توقيع

فاتح عبدالسلام

لم تزل آليات التفكير السياسي في العراق تراوح عند تشكيل اللجان لمواجهة ازمة معينة. واللجان بحد ذاتها وسيلة تؤدي غرضا محددا للوصول الى حلول لكنها في العراق عبء تحتاج نفسها الى تشكيل لجان اخرى لمتابعتها. ويكاد يكون القرار الحكومي بتشكيل أية لجنة هو المرادف الدقيق للجملة العراقية التي لا مثيل لها في جميع بيروقراطيات العالم: تعال باجر(غدا) التي تقال من موظف لمواطن قصده بخدمة عامة. واليوم تقولها الحكومة وزعماؤها لشعب جاءها متأملاً الفرج بعد عقدين من الظلم.
وليس بعيداً علينا تلك اللجان التي شكلت للتحقيق في حادثة شهداء جسر الائمة أو اللجنة التي تحقق في تعذيب ملجأ الجادرية أو لجان ملاحقة فساد وزراء ومسؤولين سابقين، طبعا ليس الحاليين لانهم مازالوا في السلطة.. ولجان كثيرة لاسترجاع حقوق المواطنين المتجاوز عليها من ذوي النفوذ أو النظام السابق وكذلك اللجان التي تحقق في املاك الدولة المستولى عليها من الاحزاب والميليشيات والشخصيات السياسية أو اللجان التي تحقق في انتحال ارهابيين ومجرمين ومدسوسين صفات رجال الشرطة والامن ويدهمون البيوت ليلاً او فجراً لاعتقال شباب ليجدهم اهلهم بعد ايام أو ساعات جثثاً مشوهة في الانهار والوديان. وسوى ذلك كثير لكنه صوت من دون صدى، فاللجنة تشكل لتُنسى وتقوم بعدها لجنة اخري لقضية ساخنة فتتلاشى وهكذا تتلفلف القضايا في سهولة مدهشة من دون اي استذكار لحق عام في اراقة دم أو إستلاب ملكيات أو إعتداء علي كرامات.
مَنْ له ان يتابع ذلك ويستحصل نتائج عمل اللجان اذا سرت وراء افتراض انها عملت ولم تنم أو تنوم. لا اهمية للتحقيق في ازمة من دون نتائج تعلن على الناس لا سيما في القضايا العامة.
مَن الافضل للحكومة أنْ تمتنع عن تشكيل اللجان اذا كان الامر من باب رفع العتب أو الترويج الاعلامي أو لامتصاص نقمة من جهة معينة. لان ذلك كله غير مجد والعراقي يسعى الى الحقائق حتى لو اورث قضيته لجيل اخر.

[email protected]