محمد خالد الأزعر
يوم 13 أكتوبر 2023 حين لم يكن الأسبوع الأول من الحرب على قطاع غزة قد اكتمل، وكان الغزيون الذين نزحوا من مناطقهم حذر الموت بفعل القصف العشوائي قلة قليلة تعد بالمئات، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات على سكان القطاع تحت عنوان عريض «لا تعودوا»..
خلال سنتي الحرب فقد القطاع من أبنائه نحو 250 ألفاً بين قتيل ومفقود ومصاب، واضطر زهاء 100 ألف إلى الهجرة واللجوء، يمثل هؤلاء الأخيرين قرابة 4% من السكان، ومن المرجح أن هذه نسبة تبدو غير مرضية إطلاقاً.
وعليه، لا يصح وصف لجوء الغزيين لخارج القطاع بالظاهرة الكاسحة، ومبلغ العلم أن مختلف المعالجات العقلانية لم تستطرد حتى اللحظة إلى هذا المعنى، لكن تناول الإسرائيليين ومقاربتهم لما جرى ويجري بين يديهم من هجرة معاكسة يبدو مغايراً، فبعد أن أكدت البيانات الحكومية ذات الصلة مغادرة ما يزيد على 125 ألف إسرائيلي بلا رجعة أثناء الحرب، ذكر رئيس لجنة الهجرة والاستيعاب في الكنيست منزعجاً:
في ضوء تفشي انعكاسات الحرب وتوابعها الأمنية والسياسية والنفسية داخل إسرائيل التي ثبت أنها العامل الأساسي لهذا الـ«تسونامي»، لنا أن نتساءل عما إن كان وربما ما زال حرياً بالمتنفذين هناك إصدار نداءات يستصرخون فيها مواطنيهم بألا يغادروا.
مقارنة بغيرها من الكيانات الدولية، تستحوذ إسرائيل على أكبر حزمة من الخطوط الحمراء التي يعد تجاوزها إنذاراً بخطر وجودي في الحال أو الاستقبال.. ويقيناً يشغل هبوط عدد المهاجرين إليها مقابل صعود عدد مغادريها، ولو بمعدلات طفيفة، مركز القلب في هذه الحزمة.
لا يلام الغزيون القليلون الذين آثروا اللجوء على خيارهم، كونهم فعلوا ذلك مكرهين مستجيبين لنوازع الفطرة الإنسانية التي تبحث عن النجاة وصيانة الحياة، حين يكون البديل هو الإبادة والموت المحقق أو شبه المحقق، والأهم أن الشق الأعظم منهم يجاهرون بأشواقهم للعودة، واستئناف حيواتهم ولو على أنقاض بيوتهم فور أن يستطيعوا لذلك سبيلاً.















التعليقات