الجمعة01 ديسمبر2006


النّوايا الأمريكية والدوافع الإيرانية


تولين دالوغلو - واشنطن تايمز

تثير التطورات الجارية في العراق وحوله، اضافة للتورط الامريكي في المنطقة، احساسا متزايدا بالخوف والقلق حول الوضع القائم في الشرق الاوسط وما يمكن ان يؤول اليه. فقد ابلغ وزير الخارجية الامريكية السابق هنري كيسنجر شبكة بي ـ بي ـ سي الاخبارية ان تحقيق انتصار عسكري في العراق بات امرا مستحيلا واعلن سكرتير عام الامم المتحدة كوفي عنان ان الولايات المتحدة اصبحت في حالة حصار، اي انها لا تستطيع البقاء في العراق ولا الانسحاب منه.
ولا شك ان الرئيس بوش يدرك الحاجة لتغيير مسار الحرب، الا انه لم يحدد قراره بعد ليبين الطريق الذي سوف يسلكه من ناحية الاستراتيجية او تعزيز قوة الجنود.
وثمة لاعب رئيسي آخر في المنطقة، يحتفظ بموقع فريد في ما يجري بها من فوضى، هو ايران.
اما رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولميرت فقد وصل الى البيت الابيض في زيارة وصفتها الصحافة الاسرائيلية بانها محاولة لبحث ما يتعين عمله بشأن ايران.
بل وحتى رئيس الحكومة البريطانية توني بلير دعا لاجراء حوار مباشر مع سورية وايران كوسيلة لتأمين الاستقرار في المنطقة.
ومن المتوقع اخيرا ان تقدم لجنة جيمس بيكر ـ لي هاملتون، المكلفة بدراسة الملف العراقي، نفس هذا النصح، وما اجتماع رئيس العراق الكردي جلال طالباني بنظيره الايراني محمود احمدي نجاد في طهران لمناقشة التعاون الامني، الا خطوة اولى على طريق المحادثات المباشرة بين واشنطن وطهران.
في غضون ذلك، كرر احمدي نجاد قوله ان ايران ستؤمن احتياجاتها من الوقود النووي بحلول السنة المقبلة، وقال: لن يقدم النظام الاسرائيلي في الوقت الحاضر على مهاجمة ايران لانه يواجه الكثير من المشاكل الآن.
غير ان كيسنجر عاد وقال: ان انتهاج دبلوماسية هادفة ازاء ايران امر مهم لقيام منطقة واعدة، لكن فقط اذا ادركت ايران انها لن تتمكن من تشكيلها على هواها.
وماذا يعني كل هذا؟
من المؤكد ان ايران تستفيد من الفوضى القائمة في العراق، وتريد استمرارها اكثر من كافة الاطراف الاخرى لسبب بسيط هو ان استقراره يمكن ان يهدد النظام الايراني الذي يسعى لان يكون شيئا اكبر في المنطقة، اذ يرى الكثيرون فيها ان ايران يمكن ان تمثل تحديا ناجحا للولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الاوسط، لاسيما اذا ما اصبحت دولة نووية.
وفي هذا الاطار، يرى الكثيرون من المراقبين ان ايران تشكل تهديدا رئيسيا لوجود اسرائيل اكثر من التحدي الذي تواجهه الدولة العبرية من جانب الفلسطينيين.
غير ان بقاء اسرائيل يعتمد، كما يقول المحللون، على الاستمرار في اثارة الفوضى في هذه المنطقة التي تتميز بطبيعة معقدة، وذلك حتى تضمن اسرائيل التأييد الامريكي لها على نحو متواصل.
ويبدو ان كسب ود المعارضة الايرانية يبقى امرا محفوفا بالشكوك بالنسبة للامريكيين، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار تجاربهم السابقة مع مجموعات المعارضة العراقية في المنفى التي ساعدتها الولايات المتحدة في الاطاحة بصدام حسين.
اذ لو كانت الاطاحة بالنظام الايراني سهلة، كما يتصور البعض، لتمكنت المعارضة من القيام بذلك منذ زمن بعيد، وهذا ما دفع العديد من الخبراء للنصح باختيار الدبلوماسية كوسيلة لحل المسائل المهمة مع ايران.
وفي هذا السياق، يمكن القول ان من السذاجة الاعتقاد ان زعماء الاكراد العراقيين يجرون محادثات مع سورية وايران دون موافقة ادارة بوش.
فما ان اعلن الرئيس الامريكي استعداده للاتصال بايران اذا ما تخلت عن عملية تخصيب اليورانيوم، حتى بدأ الاكراد العراقيون، الذين يعتمدون في بقائهم على علاقتهم الطيبة مع واشنطن، خطواتهم الاولى على ذلك الطريق.
بالطبع لا احد يستطيع الانكار ان المنطقة تنزلق الى المزيد من الفوضى والتعقيد، وتبدو عصية على المحاولات التي تستهدف تغيير مجرى الاحداث.
لكن مع هذا، لا تزال هناك فرصة للتعامل مع ايران اذا ما اعلن بوش اولا سقوط شعار laquo;محور الشرraquo;، واكد ثانيا ان الولايات المتحدة لا ترغب بالقيام بعمل عسكري laquo;وقائيraquo; ضد ايران.
على اية حال، اذا كان ثمة من يتساءل حول اهداف ايران الحقيقية، وما اذا كانت تسعى لتصعيد مستوى التوتر من اجل توجيه لاسرائيل، الا ان هناك من يتساءل ايضا حول دوافع الولايات المتحدة، اذ لم يعد الا القليلون يعتقدون ان الهدف الامريكي في العراق والتدخل فيه كان من اجل نشر الديموقراطية في الشرط الاوسط.
بيد ان اندلاع حرب اقليمية اكبر بأبعاد معقدة، وبعنف يصعب احتواؤه، هو اكثر ما يخشاه معظم المراقبين.

تعريب نبيل زلف، الوطن