الأحد:22. 01. 2006

rlm;دrlm;.rlm; سمير سرحان

جميعنا يعلم ماهو الحلم الأمريكيrlm;..rlm; لكن قليلا منا من يعلم ماهوالحلم الأوروبيrlm;..rlm; فالحلم الأمريكي كان ومازال منذ قيام أمريكا هو محاولة الفرد الوصول إلي الثراءrlm;,rlm; ولم يكن الأمر في هذا الحلم يتعلق بمن تكون؟ وماهو كم المهارات التي تستطيع أن توظفها لعمل معين لتصبح بارزا في مهنة أو أخريrlm;..rlm; وإنما هو محاولة الحصول علي المال بأي طريقة ومن أي مهنةrlm;!rlm; ولذلك ليس المهم في أمريكا من تكون وإنما كم تكسب

وبالتالي فإن الشخص الذي يعيش هناك لا ينتمي انتماء حقيقيا إلي أرضrlm;,rlm; أو ثقافةrlm;,rlm; أو هويةrlm;,rlm; وإنما ينتمي أساسا إلي ذاته أولاrlm;,rlm; وبالتالي فهو يستطيع أن يغير مهنته أو علاقته بالمجتمع كلما استطاع أن يكسب أكثر في منطقة أو أخري من الوطن فلا يمثل الوطن بالنسبة له روحا قومية أو كتلة من المشاعر التي تعزز لديه الإحساس بالانتماء إلي ثقافة معينة أو مكان معين فأنت تراه يتحرك من مدينة إلي أخري أو من ولاية إلي أخري بمنتهي البساطة ليسكن هنا عامين ثم ينتقل ليغير مكان إقامته إلي مدينة أخريrlm;..rlm;

وقد تكون أبعد من الأولي لمسافات بعيدة ليتخذها موطنا ثم إذا وجد آمالا أكثر في ولاية ثالثة ينتقل إليها ليعيش فيها ولذلك نجد الأسلوب الأمريكي في الحياة والانتقال من مكان إلي مكانrlm;..rlm; اليوم هو مواطن من نيويورك في أقصي الشرقrlm;,rlm; وغدا مواطن من لوس أنجلوس في أقصي الغرب وبعد غد هو مواطن من شيكاغو في الوسط وهكذاrlm;..rlm; بالرغم من أن البلاد كلها تتحدث بلغة واحدة هي اللغة الإنجليزية إلا أنه لاتوجد ثقافة واحدة أمريكية بسبب كثرة أو تعدد الثقافات الأصلية للذين هاجروا من أوروبا وجميع أنحاء العالم إلي أمريكا بحثا عن الثراءrlm;.rlm;

أما الحلم الأوروبي فهو حلم الوصول إلي قومية واحدة لاتعتمد علي اكتناز المال ولاتحقق السعادة من خلال الثراءrlm;,rlm; وإنما من خلال الهوية الثقافيةrlm;.rlm;

وبالتالي فإن فكرة الهجرة إلي أوروبا تختلف تماما عن فكرة الهجرة إلي أمريكاrlm;..rlm; فالذين يهاجرون إلي أوروبا من الدول الخارجية يبحثون عن الانتماء إلي ثقافة أوروبية واحدة وإن تعددت فيها اللغات ووسائل كسب لقمة العيش ولايبحثون فقط عن المال أو الثراء كما هو الحال في الحلم الأمريكيrlm;,rlm; ولذلك فإن من يصبحون من البارزين في أوروبا من خلال ثقافتهم المختلفة كأساتذة الجامعة أو الطب أو الهندسة أو غيرها أو حتي الأدب والفكر والإبداع يصبحون أعلاما عالمية وليست أمريكية أو ألمانية أو فرنسية وغيرهاrlm;..rlm;

