فاروق شوشة


عرفت سميرة الكيلاني عن قربrlm;,rlm; حين أتاح لي الإعلامي الرائد سعد لبيب ــ مؤسس إذاعة البرنامج الثانيrlm;(rlm; البرنامج الثقافي الآنrlm;)rlm; وأول مدير لهrlm;,rlm; أن أكون واحدا من الكوكبة التي أتيح لها شرف العمل معه في وضع الأسس والتصورات الأولي لهذه الإذاعة الوليدة التي لم يكن مضي علي افتتاحها غير عام واحدrlm;,rlm; كانت الكوكبة تضم من المخرجين الكبارrlm;(rlm; صلاح عز الدين وكامل يوسف ومحمود مرسي ــ الذي أصبح نجما تليفزيونيا وسينمائيا فيما بعد ــ وعباس أحمدrlm;)rlm; ومن المقدمين والمعدين سميرة الكيلاني وحكمت عباس وعفاف المولد وسهير الحارتي وبهاء طاهر وفؤاد كاملrlm;,rlm; ثم انضم إليهم ــ بعد سنوات ــ نور الدين مصطفي وإبراهيم الصيرفيrlm;.rlm;

وكان الإذاعي والكاتب الكبير فاروق خورشيد يقدم أول مجلة ثقافية إذاعية عرفتها الإذاعات العربية هي أخبار الثقافة التي كان يشارك في تحرير أبوابها الأسبوعية الثابتة نجوم الجمعية الأدبية المصريةrlm;:rlm; صلاح عبد الصبور وعز الدين إسماعيل وعبد الرحمن فهمي وأحمد كمال زكي وشكري عياد وغيرهمrlm;.rlm;

لم يكن من الصعب أن أكتشف أن سميرة الكيلاني هي الملكة المتوجة لهذا المكان الذي كان خلية نحل لا تهدأrlm;,rlm; جميع من فيها يبدعون علي غير مثال سابق ــ كما يقول عنهم بهاء طاهر ــ طموحاتهم بلا حدودrlm;,rlm; وخيالهم محلق في كل اتجاهrlm;,rlm; وتجاربهم وخبراتهم ومعارفهم تصب في برامج جديدة ومشاريع جادة لإثراء الخريطة الإذاعية وتطويرها باستمرارrlm;,rlm; كانت سميرة تعد وتقدم برنامجها الذائع الصيت في ذلك الوقت مع النقادrlm;,rlm; الذي تختار له الأعمال الأدبية والفكرية ذات القيمة العاليةrlm;,rlm; والنقاد الذين تؤهلهم استعداداتهم وثقافاتهم لمناقشة أعمال بعينها هي الأقرب إليهمrlm;,rlm; وكان جمهورها الواسع في مصرrlm;,rlm; وفي اقطار الوطن العربي ــ فقد كانت الموجة المتوسطة التي يذاع عليها البرنامج الثاني تحمل صوت مصر الثقافي الي كل عاصمة عربيةrlm;,rlm; والآن لا يكاد هذا الصوت يسمع حتي في القاهرة فقط ــ كان هذا الجمهور يلتف من حول هذا البرنامج الذي ولد قويا ورائعا بفضل صاحبته الفذةrlm;,rlm; وإدارتها البديعة للحوار ووعيها الكاشف عن كل ما ينبغي الكشف عنه في مسارات المناقشة واستطاعت سميرة أن تضع بصمة أستاذيتها علي توجهات هذا البرنامجrlm;,rlm; وبرنامجها الآخر كتابات جديدة الذي خصصته لإبداعات الشباب وتجاربهم الجديدةrlm;,rlm; وأصواتهم الواعدةrlm;,rlm; وعندما اختطفت سميرة الكيلاني من الإذاعة لتكون بصحبة سعد لبيب وصلاح زكي في تأسيس التليفزيون قبل أن تنضم إليهم همت مصطفيrlm;,rlm; كان لي شرف تقديم مع النقاد من بعدهاrlm;,rlm; ولايزال هذا البرنامج علي خريطة البرنامج الثقافي حتي اليوم يذكرني بعصره الذهبي الذي كان له عندما كان مقترنا باسم سميرة الكيلانيrlm;.rlm;

