الأربعاء: 12. 10. 2005
.. وبلير يطالب سوريا بالإجراءات المناسبة.. وبرّي لإدانة "المتورط لبنانياً كان أم لا"
دمشق تصعّد التهديدات للسنيورة والحريري وإعلام "المستقبل"
جنبلاط لـ "المستقبل": لماذا التهويل الاستباقي
وطعنُ رئيس الحكومة في عروبته تشويه لتاريخه
على مسافة أيام قليلة من موعد صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس، صعّدت دمشق أمس حملتها ووسّعت اتهاماتها باتجاه رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري ووسائل إعلامه والإعلاميين فيها، في ما يذكّر بالحملة التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبيل جريمة اغتياله.
وبدلاً من أن تجيب عن السؤال الذي طرحه النائب الحريري: لماذا التوتر إذا كان تقرير ميليس فارغاً؟، كالت عبر صحفها الرسمية "تشرين" و"الثورة" و"البعث" الاتهامات في كل الاتجاهات مبطّنة بتهديدات. وبدلاً من أن تتقدم استفادة من التجربة باتجاه تصحيح العلاقات مع لبنان لمصلحة الشعبين، تفاخرت بأنها تقطعها وتؤزمها وبأن رئيس وزرائها يرفض الرد على اتصالات الرئيس السنيورة ثلاث مرات متوالية في يوم واحد.
وفيما يخلّف هذا الأداء السوري الكثير من التساؤلات بشأن النوايا والتوجهات، تحدثت صحيفة "تشرين" عن "غضب" على ما سمته "تنصل السنيورة من تصريحاته وآرائه أثناء زيارته الأخيرة إلى دمشق". وإذ قالت إن "الوصاية الأجنبية زجّت لبنان فأصبح المسؤولون عن الشأن السياسي في لبنان أضعف من أن يلتزموا بكلماتهم ومواقفهم"، زعمت أن "الرئيس السنيورة تناسى كلامه في دمشق أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة"، وما قالت إنه "تعهداته هناك لأولي الأمر". وادعت أن رئيس الحكومة "تراجع وأخذ يعبّر عن آراء غربية وممارساته تشير إلى اهتمامه بتسييس التحقيق الدولي".
وتحدثت الصحيفة البعثية عمّا سمته "الخط السعدي" (نسبة إلى سعد الحريري) وسألت "الخلفاء" ما إذا كانوا نسوا آخر كلام للرئيس رفيق الحريري وتأكيده على العلاقة اللبنانية ـ السورية (..)".
وإذ لا تخفى محاولة الصحيفة السابقة التمييز بين الرئيس الشهيد بعد أن أصبح في ذمّة الله عبر جريمة سيُكتشف مرتكبوها قريباً، وبين النائب الحريري، كتبت الصحيفة البعثية الأخرى "الثورة" أنه "لم يعد بمقدور أي من الطواقم السياسية أو الإعلامية المعروفة دوافعها وتطلعاتها اتهام سوريا أو اتهام أي مسؤول أو مواطن سوري بجريمة الاغتيال". وقالت إن "ورقة التوت التي قدّمها جندي مرتكب نصّاب وفار سقطت".
غير أنها وفي موازاة تأكيد اطمئنان دمشق إلى عدم وجود أي اتهامات ضدّها "نصحت" آل الحريري بأنه "آن الأوان أن يدرك آل الحريري وماكينتهم الإعلامية أبعاد الجريمة وأبعاد استغلال دم الراحل وتوظيف هذا الاستغلال البشع في خدمة مصالح وأهداف أعداء لبنان وشعبه". ولم تقف "الثورة" هنا بل رأت أن "الأوان آن لإغلاق الأفواه المشرّعة على الاتهام والألسن المتطاولة"، بل أكثر من ذلك هدّدت بأنه "آن الأوان للشروع في محاكمة (الأفواه والألسن) ولو في محاكم الشعب (..)".
