لم تصل المواجهة بين اوروبا، موحدة ومتفرقة، وبين اسرائيل الى هذا المستوى من التحدي في اي يوم من الايام فعندما يقول وزير الخارجية الاوروبي خافير سولانا لكل من ارئيل شارون ووزير خارجيته سلفان شالوم ووجاهيا وفي القدس المحتلة "اوروبا ستأخذ دورها في عملية السلام في الشرق الاوسط شئتم ام ابيتم" فان هذا يعني ان الاوروبيين بدأوا يتخلون من عقدة الذنب تجاه "الهولوكست" وبدأوا يتعاملون مع الدولة الاسرائيلية على انها ليست البقرة المقدسة.
لم يسمع الاسرائيليون مثل هذا الكلام الحازم والصريح والواضح من الاوروبيين من قبل وانها جرأة ما بعدها جرأة ان يقول خافير سولانا الذي كافأت منظمة "القاعدة" بلده بعملية القطارات الشهيرة التي اسفرت عن مقتل نحو ثلاثمائة اسباني وآلاف الجرحى، لقد اخذنا دورنا في الماضي ونأخذ دورنا اليوم وسنأخذ دورنا في المستقبل، واضاف وبحزم ردا على قول شارون، طبعا ستأخذ اوروبا دورها ضمن مجموعة الدول المانحة، اننا سنأخذ دورنا بالشكل الذي نراه مناسبا.
ثم وغير هذا فان الجرأة الاوروبية لم تصل منذ اكثر من نصف قرن الى حد ان يصف الرئيس الفرنسي جاك شيراك رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون بأنه انسان غير مرغوب فيه في فرنسا، فهذه كانت من المحرمات وكانت من قبيل المسّ بالبقرة المقدسة وكان الاسرائيليون في السابق قادرين على قمع اي محاولة من قبل الاوروبيين للانعتاق من عقدة الذنب التي بقيت تلاحقهم منذ الحرب العالمية الثانية بسبب "الهولوكست" والمذابح التي ارتكبها النازيون ضد اليهود قبل تلك الحرب وخلالها.
ولعل اهم ما في هذا الرد الاوروبي وهذا الموقف الفرنسي انهما جاءا في اعقاب حملات تخويف قام بها الاسرائيليون وقامت بها مراكز النفوذ الصهيونية بحجة ان اليهود يتعرضون لبطش لاسامية جديدة في معظم الدول الاوروبية وبعد ان بادرت وزارة الهجرة والاستيعاب الاسرائيلية الى تبني خطة عنوانها "هجرة جماعية" لحمل يهود فرنسا على ترك وطنهم الذي يعيشون فيه والتوجه الى اسرائيل بحجة انها الوطن الأول والأخير لكل اليهود في العالم.
ان هذا التحول الهام والذي اهم ما فيه ان الاوروبيين بدأوا يتحررون من عقدة الذنب التي لاحقتهم لأكثر من نصف قرن يجب الا يواجهه العرب بمجرد الزغاريد والتصفيق والمطلوب هو وضع حد لكل هذا الذي نسمعه عما يسمى "صراع الحضارات" ووضع حد لتلك التنظيمات الارهابية التي تتغطى بالاسلام وتسيء الى الاوروبيين في عقر دارهم وفي كل مكان.
هناك احزاب وتنظيمات لم تدرك بعد خطورة ما قام به اسامة بن لادن، والتنظيمات التابعة له والمؤتمرة بأمره في اوروبا وفي الولايات المتحدة ولم تقتنع حتى الان ان هذه الجرائم التي تستهدف الابرياء تسيء الينا والى ديننا الحنيف والى قضيتنا الاولى قضية فلسطين وهناك احزاب وتنظيمات تصر على ان ابو حمزة المصري بأقواله البشعة وأفعاله الأبشع يستحق ان يكون نموذج الموقف العربي والاسلامي تجاه الغرب وحضارته "الالحادية"!! وهذا مهما حاولنا تغليب حسن النوايا لا يخدم الا اسرائيل ويضع في يدها اسلحة ضد مستجدات السياسة الاوروبية.
الرأي الأردنية