ماجد عبدالله المنيف

غيّب الموت فاروق الحسيني احد خبراء النفط العرب المشهود لهم والذي تتلمذ على يده اجيال من الباحثين والعاملين في قطاع النفط السعودي، وكنت احد هؤلاء. وقد التحق الأستاذ الحسيني في قطاع النفط بالمملكة اوائل عقد الخمسينات من القرن الماضي عندما استقطبه بعد تخرجه من الجامعة الأميركية في بيروت، الراحل عبدالله الطريقي الذي كان آنذاك مديراً للمديرية العامة لشؤون الزيت والمعادن في وزارة المالية السعودية.

واســتمــر الــحــسيــنــي فــي الــعــمــل فــي الــمـديرية التي تحولت الى وزارة البترول والثروة المعدنية وعاصر جميع وزراء النفط في المملكة مسخراً علمه وطاقاته بتفان منقطع في خدمة المملكة وقطاعها النفطي طوال نصف قرن من خلال عمله في مديرية الزيت والمعادن ثم مديراً للإدارة الاقتصادية في الوزارة ومـستشاراً بعد تقاعده اواسط عقد الثمانينات.

وساهم الحسيني مع الطريقي في انشاء منظمة الدول المصدرة للبترول laquo;اوبكraquo; وعاصر مسيرتها وكان له دور فاعل في النجاحات التي حققتها سواء من خلال عمله في قطاع النفط السعودي او من خلال عمله مديراً للإدارة الاقتصادية في الأمانة العامة لـ laquo;اوبكraquo; اواخر عقد الستينات. وعاصر الحسيني ايضاً وكان له دور بارز في تعديل مسار العلاقة غير المتكافئة خلال عقد الستينات والسبعينات بين حكومات الدول المنتجة، ومنها المملكة، وشركات البترول العالمية العاملة لديها خصوصاً في ما يتعلق بالأسعار او الريع على البرميل او الضرائب او غيرها من امور طبعت العلاقات النفطية الدولية لتلك الفترة وتمخضت عن تحقيق مكاسب للدول المنتجة.

وأتيحت لي فرصة التعرف والعمل مع الحسيني، والنهل من معرفته وتجربته المتراكمة خلال عملي في قطاع النفط بالمملكة، ووجدت فيه تواضع وعطاء المعلم وتفانيه مع إلمام بمصالح الدول المنتجة وكيفية الذود عنها. ولمست منذ البداية محبة وتقدير له من العاملين معه داخل المملكة وخارجها، كذلك كل من التقى به، اذ كان دمثاً في تعامله مع الجميع، وكريماً محباً للخير.

وتفانى الراحل في خدمة وطنه الثاني السعودية بمقدار حبه لموطن آبائه وأجداده في فلسطين، اذ حافظ مع قريبه المرحوم فيصل الحسيني على laquo;بيت الشرقraquo; في مدينة القدس طيلة العقود الماضية، ليبقى ذلك البيت شاهداً على عروبة المدينة.

خبير نفطي سعودي