وفي التليفزيونrlm;,rlm; ومنذ اليوم الأول في الإرسال التليفزيوني ــ في يوليوrlm;1960rlm; ــ تكشفت المواهب العديدة ــ إنسانيا وثقافيا وفكريا ــ لسميرة الكيلاني ــ وأصبحت ــ بسرعة مدهشة ــ مضرب المثل في الإخلاص والالتزام والابتكار والتجديد كان كيانها الإنساني الفذ يحتوي طاقة هائلة من الإصرار والصمود والقتال الهاديء ــ إذا تطلب الأمر ــ من أجل تحقيق ما تؤمن بهrlm;,rlm; من غير تراجع أو استسلامrlm;,rlm; وكان أسلوبها الراقي ولغتها العفة في التعامل مع الآخرين وسيلتها في اقتحام قلوبهم وعقولهم وترسيخ صورة هذا النموذج غير المتكرر كان التليفزيون يموج بأخلاط كثيرة غير متجانسةrlm;,rlm; من بينهم القادمون من العمل الإذاعيrlm;,rlm; والقادمون من العمل السينمائيrlm;,rlm; والقادمون من شارع محمد عليrlm;:rlm; العوالم وأصحاب المهن المساعدةrlm;,rlm; وكانت سميرة بين هؤلاء جميعا قامة شامخةrlm;,rlm; واسما لامعا لا يذكر إلا مقترنا بالإجلال والاحترامrlm;,rlm; وسرعان ما أصبح هذا الاسم قرين الوجه الثقافي للتليفزيون المتمثل في عدد من البرامج التي شكلت الخريطة الثقافية الاوليrlm;:rlm; رحلة اليومrlm;,rlm; من صفحات التاريخrlm;,rlm; السندباد المصريrlm;,rlm; ندوة للرأيrlm;,rlm; العلم للجميعrlm;,rlm; وجها لوجهrlm;,rlm; رأي الشعبrlm;(rlm; الذي كان يقدمه الإذاعي الكبير طاهر أبو زيدrlm;),rlm; نور علي نورrlm;,rlm; عالم الحيوانrlm;,rlm; مع الفنrlm;,rlm; الفن الشعبيrlm;.rlm; الذي كشف عن موهبة إخراجية وثقافية وفنية كبيرة تمثلت في شخصية مخرجه شوقي جمعةrlm;),rlm; وفي مقدمة هذا كله كان هناك البرنامج الدرامي الجميل قصة قصيرة الذي كان يقدم معالجة درامية لقصة مختارة لمبدعين من شتي الأجيالrlm;,rlm; وكانت سميرة الكيلاني تقوم بالاختيار والتقديمrlm;,rlm; أما الإخراج الدرامي فكان لتليفزيوني واعدrlm;,rlm; أصبح فيما بعد أحد مخرجي الدراما الكبار هو يحيي العلميrlm;,rlm; وهي الفترة نفسها التي كان فيها محمود مرسي وحسين كمال يجولان ويصولانrlm;,rlm; ويجربان ويقترحانrlm;,rlm; لإرساء دعائم الدراما التليفزيونيةrlm;,rlm; وتقديم التجارب الأولي الناجحة والحاصلة علي جوائز باهرة سجلت اسميهما في سجل الرواد العظامrlm;.rlm; أما سميرة نفسها فقد أتيحت لها دراسة الإخراج التليفزيوني في لندنrlm;,rlm; والبرامج الثقافية في ألمانياrlm;,rlm; ولم تتوقف سميرة الكيلاني عن العطاء بعد أن أبعدت عن التليفزيونrlm;,rlm; فامتلأت سنواتها الأخيرة بحضور ثقافي بارز ومشرف من خلال عملها في دار المستقبل العربي للنشرrlm;,rlm; توجه وتشير وترسم الخطط وتضع الرؤي وتوضح المسارrlm;.rlm;

مثل سميرة الكيلاني حضور لا ينسي نستدعيه كلما استدعينا بعض صور الزمان الجميلrlm;,rlm; والشخصيات النبيلة النادرةrlm;,rlm; التي عرفناها واحببناها في إجلال واحترام وإعجاب دائم لا يزولrlm;.rlm;