سالي كوين - لوس انجليس تايمز


يعتبر دونالد رامسفيلد أحد أكثر الأشخاص دهاء في واشنطن، وهو لاشك يعرف أكثر من غيره أنه عندما تسوء الأمور وتتدهور لابد من أن يدفع أحدهم الثمن ويكون كبش الفداء الذي يدفع به إلى الأمام لتحمل المسؤولية. وبالنسبة لرامسفيلد فقد بلغت الدعوات المنادية بتنحيته مستويات غير مسبوقة اشترك في إطلاقها quot;الجمهوريونquot; وquot;الديمقراطيونquot; على حد سواء، فضلاً عن جنرالات الجيش والإعلام وشخصيات بارزة مثل كولن باول وكوندليزا رايس وبوش الأب، بل وحتى quot;لوراquot; زوجة الرئيس بوش.. كلهم أجمعوا على ضرورة رحيل رامسفيلد من وزارة الدفاع. ورغم امتناع بوش إلى غاية اللحظة عن الإقدام على خطوة الإقالة، فإن المقربين منه والمتابعين لمجريات الأحداث يدركون أن بوش بات وشيك التأكد بأن رامسفيلد استنفد جدوى بقائه في إدارته بعد كل الجدل الذي أثارته سياساته غير الموفقة في العراق. لكن على الرئيس أن يدرك أيضاً أنه ما أن يرحل وزير الدفاع المشاكس واللاذع في كلامه حتى تسلط الأضواء على أدائه نفسه ويخطف الاهتمام. وسواء كان بوش واعياً بذلك أم لا، فإن الأمر يتعلق هنا بتقديم كبش فداء للتضحية به أمام الآخرين.

وكما هو مذكور في الإنجيل يحمل الجدي على عاتقه جميع ذنوب البشر ويرحل إلى البراري المقفرة، حيث لا يعيش أحد من البشر. وفي العبرية تعني كلمة quot;كبش فداءquot; الذهاب إلى الجحيم الذي ربما أصبح ينتظر رامسفيلد أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأنه يعرف من خلال تجربته السابقة ما معنى أن يلعب أحدهم دور كبش الفداء. فقد رأى ما حصل لنانسي ريجان زوجة الرئيس ريجان عندما أدركت أن كبير موظفي الإدارة وقتها، كان سبب المشاكل العديدة التي تمر بها إدارة زوجها. لكن ما لم تدركه quot;نانسي ريجانquot; أن كبير الموظفين لم يكن في الواقع سوى كبش فداء تمت التضحية به بعدما حمل مسؤولية أخطاء الرئيس ريجان، وما إن رحل من الإدارة حتى تحولت quot;نانسيquot; نفسها إلى كبش فداء بعد أن وجهت إليها وسائل الإعلام انتقادات لاذعة عن دورها المزعوم في الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة. ولأنه يصعب على الشعب الأميركي إلقاء اللوم مباشرة على الرئيس، حيث يرقى ذلك في نظرهم إلى قتل الابن لأبيه، ولأنه أيضاً من غير الوارد الالتفاف إلى quot;لورا بوشquot;، يبقى رامسفيلد هو المرشح الوحيد للعب دور كبش الفداء.

ومن غير المرشح أن يكون quot;ديك تشينيquot; كبش الفداء، أو حتى أن يقدم على إقالة رامسفيلد الذي يعتبر أحد أصدقائه المقربين، حيث سبق أن وظفه رامسفيلد في ثلاث وظائف حكومية على عهد إدارة quot;فوردquot;، بما في ذلك منصب نائبه الشخصي عندما كان كبير موظفي الرئيس quot;فوردquot;. وفي كل الأحوال، فإن quot;تشينيquot; عرف كيف يبعد نفسه في الفترة السابقة عن الأضواء، كما أنه يتمتع بما يكفي من الخبرة والدهاء على نحو يبقيه خارج دائرة الاتهام. غير أنه في حال رحيل رامسفيلد، فإن الأنظار ستتجه فوراً صوب الرئيس بوش ونائبه تشيني ليتحملا وحدهما مسؤولية الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة. ويبدو أن رامسفيلد بات متأكداً من أن أيامه في البيت الأبيض أصبحت معدودة، وإذا لم تكن لديه استراتيجية للخروج من العراق، فإن لديه حتماً واحدة للخروج من البيت الأبيض. وأعتقد أنه ربما يكون قد أخبر مسبقاً الرئيس بوش ونائبه أنه سيترك منصبه بعد انتخابات الكونجرس النصفية بذريعة الدماء الجديدة التي تحتاجها قيادة الحرب في العراق للخروج من المأزق، الذي ساهم في خلقه منذ البداية. وطبعاً سيحاول بعد استقالته تقلد أحد المناصب في منظمة إنسانية لتسويق نفسه كرجل ترك السلطة وفضل الاهتمام بمعاناة الآخرين. أما بالنسبة للرئيس بوش ونائبه تشيني، فما أن يغادر رامسفيلد منصبه حتى يبدأ البحث مجدداً عن كبش فداء آخر لن يخرج هذه المرة عنهما هما الإثنان.