وهناك مثلا الأستاذ الطبيب المصري العالمي الدكتورrlm;/rlm; مجدي يعقوب الذي حقق شهرته العالمية من خلال انتمائه إلي العلم الأوروبي والثقافة الأوروبيةrlm;..rlm; وهناك في أوروبا أيضا عدد ضخم من كبار العلماء المهاجرين إليها من الشرق وكثيرا منهم من الشرق الأوسط الذين أصبحوا يمثلون ثقافة عالمية تصدر للعالم من أوروبا كجزء من التراث الأوروبي والعالميrlm;.rlm;

وتنطبق هذه المفاهيم أيضا علي المهاجرين إلي أوروبا من الشرق الأوسط والمسلمين ـ بالتحديد الذين كانوا يعتبرون منذ ثلاثين عاما أعضاء أساسيين في الجسم الثقافي الأوروبي بعد هجرتهم إليهrlm;..rlm; وتحولت عندهم فكرة الهجرة إلي استيعاب أوروبا لمجموعات من البشر تحولوا بالتدريج إلي أوروبيينrlm;..rlm; استطاعت الديمقراطية الأوروبية أن تستوعبهم حتي الجيل الرابع وأصبح أبناء المهاجرين الأول الذين جاءوا إلي أوروبا منذ ثلاثين عاما مواطنين لهم جميع الحقوق والفرص في التعليم والثقافة مثل غيرهم من المواطنينrlm;..rlm;

وبعد أحداثrlm;11rlm; سبتمبر في أمريكا ومحاولات بن لادن أن يصبغ العالم بصبغة الإرهاب الدينيrlm;..rlm; وجد هؤلاء المهاجرون إلي أوروبا بالذات أنفسهم فجأة معزولين عن الحلم الأوروبي بسبب الدين والتراث الثقافي الشرقي الذي يحملونه في أفكارهم وأعماقهم ويشكل مواقفهم الفكريةrlm;,rlm; وكذلك بسبب اللون والاسم وخاصة اسم العائلة الذي يشير إلي اصول عربية واسلامية وشرقية عموماrlm;.rlm;

ولم تكن مسألة الحصول علي الجنسية الأوروبية تحمل أهمية خاصة حتي خمس سنوات مضتrlm;,rlm; وعندما ظهرت بوضوح ملامح العزلة عن المجتمع الجديد سعي الأتراك في ألمانيا مثلا إلي الحصول علي الجنسية حتي يضمنوا انتماءهم إلي ألمانياrlm;..rlm; فاكتسب منهمrlm;2,6rlm; مليون من الأتراك الجنسية الألمانية حتي يشعروا بالأمانrlm;.rlm;

وفي بريطانيا أيضا كان تشجيع الهجرة يحمل في طياته الاعتراف بتعدد الثقافات داخل الأمة وتشجيع المواطنين ذوي الجذور الثقافية في دول أخري كانت بريطانيا تستعمرهاrlm;,rlm; علي الاحتفاظ بقيمهم الثقافية والأخلاقية والاجتماعيةrlm;.rlm; أما في حالة فرنسا فقد كانت تصر علي أن المهاجر إليها من الدول التي سبق استعمارها من الدولة الفرنسية سواء كانت من العالم العربي أو أفريقيا عليه أن يتخلي عن قيمه الثقافيةrlm;..rlm;

وعلي المهاجر في هذه الحالة أن تكون اللغة الفرنسية هي لغته الأولي والأخيرةrlm;,rlm; ويكون السلوك والعادات والتقاليد الفرنسية هي سمات الشخصية لديهrlm;..rlm; وبالرغم من ذلك فقد شكل هؤلاء المهاجرون إلي فرنسا بالذات أقليات لها أوضاعها الخاصةrlm;..rlm; وكما يقولrlm;:rlm; عزوز بجاجrlm;-rlm; أحد وزراء فرنسا الحاليين الذي يحمل حقيبة المواطنة ذات الفرص المتساويةrlm;,rlm; والتي تحمل أصولا عربية فإن الفرنسيين الذين ينحدرون من أصول عربية أو أجنبية يعانون من شكل ملامح وجوههم وأسمائهم ومعتقداتهم الدينيةrlm;..rlm;

