وله ستة أولاد.
والتحق بإحدى مدارس مدينة "جيلونغ" بولاية فكتوريا الأسترالية، ثم درس العلوم السياسية والاقتصاد والفلسفة في "ويرسستر كوليج" التابعة لجامعة أوكسفورد بإنجلترا، كما حصل بعد ذلك على بكالوريوس في الفنون والعلوم، وماجستير في الفنون من نفس الجامعة.

البداية المهنية
وبدأ مردوخ حياته المهنية في الصحف والتلفزيونات الأسترالية، وورث عن والده في أستراليا عام 1952 شركة "نيوز ليمتد" التي كانت تضم صحيفتين، وهيمن على عدد من الصحف في أستراليا ونيوزيلندا عام 1960.
وانتقل إلى بريطانيا عام 1969 حيث عمل في صحيفة "ديلي إكسبريس" في لندن، ثم اشترى صحيفتي "نيوز أوف ذو وورلد" و"ذي صن" وركّز فيهما على مواضيع الإثارة، فحقق أرباحا مكنته من اقتناء مجموعة صحف "التايمز" العريقة بعد أن وافقت له على ذلك بصفة استثنائية رئيسة الوزراء آنذاك مارغريت تاتشر، باعتبار أن القانون البريطاني يمنع احتكار شخص واحد لعدد من الصحف.
وعام 1973، انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث اشترى صحيفة "سان أنطونيو إكسبرس" ثم أسس صحيفة "ستار وسوبير ماركيت تابلويد" لينتقل عام 1976 للهيمنة على صحيفة "نيويورك بوست".

نيوز كوربوريشين
وبعد حصوله على الجنسية الأميركية عام 1985، بدأ الاستثمار في المحطات التلفزيونية فأسس الشركة القابضة "نيوز كوربوريشن" التي تتبع لها قناة "فوكس نيوز" الإخبارية المعروفة بدعمها لمواقف المحافظين الجدد بأميركا، وولائها لإسرائيل، ويترأس مجلس إدارتها، كما اشترى صحيفة "وول ستريت جورنال" عام 2007.

نجح مردوخ أيضا في الولوج إلى سوق الإعلام في العالم العربي، وفي منطقة الشرق الأوسط من ضمنها تركيا، كما توسعت قنواته الفضائية إلى مناطق آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية لتصبح مجموعته "نيوز كوربوريشن" عام 2000 تمتلك أكثر من ثمانمئة شركة في ما يزيد على خمسين بلدا، بصافي أرباح يصل إلى خمسة مليارات دولار.

مواقف
أُعجب مردوخ في فترة شبابه ببعض الأفكار اليسارية، لكنه تنكر لها عندما دخل عالم الأعمال حيث واجه النقابات في بريطانيا، وطرد عددا كبيرا من العمال في الصحف التي امتلكها، حيث أصبح وفيا لانتمائه اليميني، ويغلب في ذلك مصالحه الشخصية والعقائدية.
وهو يعتبر من أكثر الداعين للعولمة، ويؤمن بالدعوة إلى كسر الحدود الحضارية والثقافية، والتغلغل في قلب المجتمعات من أجل تحديثها، ومن ثم اشترى الموقع الاجتماعي" ماي سبيس" بنصف مليار دولار لكنه اضطر لبيعه بعد ذلك بـ35 مليونا فقط لعدم جدواه المادية.
وعرف مردوخ بولائه ودعمه الشديد لإسرائيل في سياساتها وحروبها في المنطقة. وتستثمر مجموعته داخل إسرائيل من خلال شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الرقمية والاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية.
ودعم مردوخ أيضا تيار المحافظين الجدد في أميركا في حربه ضد العراق، كما تبنى معاداة فرنسا ومحاربة نفوذها من خلال حملات في وسائل إعلامه.
ويتعامل قطب الإعلام مع الأحداث والأخبار في وسائل إعلامه كبضاعة يقوم بتسييسها وتسويقها لتحقيق التأثير السياسي والربح المادي في وقت واحد دون اعتبار للجانب الأخلاقي.
وفي الأخير، تقدر ثروة مردوخ بـ12.7 مليار دولار مما جعل مجلة "فوربس" تضعه عام 2015 بالمرتبة الـ35 ضمن أقوى شخصيات العالم، والمرتبة الـ77 ضمن مليارديرات العالم، والمرتبة الـ33 ضمن هذه الفئة بالولايات المتحدة.