الخميس:01. 12. 2005

حمد سالم المري


في العصور الوسطى عندما كانت أوروبا تغط في جهل كبير بسبب سيطرة الكنيسة على جميع مجريات الامور وتحجيرها لعقول الشعوب الأوروبية حتى أنها كانت تتدخل في تكوين أفكارهم ومعتقداتهم، وكان لرجالها قوة وسطوة لا احد يستطيع مجابهتها خوفا على نفسه بأن يتهم بالزندقة فيحرق بالنار حتى الموت. في هذه الاجواء ظهر الفساد بين رجال الكنيسة الرهبان فأصبحوا أغنياء غناء فاحشا يأخذون كل ما تقع أعينهم عليه باسم اليسوع (عيسى عليه السلام) فابتكروا طريقة جديدة لجني الأموال تمثلت في بيع صكوك مكتوبة لعامة الشعب اطلق عليها (صكوك الغفران) وبسبب تنصيب انفسهم وصايا على شعوبهم من قبل الرب كان لابد لهذه الشعوب المغلوبة على امرها كونها سلمت عقولها طواعية لهؤلاء الرهبان تصديق هذه الخرافات. فالذي يريد دخول الجنة اذا مات عليه ان يشتري صكا من هذه الصكوك وكلما زادت القيمة النقدية التي يقدمها الفرد الأوروبي لشراء هذا الصك كانت جنته اكبر وافضل، ولهذا ذكر في التاريخ الأوروبي بأن راهبا من رجال الكنيسة سافر الى قرية اوروبية نائية جدا وبدأ يلقي خطبه الواعظة في وسط القرية ويحث ابناءها على شراء صكوك الغفران حتى يضمنوا دخول الجنة اذا ماتوا، وكان في القرية صاحب محل يهودي له باع طويل في البيع والشراء، اخذ يفكر في دعوة هذا الراهب وكيف يستفيد هو ايضا منها، فطرأت عليه فكرة شراء جميع صكوك نار جهنم وطلب من الراهب بيعه هذه الصكوك! فتعجب الراهب من هذا الطلب كيف برجل يريد دخول النار الا انه يعلم في قرارة نفسه بأن هذه الصكوك ما هي الا كذبة يتكسب من ورائها، فوافق الراهب على بيعها له بسعر غالي جدا وان تكون له وحده لا احد يدخلها إلا باذنه! وتمت البيعة واهل القرية ينظرون اليهما كشهود عيان، وهنا وقف اليهودي وصاح بأعلى صوته مناديا اهل قريته ليخبرهم بأنه اشترى جميع صكوك نار جهنم وانه لن يسمح لاحد بدخولها ولهذا لابد لهم من دخول الجنة عند موتهم لأن الحياة الآخرة اما الى الجنة او النار فصعق الراهب من هذه الحيلة واخذ يتودد لليهودي بأن يبيعه جميع صكوك النار الا ان اليهودي أبى ذلك الا بعشرة اضعاف المبلغ الذي اشتراها به. فهذه القصة شبيهة لواقع بعض التيارات السياسية الحزبية القائمة على التكفير والارهاب كحزب القاعدة التي تبيع الشباب المسلم صكاً لدخول الجنة والتمتع بسبعين حورية من حور العين بثمن في متناول الجميع هو عبارة عن امتطاء حزام ناسف وتفجيره وسط مجموعة من الناس! فمنظرو هذه الاحزاب كابن لادن والظواهري والزرقاوي وغيرهم ممن كشفت الحرب الامريكية العراقية منهجهم المعوج القائم على تأجيج مشاعر الشباب المسلم والزج بهم في الحرب باسم الجهاد هم صورة طبق الأصل لرجال الكنيسة ابان العصور الوسطى في اوروبا، فهؤلاء يبيعون صكوك الجنة مقابل المال وهؤلاء يبيعون الجنة -وكأنها ملك يمين لهم- بحزام ناسف. وبالرغم من ان شعوب الدول الاوروبية ثارت على الكنيسة ورفعت عن عقلها هذا الجهل العظيم وانطلقت كدول متطورة بعد ان علمت بأن الدين لا يحجر العقول فإننا ونحن على دين الله الصحيح ونتبع آخر انبيائه عليهم السلام اجمعين، ونملك اهم امرين لا نضل اذا تمسكنا بهما هما: القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما اخبرنا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الشريف: «تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وسنتي» لا نتعظ الا اذا وقعت الفأس على الرأس وفات الأوان كما حدث في الأردن التي كانت منذ بداية الحرب الامريكية -العراقية وما أعقبها من احتلال العراق وشعبها يمجد العمليات الانتحارية التي ينفذها ارهابيون باسم الاسلام والجهاد حتى انهم يقيمون الافراح بدل العزاء اذا فجر اردني نفسه في وسط مجموعة من العراقيين المدنيين بصرف النظر عن دينهم او ملتهم بل انهم اخذوا يمجدون ابو مصعب الزرقاوي ويفتخرون بانتسابه لمدينة الزرقاء الاردنية اما الآن وبعد ان اكتوت عمان بنار الارهاب فقد أفاق الشعب الاردني من غفلته وعلم بأن هذه ما هي الا اعمال خسيسة ليست من الاسلام في شيء. فهل ستعقل وتفيق الشعوب العربية الأخرى كما أفاق الشعب الأردني قبل ان تصل اليها نار الارهاب؟ أشك في ذلك ما دام هذا هو اعلامنا العربي.

من الخطأ الكبير ان نسمي ارهابيا باسم بلده كأبي فرج الليبي وابي مصعب الزرقاوي وابي غيث الكويتي وغيرهم لأن في هذه التسمية ظلما لدولهم ومدنهم التي تسموا بها فهي ترسم صورة ذهنية لدى المشاهد والقارىء خاصة الغربي بأن جميع منتسبي هذا البلد مؤيدون للارهاب والدليل على ذلك عندما تصور الشعب الامريكي بأن المملكة العربية السعودية داعمة للارهاب كون ان تسعة من مفجري برج التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن سعوديون وقيام وسائل الاعلام بالدندنة على هذه النقطة.