ولم تشذ "البعث" عن هذا النسق الاتهامي ـ التهديدي فزعمت أن "زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بدأ تحركاً في سياق مسعى تصعيدي لاستباق أي نتائج قد يتضمنها تقرير ميليس". ونقلت عمّن سمّتهم "مصادر لبنانية" أن "تيار المستقبل يعتزم البدء بحملة تصعيدية وبتجييش لاستهداف الرئيس إميل لحود"، معتبرة أن هذا الاستهداف "يجلب الوصاية والأمن على جناح القرار 1559". كما نقلت عن "مصادر ديبلوماسية" عدم تقليلها من "خطورة المحاذير المرتبطة بالـ1559 خصوصاً أن قدرات الحكومة اللبنانية الحالية عاجزة عن ضبط الوضع الأمني (..)".
العطري
ولم يكذّب رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري خبراً، حيث بدا واضحاً أنّ الحملة منسّقة وموجّهة. ففي حديث الى صحيفة "الشرق" القطرية نشرته أمس، هدّد العطري الولايات المتحدة بأن "أبواب جهنّم ستفتح عليها إذا قرّرت مهاجمة سوريا"، وأكد "أن الأميركيين يمارسون كلّ أنواع الضغط الاقتصادي وغيره لكن ليست لهم مصلحة في الضربات العسكرية".
وقال إن "الولايات المتحدة تريد تطويق سوريا فمن غربها البحر ومن الجنوب إسرائيل وحرّكوا بوادر الفتنة في لبنان". ورأى أنّ "من يحكم لبنان اليوم اثنان هما السفير الأميركي والسفير الفرنسي (..)".
جنبلاط
حيالَ هذه الحملة السورية الرسمية المنظمة التي لن تتأخّر أسبابها العميقة في الانكشاف والتي لا تعكس في كل الأحوال ما سرّبته مصادر سوريّة أمس عن اطمئنان الى نتائج التحقيق، تساءل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط رداً على سؤال لـ"المستقبل" قائلاً "لماذا هذا التهويل الاستباقي غير المبرّر وهذه الحملات العشوائية؟". وأكد رفضه اتهام الرئيس السنيورة بالتراجع عن عروبته واعتبر أنّ ذلك "ظلم سياسيّ له وتشويه لتاريخه".
برّي
في هذه الأثناء، أعرب رئيس مجلس النواب نبيه برّي في ختام زيارته الى قطر أمس عن اعتقاده أنه "لم يعد هناك تدخّل سوريّ في لبنان على الإطلاق بل أصبحت هناك تدخّلات أخرى"، من غير أن يوضحها اسمياً.
وقال "معلوماتي المؤكّدة أن الأخوة السوريين حريصون كلّ الحرص على ظهور الحقيقة". وأكّد أنّ "المتورّط في الجريمة سواء كان لبنانياً أو غير لبناني يجب أن يَمثُل للتحقيق والإدانة". وأضاف "يعتقد الكثيرون أنّ لبنان يعيش على وقع ما سيصدر في تقرير ميليس والحقيقة أنّ الوحدة اللبنانية والعيش المشترك أقوى من ذلك بكثير"، ولفت الى أنّه "اذا كان التقرير قضائياً فسيكون علامة جمع بين اللبنانيين وليس تمزيقاً لوحدتهم (..)".
بلير
دولياً، وإذ شدّد على "ضرورة انتظار نتائج تقرير ميليس لأنه ليس من الحكمة أن نعلّق على التقرير قبل صدوره"، رأى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أنّه "إذا أشار تقرير ميليس الى تورّط أشخاص يشغلون مواقع في السلطة فإنّ ذلك يعدّ أمراً خطيراً جداً بالنسبة الى السوريين وأتوقّع منهم اتخاذ الإجراء المناسب (..)".
ميليس
وفيما يصلُ مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ولش الى بيروت اليوم لإجراء محادثات مع الرئيس السنيورة ووزراء الخارجية فوزي صلّوخ والعدل شارل رزق والمال جهاد أزعور، وجّه المحقّق الدولي ميليس كتاباً الى وزارة الاتصالات أثنى فيه على"المساهمة التي قدّمها فريق عمل الوزراة في تزويد اللجنة الدولية بالمعلومات التي طلبتها". وأبدى "اعجابه بمستوى التعاون الذي أبداه فريق عمل الوزارة مع محقّقي اللجنة الدولية في الأسابيع الأخيرة".
التعليقات