الإثنين 04 ديسمبر2006
د. حسن مدن
اكتملت الصورة النهائية لمجلس النواب البحريني الجديد بظهور نتائج دور الإعادة الذي تنافس فيه اثنان وعشرون مترشحا في إحدى عشرة دائرة، وانتهى الأمر باستحواذ تحالف الإخوان المسلمين والسلف على غالبية المقاعد التي لم يحسم أمرها في الدور الأول، فيما ذهبت بقية المقاعد إلى عناصر قريبة من الحكومة، باستثناء مقعد واحد ذهب للناشط السياسي عزيز ابل المدعوم من جمعية الوفاق الإسلامية، وبخسارة عبد الرحمن النعيمي وزميلين آخرين له من قائمة جمعية العمل، يكون التيار الديمقراطي والليبرالي قد فقد كل الفرص في أن يكون له تمثيل في المجلس النيابي، خاصة بعد إخفاق أعضاء كتلة الوحدة الوطنية المدعومة من المنبر الديمقراطي في إيصال ابرز مترشحيها: النائبين السابقين عبد النبي سلمان وعبد الهادي مرهون في الدور الأول.
نحن الآن إزاء برلمان تسيطر عليه سيطرة تكاد تكون مطلقة وكلية التيارات الإسلامية السنية والشيعية على حد سواء، ويتوقع المراقبون انه رغم الفروقات المذهبية، فان الكتل الإسلامية في المجلس ستجد قواسم مشتركة فيما بينها في العديد من القضايا، لكن هؤلاء المراقبين يعبرون، بالمقابل، عن قلقهم من أن ينشغل المجلس بخلافات ذات طابع طائفي على خلفية الاستقطاب الحاد في المجتمع في اللحظة الراهنة الذي تغذيه التطورات في المحيط الإقليمي: الوضع في العراق والملف الإيراني.
لا يخفي ممثلو التيار الديمقراطي مرارتهم وخيبة أملهم الشديدة من النتائج التي انتهت إليها الانتخابات النيابية، وكذلك البلدية، والتي لم تسفر عن وصول حتى وجه واحد يمثل هذا التيار، رغم أن جمعية الوفاق المعارضة قدمت دعما مهما لممثلي جمعية العمل الديمقراطي، ولكن بعد أن ضمنت الوفاق السيطرة التامة على الدوائر ذات الأغلبية الشيعية، حيث نجحت في إيصال سبعة عشر نائبا عنها يمثلون نحو 45% من أعضاء المجلس الأربعين، ورغم هذا العدد الكبير فان كتلة الوفاق تظل أقل من أن تشكل الأغلبية في البرلمان الجديد، مما يحول بينها وبين تمرير ما تراه إزاء الملفات الحيوية من دون توافق مسبق مع الحكومة أو مع الكتلة السنية التي هي اقرب الى الموقف الحكومي.
غياب النواب ذوي التوجهات الوطنية والديمقراطية سيعني ببساطة غياب تلك الوجوه القادرة على أن تكون جسورا بين الكتل المختلفة المؤهلة لتغليب الهم الوطني المشترك، ولأن تضفي على المجلس طابعا غير طائفي يخشى من أن تؤدي إليه التركيبة الراهنة لهذا المجلس. وفضلا عن اتهامات وجهتها المعارضة الديمقراطية حول تدخلات حكومية في التأثير في مخرجات الانتخابات أدت إلى خسارة بعض مرشحيها كما في حالات الدكتورة منيرة فخرو وعبد الرحمن النعيمي ومرشح المنبر الديمقراطي علي محمد حسين، فان دلائل أخرى تشير إلى اتجاه مكونات التيار الديمقراطي في البحث الجدي في أسباب القصور الذاتي لهذا التيار، كما هو عليه الحال في البلدان العربية الأخرى، والتي أدت إلى تضاؤل المساحات التي كان يغطيها في المراحل السابقة، والتي نجم عنها، في حال البحرين، تراجع دور القادة الوطنيين لمصلحة تنامي دور أمراء وزعماء الطوائف، مما يشكل خطرا على تماسك النسيج الوطني والاجتماعي ويغلب الانتماءات الفرعية على الانتماء الوطني المشترك.
التعليقات