السبت:07. 01. 2006

تشارلي ريس


أود أن أعلن أنني اتخذت اجراءات أنقذت حياة مئات الأمريكيين.

* أي نوع من الإجراءات؟

هذا موضوع سرّي

* ومتى اتخذت هذه الإجراءات؟

هذا موضوع سرّي. اسمع، إنني لن أناقش الأمور الاستخباراتية ولكنني فقط أقول لك إنني أوجه الضربات الى أعداء أمريكا وأحمي في الوقت ذاته حريات الأمريكيين المدنية وأمتثل للقانون وأؤدي صلاتي في كل ليلة.

* مع الاحترام اللازم يا سيدي، ولكن كيف لنا أن نعرف أنك تفعل ما تقول إذا كان كل جانب مما تقول سرّياً؟

ثق بي.

حسناً، إذا كنتم تثقون بجورج دبليو بوش فإن لديّ جسر في بروكلين معروض للبيع في السوق بسعر منخفض للغاية. إن بعض السرّية ضرورية بالنسبة للحكومة. ونحن لا نريد أن ننشر توجيهات لصنع قنابل هيدروجينية أو أن نعلن سلفاً إجراءات سيقوم بها الجنود في منطقة حربية. ولا ينبغي لنا أن نكشف هويات عملائنا السرّيين أو مصادرهم. وفي ما عدا هذه الأمور القليلة، لا يوجد إلا القليل للغاية في شؤون الحكومة يستحق إبقاءه سراً.

ويعتبر تصنيف موضوع ما على أنه ldquo;سرّيrdquo; مهزلة وتعتيماً في كثير من الأحيان. ويتذكر أحد أصدقائي ممن عملوا في استخبارات الجيش أنهم كان يقصون التقارير من صحف واسعة الانتشار في طوكيو ويضعون عليها ختم ldquo;سرّي للغايةrdquo;. واكتشف صديق آخر عثر مؤخراً على ملف ldquo;إف.بي.آيrdquo; الخاص بعد خلاف دام عامين مع ldquo;اف.بي.آيrdquo; استخدم خلاله قانون حرية المعلومات، أن ملفه ldquo;السرّيrdquo; لا توجد به إلا قصاصات من الصحف. وهاتان القصتان حقيقيتان.

وعندما كنت أقضي آخر فترة عمل لي في الجيش كان لدي تصريح طباعة التقارير السرّية. وفي أحد الأيام كان عليّ أن أطبع تقريراً سرّياً للغاية. وأستطيع أن أؤكد لكم أن وحدتنا لم يكن فيها أي شيء يستحق الإبقاء سراً. وعلى أي حال، طبعت التقرير ووضعت على غلاقه ختم سرّي للغاية وأعطيته للضابط المسؤول.

وبعد دقائق قليلة قال إنه يريد أن يدخل تعديلات طفيفة على التقرير. فقلت له ldquo;حسناً. أعطني إياها وسأعيد طباعة التقريرrdquo;. ورد قائلاً: ldquo;لا أستطيع أن أعطيك إياه لأنك لا تملك ترخيص طباعة تقرير سرّي للغايةrdquo;. ولست أمزح مطلقاً إذ قال لي تلك الجملة. فقلت له مذكراً: ldquo;سيدي. لقد طبعت للتو التقرير برمتهrdquo;، فقال: ldquo;نعم، ولكن ذلك حدث قبل أن يوضع ختم ldquo;سرّي للغايةrdquo; عليهrdquo;.

وربما افترضتم أنني ذكّرته بأنني الشخص الذي وضع غلاف ldquo;سرّي للغايةrdquo; على التقرير، ولكنني لم أفعل. وهناك شيء واحد تعلّمته في الجيش وهو أن من غير المجدي أن يحاول المرء إقناع شخص ذي عقلية بيروقراطية، ولا سيما ان كان يشغل رتبة أعلى منك. وأرجو المعذرة لأنني لا أشارك في الحماسة العامة لجميع الأشياء العسكرية والحكومية، ولكنني كنت قريباً للغاية من الجهتين. وإنني أعتقد أن الحروب هي نزاعات لرؤية أي الطرفين يرتكب أخطاء أقل. وحتى الآن، كان الحظ حليفاً لنا في اختيارنا لخصومنا.

وتُعتبر إدارة بوش الحالية الأكثر تكتماً في التاريخ ولجوءاً الى إضفاء صفة السرّية على الأمور وربما كانت على حق في ذلك في ضوء ما أقدمت عليه من تعيينات خاطئة وما ارتكبته من أخطاء قاتلة وفساد وخداع. وبالمقارنة مع جورج دبليو بوش يبدو الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون رئيساً عادياً بالرغم من فضيحة ldquo;ووترجيتrdquo; التي أدت الى استقالته من منصبه.

ويوضح غضب بوش بسبب الكشف عن انتهاكه القانون في ما يتعلق بعمليات التجسس داخل البلاد التي قامت بها وكالة الأمن القومي مدى ما تتسم به هذه الإدارة من عشوائية وغباء. وينص القانون على ضرورة الحصول على أمر من محكمة استخبارات سرّية، ولم يحدث لهذه المحاكم أن رفضت طلب أمر. ولذلك، فإن الأشخاص أنفسهم الذين أمر بوش بالتجسس عليهم دون أمر كان بالإمكان التجسس عليهم بموجب أمر لولا عقدة قيصر لدى بوش. ولذلك نجد أن بوش يشبه الى حد بعيد كاليجولا أكثر من شبهه يوليوس أو أوكتافيوس قيصر.

والرئيس بوش مقتنع تماماً بأنه على حق ولا يريد أن يسمع أي اعتراض، ويعتقد أن الناس الذين يختلفون معه أعداء وخونة. وإن لم تكن هذه صفات عقلية لشخص يريد أن يتحول الى ديكتاتور، فدعونا نرشح أي ديكتاتور متفق عليه لجائزة العام لحقوق الإنسان.

* صحافي أمريكي مارس الصحافة لأكثر