السبت: 2006.11.04

كما هو حال معظم المشكلات الاقتصادية، فإن تغييراً في معدلات البدانة سيتطلب تغييراً في الحوافز والمثيرات، فالرياضة تحمل كثيراً من الفوائد الصحية، وتقليص الحواجز أمام ممارسة الرياضة بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء، فكرة جيدة لكن تخفيض البدانة سيستدعي تخفيض الوجبات المشبعة بالسعرات الحرارية، وسيستدعي إيجاد حافز للناس حتى يأكلوا أطعمة أقل غنى بالسعرات الحرارية.

سوزان إي ماير

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن نحو ثلثي النساء السعوديات يتصفن بالوزن الزائد، ونحو 25 في المائة بدينات، وتتزايد نسبة النساء ذوات الوزن الزائد والبدينات مع السن، ولأن سكان السعودية شبان فإن من المحتمل أن يزداد عدد النساء البدينات بسرعة، في المستقبل. ومن المعروف جيداً أن البدانة تهدد الصحة العامة والرفاه، فالأمراض المرتبطة بالوزن تضم النوع الثاني من السكري، ومرض القلب وبعض السرطانات الشائعة، ويمكن لزياد البدانة أن تقوّض المكتسبات الصحية التي تجيء من التوسع المثير للاهتمام في نظام الرعاية الصحية السعودي. لذلك، فإن من المهم أن نتساءل عن السبب الذي يؤدي إلى الوزن الزائد لدى هذا العدد الكبير من النساء السعوديات، وماذا يمكن عمله إزاء ذلك.
يعزو بعض الكتاب البدانة لدى النساء إلى الثقافة السعودية. قائلين إنها تثني النساء عن ممارسة الرياضة علانية، وتجعل من الصعب عليهن أن يمارسنها حتى في نواد صحية خاصة.

لكن هذا تفسير غير مرجح حيث إن هنالك عدداً من الرجال السعوديين لا يقل عن عدد النساء يتصفون بالبدانة مع أنه يوجد قيود ثقافية على ممارسة الرجال للرياضة، أقل كثيراً، وعلاوة على ذلك، فإن الأمريكيين الذين لا يفرضون أي حظر على ممارسة النساء للرياضة، والذين يبدون في المقابل مهووسين باللياقة وquot;بأنماط الحياة الصحيةquot;، يرجح أنهم يتصفون بالوزن الزائد والبدانة مثل السعوديين، ففي حقيقة الأمر فإن السعودية وأمريكا جزء من توجه عالمي نحو تزايد البدانة التي تتجاوز الثقافة.
لماذا يصبح العالم أسمن؟ يقول توماس فيليبسون، أستاذ اقتصاد في كلية هاريس، جامعة شيكاغو، وريشارد بوسنر، أستاذ في كلية الحقوق في الجامعة نفسها، إن الزيادات في البدانة ناجمة عن التغيرات الاقتصادية، فالتقدم التكنولوجي في إنتاج وتوزيع الأطعمة جعل الوجبات السريعة الغنية بالسعرات الحرارية، رخيصة ومتوافرة جداً، كما أن التقدم التكنولوجي جعل الاقتصاد العالمي أقل اعتمادا على العمل اليدوي وأكثر اعتماداً على العمل جلوساً، فعندما كانت الأسر تعيش في المناطق الريفية، وتمشي مسافات طويلة، تعد معظم الطعام في البيت، وكانت بالتالي مكتفية ذاتياً، فإن الحياة اليومية كانت تتطلب عدداً كبيراً من السعرات الحرارية، بينما تستدعي الحياة الحضرية والتكنولوجية التي تتصف بالعمل جلوساً، سعرات حرارية قليلة جداً، وكانت النتيجة أن من الأسهل حالياً أخذ سعرات حرارية ومن الأصعب استهلاكها، وكان الطعام في الماضي ذا كلفة عالية. وكان العمل اليدوي يحرق كثيراً من السعرات الحرارية، لكن الوضع حالياً على عكس ذلك تماماً، فالطعام رخيص، والعمل يحرق سعرات حرارية قليلة.
وفي الدول الفقيرة تزداد البدانة مع تزايد الدخل، فبعد أجيال كان الناس فيها، عدا الأسر الأغنى، يحصلون بشق الأنفس على طعام كاف، فإن من السهل أن نرى أن قليلاً من السمنة يعتبر في بعض الأحيان مؤشر ثراء، وليس تهديداً صحياً، ففي السعودية مع تزايد التعليم، تتراجع البدانة، وهذا يعود إلى حد كبير إلى أن من غير المرجح أن يربط الأفراد ذوو التعليم العالي، السمنة بالثراء، ومن الأرجح أن يعتبروها تهديداً للصحة.
وكما هو حال الحكومات في كل مكان، فإن الحكومة السعودية تحاول تثقيف الناس عن مخاطر البدانة، لكن من المحتمل ألا يكون هذا فعالاً لأن الناس يعرفون فعلاً أن البدانة مؤذية. ففي كثير من الأماكن يتمثل الرد على تهديد البدانة بتشجيع ممارسة الرياضة، خصوصاً في المدارس، كما أن هذا من غير المرجح أن يكون له أي تأثير ملموس على الوزن وذلك إلى حد ما، لأن من شبه المستحيل تخفيف الوزن بزيادة ممارسة الرياضة وحدها، ولأن من الصعب جداً الإلحاح على الناس على زيادة مقدار الرياضة التي يقومون بها، فمقدار الرياضة التي يمكن أن تؤدي إلى مقاومة السعرات الحرارية من الوجبات الغنية بالدهنيات والسكر، التي أصبحت شائعة، أمر بالغ الأهمية. فقد يحتاج حرق السعرات الحرارية في علبة صودا واحدة إلى ساعة من المشي بسرعة معتدلة، وإذا شربت عصيراً وأنت تمشي فإن عليك أن تمشي مسافات أطول حتى تصبح لا خاسرا ولا رابحا. كما أن حرق السعرات الحرارية المكتسبة من قطعتين من الدجاج المقلي أو من قطعة بيتزا يمكن أن يتطلب القفز بالحبل لساعة كاملة بلا توقف، أو لعب الكرة الطائرة التنافسية لساعة كاملة.
وكما هو حال معظم المشكلات الاقتصادية، فإن تغييراً في معدلات البدانة سيتطلب تغييراً في الحوافز والمثيرات، فالرياضة تحمل كثيراً من الفوائد الصحية، وتقليص الحواجز أمام ممارسة الرياضة بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء، فكرة جيدة لكن تخفيض البدانة سيستدعي تخفيض الوجبات المشبعة بالسعرات الحرارية، وسيستدعي إيجاد حافز للناس حتى يأكلوا أطعمة أقل غنى بالسعرات الحرارية. إن فرض ضريبة على مثل هذه الأطعمة، إما على المنتج أو على المستهلك يوفر حافزاً حافلاً بالفاعلية، وهنالك حوافز أخرى ممكنة، لكن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، وهو أن البدانة والمشكلات الصحية التي تصاحبها ستزداد إلا إذا كان هناك سبب وجيه لجعل الناس يخففون مما يأكلون.

عميدة وبروفيسور - كلية هاريس لدراسات السياسة العامة، جامعة شيكاغو