الخميس: 2006.10.26
سعد محيو
22 تشرين الأول /أوكتوبر 2006: ldquo;منظمة الساينتولوجيrdquo; (scientology) تفتتح ldquo;كنيسةrdquo; لها في قلب لندن بكلفة أكثر من 30 مليون دولار، وبحضور خمسة آلاف مندوب يمثلّون عشرة ملايين عضو في هذه الديانة الجديدة.
ديانة جديدة؟ حسناً، ليس تماماً. فهذا الدين بات قديماً نسبياً. وهو تأسس قبل نصف قرن، وبالتحديد العام ،1950 على يد كاتب روايات الخيال العلمي رون هابارد. في البداية، بدت هذه الحركة كمجرد أسلوب للعلاج النفسي وكمزحة: علاج، لأنها ادعّت القدرة على شفاء النفس من موبقات تجاربها في ldquo;حيواتrdquo; أخرى سابقة. ومزحة لأن هابارد أطلق حينذاك جملته الشهيرة والطريفة: ldquo;إن كتابة كلمة للحصول على دولار أمر سخيف، فيما إطلاق دين جديد يجعلك تحصل فوراً على مليون دولارrdquo;.
هابارد هذا طبّق مزحته بحذافيرها. فهو طوّر مهنة الخيال العلمي والعلاج النفسي، إلى فلسفة دينية تدعّي امتلاك الحقيقة، وتزعم القدرة على ldquo;تحرير الروحrdquo; البشرية لتمكينها من السيطرة على المادة والمجتمع والكواكب والكون.
كيف فعل ذلك؟ عبر دمج الخرافة العلمية بالتاريخ، ثم بدمج هذا التاريخ بشخصه، بصفته ldquo;مصدرrdquo; الحقيقة.
روايته المدهشة سارت على النحو التالي:
1- كزنيو (xenu) قائد ديكتاتوري لكونفيدراليات مجرات في الفضاء. وهو قبل 75 مليون سنة جلب إلى الأرض مليارات الناس بسفن فضاء ووضعهم حول البراكين، ثم نسفهم جميعاً بواسطة قنابل هايدروجينية. أرواح هؤلاء الناس تجمّعت معاً والتصقت بأجساد المخلوقات الحّية. وهذه الأرواح فوق - الأرضية لا تزال تفعل ذلك حتى اليوم، مسببة مختلف الآلام الجسدية لأجساد البشر.
2- وظيفة كنيسة الساينتولوجي هي تحرير الروح من هذه التجارب الماضية المريرة المختزنة في الذاكرة الجماعية. كيف؟ عبر ldquo;التكنولوجياrdquo; التي تستخدمها هي، والتي تتضمن جلسات استماع (أشبه بالتحليل النفسي الفرويدي) ليس لإخراج المكبوتات المؤلمة في هذه الحياة، بل لتحرير المرء من ذكريات كارثية لحيوات تعود إلى ملايين ومليارات، بل وتريليونات، السنوات (... )
3- حين يتحقق التحرر، يصبح المرء ldquo;ثيتان عاملrdquo; (operating Thetan)، أي مخلوق روحي خالد وسعيد سعادة أبدية. لكن هذا التحرر لا يحدث إلا بعد مرور المرء بمراتب وتجارب عديدة يشرف عليها كهنة هذه الكنيسة، يكشفون له خلالها ldquo;الحقيقةrdquo; ( خاصة حقيقة كزنيو) خطوة خطوة.
فلسفة مضحكة؟ حسناً، يمكننا أن نضحك قدر ما نشاء. لكن هذا ldquo;الدين الجديدrdquo; هو الأوسع انتشاراً حالياً في العديد من انحاء العالم. وربما هو سيصبح قريباً أغناها أيضاً. نجوم هوليوود الكبار، مثل توم كروز وجون ترافولتا وكريستي ألي وكاتي هولمز وغيرهم الكثير أعضاء فيه. ويقال ان العديد من السياسيين ورجال الاعمال في الغرب إنضموا إليه سراً، خاصة بعد ان وضعت الكنيسة الجديدة نصب عينيها ldquo;ضرورة السيطرة على العالم لإنقاذrdquo; الثيتان ldquo;من كوارث الحضارة الراهنةrdquo;.
ثم هناك ما هو أخطر: عمليات غسيل الدماغ العلمية التي تقوم بها هذه الكنيسة، تبدو ناجحة بشكل لا يصّدق. وهي تدفع العضو إلى الاقتناع بأنه مهدد في كل لحظة بالوقوع تحت سيطرة غزاة فضاء مثل ldquo;الهيلاتروبوسrdquo;، ما لم ينفصل عن المجتمع ويمنح نفسه، مالياً وروحياً وجسدياً واجتماعياً، لها. وهذا ما يجعل جميع ldquo;الساينتولوجيينrdquo; ضحايا الارتياب المرضي، فيتخيلّون وجود مؤامرة فضائية وراء كل حادث أرضي.
لكن، ما سر نجاح هذه الحركة، خاصة في المجتمعات الغربية التي يفترض انها تقوم على العقلانية والمنطق العلمي من ألفها إلى الياء؟ ثم، ما الأهداف الحقيقية للدين الساينتولوجي؟














التعليقات