وقد أدلي عزوز بجاج لمجلة نيوزويك في حديثه عن الزعيم الأمريكي الزنجي الراحل مارتن لوثر كينج وحركة الحقوق المدنية الأمريكية في الستينياتrlm;,rlm; أنه لايوجد في فرنسا من يستطيع أن يقول كما قال لوثر كينج أن لدي حلما فالحلم الأوروبي هو الوحيد والانتماء الكامل إلي الثقافة والحضارة الأوروبيةrlm;..rlm; ومن هنا تظهر الآن تلك الدعاوي القائلة بأن المهاجرين العرب وخاصة المسلمين إلي تلك البلاد عليهم أن يرحلوا إلي بلادهم الأصلية من تلقاء أنفسهم أو علي الدولة أن تطردهم بحجة أنهم ليسوا جزءا من الثقافة الأوروبية الخالصةrlm;..rlm;

وهذا الموقف الخطير الذي ينشأ الآن في أوروباrlm;,rlm; ويجعل امتصاص المهاجرين العرب والمسلمين إليها أمرا يكاد يكون مستحيلا هو نتيجة خطيرة من نتائج الحرب الدينية والعقائدية التي يشنها بن لادن علي الإسلام نفسه ويكون من نتائجها فصل الإسلام والمسلمين عن العالم المتقدم في الغربrlm;..rlm; وبعد أن تم ذلك من خلال الحرب الإرهابية في أحداثrlm;11rlm; سبتمبرrlm;..rlm; الهجوم علي مركز التجارة العالميrlm;.rlm; والنتاجون نفسه بالطائرات المخطوفةrlm;,rlm; فإن الأمر الآن يتخذ شكلا ثقافيا وحضاريا وقيام الدعوة إلي تخليص الثقافة الأوروبية من الأجانب أو الثقافات الأجنبية التي يحملها المهاجرون السابقون وأبناؤهم وسلالاتهم الآن وأولهم المسلمون المهاجرون من البلاد العربية أو الشرق الأوسطrlm;.rlm;

وهذه الأزمة التي يجد المهاجرون إلي أوروبا أنفسهم فيها الآن إذ وجدوا أنفسهم فجأة أقليات صغيرة منفصلة تمام الانفصال حضاريا ونفسيا وثقافيا عن موطنهم بعد أن أصبحت الدول الأوروبية المختلفة التي هاجروا إليها هي موطنهم الوحيدrlm;..rlm; وبعد أن انفصلوا عن جذورهم القديمة ثقافيا ومعنويا وبالطبع مادياrlm;.rlm;

إن خللا خطيرا في التركيب القومي للعالم المتقدم في أوروبا سوف يدفع حكوماتها في النهاية إلي أن تقع في حرب ثقافية مع العرب ومع المسلمينrlm;..rlm; فلا تعود القضية قضية استيعاب مهاجرين داخل الثقافة الوطنية الأوروبية بما تحمله من اعتراف بالتعدديةrlm;,rlm; وإنما تصبح هناك حرب حقيقية بين الحضارات تجعل من هؤلاء المهاجرين في نظر حكوماتهم الغاما وضعها العرب والمسلمون في قلب السلام الوطني الأوروبيrlm;..rlm; ولا تعود هذه الحرب متمثلة في الصراع بين العقائد والأفكار فقطrlm;,rlm; وإنما هي تهديد رسمي للمجتمعات الأوروبية بفقد هويتهاrlm;,rlm; وتراثها الثقافيrlm;,rlm; أمام زحف الإسلام والمسلمين أولاrlm;,rlm; ثم يحملون الجنسيات الأجنبية وخاصة العرب ثانياrlm;.rlm;