رجاء النقاش
اقترب موعد القمة العربية الجديدةsbquo; والتي أصبحت تنعقد كل عام في شهر مارسsbquo; وفي القمة القادمة بعد حوالي شهرين سوف يكون مطروحا قضية التجديد لأمين الجامعة الحالي عمرو موسىsbquo; وبديل التجديد له هو اختيار أمين آخر غيره للجامعة العربيةsbquo;
ومن الواضح ان هناك بعض العرب غير راضين عن عمرو موسىsbquo; وهؤلاء بالطبع سوف يميلون إلى تغييره وعدم التجديد لهsbquo; واعتراضاتهم قائمة على أن عمرو موسى قد اتخذ بعض المواقف التي اعتبرها المعترضون مواقف غير سليمة ولا تتفق مع ما ينبغي على الأمين العام للجامعة أن يلتزم به ويعبر عنهsbquo; فالأمين العام ملتزم بالإجماع العربيsbquo; وليس ممثلا لدولة واحدة أو لمجموعة من الدولsbquo; كما أنه بالطبع لا يمثل نفسهsbquo; بل هو ممثل للجميعsbquo; ومن واجبه أن تكون مواقفه وتصرفاته مستمدة من الإجماعsbquo; وما ليس عليه إجماع لا يجوز للأمين العام أن يقوم به على الإطلاقsbquo;
ولعل أول ما أثار الغضب ضد عمرو موسى هو زيارته لبغداد في ظل النظام العراقي السابقsbquo; وقبل غزو العراق بفترة قصيرةsbquo; ثم تجدد الغضب على عمرو موسى في الأسابيع الماضية بسبب رسالته إلى قمة مجلس التعاون الخليجي والتي دعا فيها إلى ان يتضمن البيان الختامي دعوة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط كلها من أسلحة الدمار الشاملsbquo; فقد أعتبر البعض هذه الرسالة تدخلا في الشؤون الخليجية ليس من حق الأمين العام للجامعة أن يقوم بهsbquo; وقد كان لرسالة عمرو موسى ـ بهذا المعنى ـ أثر سلبي لأنها تتجاوز حدود وظيفته ومسؤولياتهsbquo; خاصة أن مجلس التعاون الخليجي من الناحية القانونية والواقعية أيضا ليس مؤسسة من مؤسسات الجامعة العربيةsbquo;
هذه بعض الحالات التي أثارت الغضب على عمرو موسى في بعض العواصم العربيةsbquo; وهي ليست حالات قليلةsbquo; بل حالات متعددةsbquo; ويمكن أن تتكرر في المستقبلsbquo; والسبب الأساسي ـ كما أتصور ـ لذلك كله هو أن عمرو موسى لا يريد أن يجعل من عمله نوعا من الدبلوماسية الناعمة التي تكتفي بالكلماتsbquo; وتسعى لإراحة الجميع وطلب الرضا منهمsbquo; وهو ما كان يفعله بعض أمناء الجامعة العربية السابقينsbquo; وعمرو موسىsbquo; رغم أنه صاحب تاريخ طويل وخبرة واسعة في العمل الدبلوماسيsbquo; إلا أن شخصيته فيها كثير من الحيوية والرفض للمواقف الشكلية والإرادة القوية للانجاز وعدم ترك أمور العرب تتسرب من أيديهم وتزداد فيها الأزمات والمشاكلsbquo; والانصاف يقتضي القول ان عمرو موسى قد جاء إلى الجامعة العربية في ظروف بالغة الصعوبةsbquo; وهي ظروف كانت كفيلة بأن تشله تماما وتمنعه من الحركةsbquo; وتجعله موظفا كبيرا باهت الشخصيةsbquo; واقفا على الهامش واضعا يده في الماء الباردsbquo; وذلك حتى لا يكتوي بنيران المشاكل المشتعلةsbquo; إلا أن عمرو موسى رفض أن يكون موظفا له مكتب على النيل يقضي فيه بعض السنوات من حياته الناجحةsbquo; ثم ينفض يديه بعد ذلك من كل الأمورsbquo; لقد حاول عمرو موسى بإخلاص وجدية وحيوية ومقاومة مستمرة للجمود العربي أن يكون رجلا له تأثيراsbquo; وان يحرك المياه الراكدةsbquo; وألا يهرب من النيرانsbquo; ولا شك ان هذا الإقدام غير المألوف في منصب الأمين العام للجامعة لابد أن يثير بعض القلقsbquo; لأن العرب لم يتعودوا على مثل هذا الأداء الذي فيه اقتحام وجرأةsbquo; ويمكن أن يكون عمرو موسى قد أخطأ أو أصابsbquo; ولكنه في النهاية كان رجلا مستقيما مخلصا لا يعمل إلا للمصلحة العربية كما يراهاsbquo; وقد تحققت في عهده انجازات مهما كان عليها من الاعتراضات فهي خطوات إلى الأمامsbquo; ومنها جعل القمة العربية سنويةsbquo; وإقامة البرلمان العربيsbquo; ومحاولة التدخل في الخلافات العربية لوضع حل لهاsbquo; لذلك فأنا أتصور أن عمرو موسى سوف يبقى في منصبهsbquo; وسوف يتم التجديد له ويخف الغضب عليهsbquo; لأنه ليس أمام العرب بديل لهذا الرجل المستقيم الشــــــجاع الذي لا يوجد عنده فوق المصلحة العربية مصلحة أخرىsbquo;
التعليقات