عبدالله بن بخيت


أهم شرط لدخول سوق الأسهم هو أن تبدأ جاهلاً مطبق الجهل. (أعرف أن نصيحتي هذه متأخرة) إلا أنها ما زالت فعالة ومفيدة. سوق الأسهم كأي سوق محلي آخر لا يريد ولا يستطيع ولا يمكن أن ينصاع إلى الشروط الموضوعية التي تسير عليها الأسواق الشبيهة في العالم. أهم شرط لدخول الأسهم السعودية أن تتكل على الله وتدخل دون أدنى معرفة بأي شيء اسمه أسهم سوى أن تعرف عنوان البنك الذي سوف تضارب من خلاله. هناك إجراءات بسيطة تحولك من مجرد جاهل معمعم إلى خبير أسهم. الأول أن تجهز فلوسك ثم تذهب لأقرب بنك وتفتح محفظة وأخيرا أن تجلس وراء الشاشة وتشتري على قاعدة إذا شفت الناس يشترون أسهم شركة معينة اشتر وإذا شفت الناس يبيعون بع. من حقك أن تستمع إلى أقوال الخبراء والمعنيين لا لتطبقها ولكن لتشارك في سواليف الأسهم في المجالس والاستراحات وفي صالات الأسهم. الشيء الوحيد الذي تقوله أو تسمعه من الآخرين لك الحق في تطبيقه ولك الحق في رفضه جملة وتفصيلا. فالأمر سيان لأن النتيجة واحدة. يذكرني تحليل الأسهم بنقد عرف في الثمانينات بالبنيوية. تقرأه وتحس أنك فاهم ومنسجم وإذا أنهيت قراءة المقال لا تتذكر ما الذي قاله الكاتب ولا تعرف ما الذي يرمي إليه. وإذا حبيت وحفظت المصطلحات المستخدمة بإمكانك أيضاً أن تكون خبيرا. ليه لا؟ كل خبراء الأسهم في المملكة بدؤوا هكذا ومازالوا هكذا وسيبقون هكذا إلى يوم الدين لأن المعرفة عدوة الجهل والجهل أساسي إذا أردت أن تضارب في الأسهم. وإذا أردت أيضا أن تكون خبيرا تكتب مقالات في الصحف أو تتحدث في الفضائيات. كل الشركات المسجلة لا تتعدى سبعين شركة لا تحتاج إلى خبرة أو معرفة وموقف كل شركة يعرفه القاصي والداني. الجهل الجهل أوصيك بالجهل فإذا تخليت عنه فأعرف أنك ضعت فلا تلومن إلا نفسك. بعض الشركات لا أصول لها وبعضها لم تعرف في تاريخها غير الخسارة وبعضها لا يعرف أحد أين مقرها كل هذا كوم والتعامل في الأسهم كوم كل هذا موضوع والتعامل في سوق الأسهم موضوع ثان لا تحاول أن تربط بين الأسعار وبين أوضاع الشركات فهذا لا علاقة له بهذا. مقياسك الوحيد كم تربح وإلى أين تريد أن يذهب السوق وماهي مصالحك. الإنسان العاقل لا يتخلى عن مصالحه لعيون الحقيقة. مصالحك وتحليلاتك يجب أن ترتبط بأمنياتك وبأحلام يقظتك.
مرة سألت من كنت أظنه خبيرا. وراح يستعرض الأسهم العالمية والأسهم القارية وأسهم شرق آسيا ويستخدم مصطلحات أحتاج إلى ثلاثين سنة دراسة حتى أستوعبها وبعد أن انتهي قال بكل ثقة واقتدار: ما أنصحك تدخل سوق الأسهم. هذا الوضع ينذر بالانهيار ثم أردف لا محالة هذا الوضع خطير ويجب تجنبه. راحت الأيام وبعد سنة تقريبا التقيته وسألته. كما في السابق دخل في حمى التحليلات والحسابات وبعد أن انتهى اكتشفت أنه نسي النتائج التي توصل إليها في السابق وراح يؤكد على مستقبل السوق الواعد. من الواضح أنه دخل السوق وذاق طعمه. يذكرني خبراء الأسهم بمحللي الكورة. إذا فاز الفريق أشادوا بخطط المدرب وتغييراته وتعامله مع ظروف المباراة وإذا انهزم الفريق استخدموا نفس الأسباب التي أدت للنصر في المباراة السابقة لإدانته وتحميله المسؤولية. باختصار سوق الأسهم فرصة لمن يريد أن يغير وضعه الاجتماعي والمالي. فمن فاتته الطفرة هذه المرة والله ما عمره يصير غني. أما التحليلات التي تسمعها في الفضائيات وتقرأها في الجرائد فهي فرصة للترويح عن النفس باعتبارها أعمالاً كوميدية كما تشاهدها في برامج (ONE MAN SHOW).


فاكس: 4702164
[email protected]