علي سعد الموسى
يريد صاحبي، المسؤول البارز في صحة عسير أن يأخذني إلى جولة استكشاف للوقوف على حجم الأجهزة والتجهيزات التي قامت الإدارة بتأمينها في العامين الأخيرين واسترسل يشرح لي في تفاصيل المنجز. أسوأ ما يمكن أن يقابله الكاتب المستقل أن يجد نفسه في جسر للعلاقات العامة وعندما تأخذني قدماي في النادر إلى زيارات نادرة لإدارات حكومية أخرج منها وأنا في حاجة إلى تنظيف الأذنين أو قلب الشريط على الوجهة الأخرى، مع هذا أشهد أن مكانا مثل مستشفى عسير المركزي يتغير في الفترة الأخيرة ويجابه سن الشيخوخة بكل ما استطاعت طواقمه مشكورة أن تعمله من جراحات التجميل، لهذه الجراحات أسباب بعضها له علاقة بالطاقم وبعضها من حيث لا يدرون بسبب طبيعة المرحلة.
عمر معالي الوزير اليوم ينيف عن العامين وخلالها تحدثت معه أحيانا بمبادرات شخصية مني وأخرى تكرما من معاليه للنقاش حول قضايا وزارته المثقلة بهمومنا الصحية التي لن يتصدى لها إنسان إلا وكان على استعداد أن يبيع من عمره الطويل سنواته الوزارية.
أشهد له هنا أنه يغوص معنا في عسير إلى أدق التفاصيل حتى لأظنه أحيانا مديرا لشؤون صحتنا بالمنطقة.
طبيعة المرحلة هي سبب جوهري لكل ما نشهده من جراحات التجميل والتبديل، الزمن زمن طفرة لا نرفع فيه مقترحا أو مسيرا أو مشروعا إلا وتمت إحالته مباشرة إلى صراف البنك، والبلد بفضل الله اليوم بنك هائل متنقل، ولعلي أذكر لمعاليه أن مثل هذا المستشفى المركزي لم يعد اليوم وحده بالقادر على تحمل عظام الموتى فكيف بلحوم الأحياء، إنه المستشفى التحويلي الوحيد، وخلال ثلاثة عقود خلت استقبل من حالات الموت وحده ما هو كاف أن يجعل منه أرشيفا تاريخيا عملاقا ولو أننا نحتفظ بأوراق الراحلين لوحدهم لاحتجنا إلى كامل المبنى من أجل الأرشفة.
طبيعة المرحلة والبنك الوطني المتنقل يتطلبان من معاليه قرارا جديدا، أقسم بالله إنني لن أطالبه بشيء بعده طيلة عمره الوزاري، برج طبي جديد يساعد هذا المستشفى على تقاسم الأرشيف فنحن صاحب المعالي في شوق لأن نرفع عيوننا للأعلى نحو الأبراج حتى في رحلة الموت مثلما يعيش بعضنا الآخر في أبراج عاجية.
التعليقات