.. وردّ من laquo;السفيرraquo;نحن ضحايا التدخل


طلال سلمان

تلقتlaquo;السفيرraquo;، ظهر أمس، شأنها شأن المؤسسات الاعلامية الأخرى من وكالات أنباء دولية ومحلية ومحطات تلفزيون فضائية وأرضية، فضلاً عن الصحف، بياناً صحافياً صادراً عن سفارة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت، رداً على ما نشرتهlaquo;السفيرraquo; في عددها الصادر أمس (الاثنين)، حول lt;lt;التخلص من حزب اللهgt;gt; في الحكومة، هنا نصه الحرفي الخارج عن المألوف:
lt;lt;السفارة الأميركية تنكر الخبر الوارد في صحيفة lt;lt;السفيرgt;gt; في 17 كانون الثاني 2006
بيروت، 17 كانون الثاني 2006 شعرت السفارة الأميركية بالصدمة لدى قراءتها عناوين وتقرير الصفحة الأولى في صحيفة lt;lt;السفيرgt;gt; في 17 كانون الثاني 2006. ان الاقتباسات التي أوردتها صحيفة lt;lt;السفيرgt;gt; على لسان السفير فلتمان لا اساس لها وعارية تماما عن الصحة. والواقع انها لا تعكس وجهة نظر السفير فلتمان او سياسات الحكومة الأميركية. من الواضح تماما انه من خلال اختراع هذه القصة، أملت جريدة lt;lt;السفيرgt;gt; بإثارة توترات إضافية في لبنان في وقت يحتاج الاشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية لوسائل تخفض من التوتر. بالإضافة الى هذا، على السفارة الأميركية ان تعتبر هذه الفبركات تهديدا مباشرا لأمن السفير فلتمان بسبب خطر تصديق بعض الناس لهذه القصص عن طريق الخطأ والتصرف بموجبها.
تقدم صحيفة lt;lt;السفيرgt;gt; نفسها كصحيفة جدية ولكن الصحف الجدية لا تخترع او تفبرك قصصا وتقارير او تستخدم اقتباسات تأتي عبر وسطاء ومن غير مصادر واضحة. لدى اللبنانيين كل الأسباب لكي يشعروا بالفخر بحرية التعبير وحرية الصحافة التي تزدهر في لبنان. ولكن حرية الصحافة تعني ايضا حاجة الصحافيين لتقديم تقارير مسؤولة ودقيقة. لقد فشلت صحيفة lt;lt;السفيرgt;gt; في 17 كانون الثاني 2006 في القيام بواجبها بتقديم الحقيقة للشعب اللبناني.
إن السفارة الأميركية تود ان تكرر بأن السياسة الأميركية تجاه لبنان تسعى لمساعدة اللبنانيين لاستعادة حريتهم وسيادتهم وتعزيز الوحدة والديموقراطية وبناء مستقبل أكثر ازدهارا وأمنا. بينما يسعى الآخرون من خارج لبنان لفرض خياراتهم من السياسيين على لبنان، فإن الولايات المتحدة تؤمن بشدة بأن على اللبنانيين وحدهم أن يختاروا أعضاء حكومتهم. إن سفارة الولايات المتحدة لديها ملء الثقة بأن معظم اللبنانيين يفهمون أن السياسة الأميركية تدعم عملية إعادة وضع اللبنانيين في موقع المسؤولية والقيادة لبلدهمgt;gt;.
رد من lt;lt;السفيرgt;gt;
يهم lt;lt;السفيرgt;gt; التي هالها هذا الخروج الفظ على الاصول الدبلوماسية والاعلامية إلى وهدة التشهير والتجني، ان تسجل بعض الملاحظات المبدئية على بيان السفارة الأميركية، ومنها:
أولاً ان السفارة قد عممت بيانها المكتوب بلهجة عصبية حادة، والمتضمن سيلاً من النعوت التي لا تليق بمن كتبه فضلاً عن المرسل إليه، نستغرب صدورها عن سفارة دولة كبرى، وعن سفير انتدبته إدارته لتعليمنا الديموقراطية ومن ضمنها حرية الرأي والقول... في حين ان الاصول تقضي بإرسال الرد إلى الوسيلة الاعلامية المعنية به، فإن هي امتنعت عن نشره جرى تعميمه.
وهكذا فقد سبق التشهير التوضيح، مع قفز مقصود في البيان عن الموضوع الذي استفز السفير والسفارة، فلم يعرف الناس ما المقصود توضيحه، وأين الخطأ في ما نشرته lt;lt;السفيرgt;gt; متصلاً بالموقف من مشاركة lt;lt;حزب اللهgt;gt; في الحكومة والنصحية بأن يتم التخلص منه.
ثانياً من حق السفارة ان ترد على lt;lt;السفيرgt;gt; بنفي خبرها (حتى لو كان صحيحاً) أو بطلب التوضيح مع التوكيد على نشره في مكان بارز. هذا حق تكفله، بالمبدأ، أصول المهنة التي نتشرف بالانتماء إليها، وقانون المطبوعات. كما ان من حق lt;lt;السفيرgt;gt; ان ترد على الرد مؤكدة صدق خبرها، من دون كشف مصادرها، أو الاعتذار في حال ارتكابها خطأ أو تورطها في ما لا تستطيع إثباته.
