quot;هآرتسquot; تطرح احتمال تحرّك جهاز استخبارات سوري
من دون معرفة القيادة السياسية في اغتيال الجميّل

رنده حيدر

لم يستبعد المعلق تسفي برئيل في quot;هآرتسquot; أن يكون أحد الأجهزة الامنية في النظام السوري نفذ اغتيال الوزير بيار الجميل من دون معرفة قيادته السياسية للإنتقام مسبقاً ممن سيعرضونه لملاحقة المحكمة الدولية. ومما جاء في المقال: quot;... المنطق السياسي الصرف يجعل من الصعب تصديق الرواية التي تتهم القيادة السورية باغتيال الجميل. ففي اليوم الذي اغتيل فيه حققت سوريا أحد أهم انجازاتها السياسية منذ الهزيمة التي لحقت بها في لبنان في نيسان 2005، اذ أعادت علاقاتها الديبلوماسية الكاملة مع العراق بعد انقطاع دام نحو 25 عاماً. وسوريا على وشك أن تحصل على اعتراف نصف رسمي من واشنطن بأنها عنصر قادر على تهدئة الوضع في العراق. كما كانت سوريا عشية يوم الاستقلال في لبنان على وشك تحقيق انجاز آخر لا يقل أهمية هو احتمال سقوط حكومة فؤاد السنيورة او استبدالها او توسيعها بادخال حلفاء لسوريا اليها بعد انذار quot;حزب اللهquot;... مع هذه الانجازات الثلاثة القادرة على تحسين وضع سوريا في صورة كبيرة، آخر ما كانت تحتاج اليه سوريا هو تهمة جديدة باغتيال سياسي داخل لبنان. لذا تختلف هذه الجريمة عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005، ففي ذلك الوقت ارادت سوريا تهديد معارضيها والتخلص من خصم سياسي بدأ بتشكيل تحالف معاد لها. واليوم تغير الوضع وquot;حزب اللهquot; يوشك على فتح الطريق امام نفوذ سوري مباشر بوسائل سياسية. من هذا المنطلق يمكن فهم ادانة quot;حزب اللهquot; الذي كان يخطط لإظهار عضلاته امام حكومة السنيورة ويدعو الى تظاهرات كبيرة جداً ضدها، فقد اعتبر ان الاغتيال الحق ضرراً به، وسوف يجد صعوبة اليوم في اقناع الشعب اللبناني بالتظاهر ضد حكومة اغتيل أحد وزرائها.
ثمة سؤال آخر هو: ما سبب اختيار بيار الجميل بالذات؟ فالجميل ابن الرابعة والثلاثين هو بالتأكيد زعيم وابن عائلة مرموقة، ومن العائلات المعادية لسوريا، لكنه لا يعتبر من زعماء الصف الاول. فمن يريد احداث انقلاب سياسي بواسطة اغتيال كان في امكانه ان يختار هدفاً أكثر اهمية بدءاً من رئيس الحكومة السنيورة مروراً بالنائب سعد الحريري وانتهاء بالنائب وليد جنبلاط. ربما هناك اسباب تقنية وراء الاختيار وليست سياسية، ففي حين يحوط كل زعيم لبناني نفسه بجيش صغير واحتياطات أمنية استثنائية، اكتفى بيار الجميل بمواكبة ضئيلة من السيارات. ومن المحتمل ان يكون مصدر الاغتيال واختيار الهدف أحد الاجهزة الأمنية المخابراتية السورية الذي قرر من دون علم قيادته السياسية اغتيال كل من يعتبرهم مسؤولين عن الضرر الذي سيلحق بالمسؤولين عن الجهاز من جراء المحكمة الدولية. اذا كان هذا هو التفسير فان اغتيال الجميل يضع بشار الاسد في وضع مربك للغاية، فالأجهزة الداخلية في نظامه تعمل من وراء ظهرهquot;.