ثالثاً لم يحدث ان تضمن بيان بنفي خبر ما، أو معلومة نشرت في أي وسيلة اعلامية، كل هذا التجني والافتراء والتوصيف الخارج على اصول التخاطب بين جهة دبلوماسية ومؤسسة اعلامية كبرى. ومع ان المبالغة في النفي واللجوء إلى التجريح، والقفز من فوق الوقائع المنشورة لا تلغي تلك الوقائع ولا تطمسها بل لعلها تؤكدها، فإن lt;lt;السفيرgt;gt; تحتفظ لنفسها بحقها في مقاضاة السفارة والسفير، على كل ما يمس صدقيتها والتزامها بأخلاق المهنة، مهما كان رأيها في شخص هذا المسؤول أو ذاك أو في مواقفه، وسواء أكان لبنانياً أم أجنبياً.
لم تكتف السفارة بنفي الخبر من دون ذكر موضوعه، بل هي اسبغت على lt;lt;السفيرgt;gt; وأخبارها توصيفات غير مقبولة، من نوع: lt;lt;لا اساس لها، وعارية عن الصحة، اختراع هذه القصة، الفبركات.. ثم، فشلت lt;lt;السفيرgt;gt; في القيام بواجبها بتقديم الحقيقة للشعب اللبنانيgt;gt;.
ومع اننا لا نعرف من أناب السفارة (والسفير) عن الشعب اللبناني، ومن جعلها (وجعله) حارس الحقيقة، فإن تكديس هذه الاتهامات إنما يؤكد ان الخبر قد فضح بعض نهج السفارة في التعامل مع الأزمة في لبنان، ودورها في تغذيتها بما يفاقم من خطورتها.
رابعاً الاخطر من هذا كله ان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان يحمّلنا، نحن أهل الصحافة المهددين في حياتنا، وفي lt;lt;السفيرgt;gt; كما في العديد من المؤسسات الاعلامية، مسؤولية أي تهديد مباشر لأمنه lt;lt;بسبب خطر تصديق بعض الناس لهذه القصص عن طريق الخطأgt;gt; (لم نعرف أية قصة وأين الخطأ فيها)..
من باب تعزيز معلومات السفارة والسفير، وليس من باب التباهي أو ادعاء شجاعة اسطورية، لا بد من التذكير بأن lt;lt;السفيرgt;gt; كمؤسسة، وكعاملين في مختلف مجالات إنتاجها وقد أعطوها عرق الجبين ونتاج سهرهم، طالما كانت ضحية اعتداءات متكررة: إذ نسفت مطابعها، وأطلقت الصواريخ على مبناها مراراً، وزرعت العبوات عند مدخلها، وجرت محاولة لاغتيال ناشرها نجا منها بأعجوبة وإن ظلت lt;lt;أوسمتهاgt;gt; على وجهه، بعد محاولات عدة لنسف بيته وعائلته فيه.
ان مثل هذه المؤسسة العريقة التي صمدت للاعتداءات المتكررة، هي بطبيعتها ضد السلاح (إلا حيثما يفرض الشرف الوطني حمله)، وضد ان يستخدم التهديد ضد أي مختلف بالرأي، ومن قبل ومن بعد ضد توجيه التهديد لأي كان، وضد الاعتداء على أي كان، فكيف إذا كان المقصود أو المستهدف بالاعتداء سفيراً لدولة كبرى، نحترم وجوده بيننا ونعتبر حمايته واجباً وطنياً، بغض النظر عن رأينا في ما يقوله أو في سياسة إدارته، حتى لو تبدّت معادية لطموحاتنا الوطنية في الوحدة والحرية والاستقلال الحقيقي المعززة بانتمائنا العربي.
على هذا فلن يمنع التجني lt;lt;السفيرgt;gt; من القول انها تتمنى للسفير جيفري فيلتمان ولموظفي سفارته جميعاً، كما لجميع السفراء والسفارات، ما تتمناه لشعب لبنان عموماً من الصحة والسلامة.
ومواقف lt;lt;السفيرgt;gt;، بشعاراتها المبدئية وبممارستها المهنية على امتداد 32 سنة، تتجاوز بصدقيتها وموضوعيتها أي تجنّ وأية اتهامات عصبية تؤكد أكثر من الوقائع نفسها ان السفير فيلتمان قد تورط في ما لا يرغب ان ينكشف لأن انكشافه يجعله في ورطة كالتي يجد نفسه فيها الآن.
ختاماً، نتوجه إلى السفير فيلتمان بأن يكون أكثر حذراً في لقاءاته مع أصدقائه المقربين، لا سيما من يطالبه ودولته بالمزيد من التدخل (ولو بالاحتلال) سواء في لبنان أو في اقطار عربية أخرى (على غرار إنجازها الفريد في العراق ببناء الديموقراطية بالاحتلال العسكري ودماء عشرات الألوف من ضحايا الفتن المنظمة تحت لوائه).
ننصحه بأن يلزم الحذر في اطلاق آرائه، سواء مع الذين يزورونه شاكرين في مقره في عوكر، أو الذين يزورهم داعماً ومشجعاً في مقراتهم الجبلية والساحلية ويكرز أمامهم تعليماته للسلطة (وكيف وممن يجب ان تكون) وللشعب في هذا الوطن الصغير lt;lt;ليتمكن اللبنانيون وحدهم من ان يختاروا حكوماتهمgt;gt;.
وlt;lt;السفيرgt;gt; ما نشرت ما نشرته إلا من أجل تحقيق هذا الهدف الذي نشكر السفير فيلتمان على تبنيه.. بدليل أنه يكرز يوميا نصائحه وتعليماته على lt;lt;المسؤولينgt;gt; وعلى الشعب سعياً إلى مثل هذا الانجاز الذي قد يرى سعادته وهذا من حقه ان lt;lt;التخلص من حزب اللهgt;gt; هو المدخل إلى تحقيقه.